الأماكن العشر التي لا يجوز الصلاة فيها :
اذكر لك بعضا من اقوال اهل العلم , وخاصة من كتاب فتح الباري لابن رجب لانك نسخت منه ما يوافقك , ومن كتاب التمهيد لابن عبد البر لانك نسخت ما يوافقك :
الصلاة في القبور :
فتح الباري لابن رجب - (3 / 195)
وأما ما ذكره البخاري : أن عمر لم يأمر أنسا بالإعادة .
فقد اختلف في الصلاة في المقبرة : هل تجب إعادتها ، أم لا ؟
وأكثر العلماء على أنه لا تجب الإعادة بذلك ، وهو قول مالك ، والشافعي ، واحمد في رواية عنه .
والمشهور عن أحمد الذي عليه عامة أصحابه : أن عليه الإعادة ؛ لارتكاب النهي في الصلاة فيها .
وهو قول أهل الظاهر - أو بعضهم - ، وجعلوا النهي هاهنا لمعنى يختص بالصلاة من جهة مكانها ، فهو كالنهي عن الصلاة المختص بها لزمانها كالصلاة في أوقات النهي ، وكالصيام المنهي عنه لأجل زمنه المختص به كصيام
العيدين .
حتى أن من أصحابنا من قال : متى قلنا : النهي عن الصلاة في المقبرة والأعطان ونحوها للتحريم ، فلا ينبغي أن يكون في بطلان الصلاة فيها خلاف عن أحمد ، وإنما الخلاف عنه في عدم البطلان مبني على القول بأنه
مكروه كراهة تنزيه .
وأكثر العلماء على أن الكراهة في ذلك كراهة تنزيه ، ومنهم من رخص فيه .
فتح الباري لابن رجب - (3 / 195)
قال ابن المنذر : اختلفوا في الصلاة في المقبرة ، فروينا عن علي وابن عباس
وعبد الله بن عمرو وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلاة فيها . واختلف عن مالك فيه ، فحكى ابن القاسم عنه أنه قال : لا باس به ، وحكى أبو مصعب عنه أنه قال : لا أحب ذلك .
قلت : قد استدل البخاري بذلك - أيضا - وعقد له بابا مفردا ، وسيأتي في موضعه - إن شاء الله تعالى .
قال ابن المنذر : وقد قال نافع مولى ابن عمر: صليتا على عائشة وأم سلمه وسط البقيع ، والإمام يومئذ أبو هريرة ، وحضر ذلك ابن عمر .
قلت : صلاة الجنازة مستثناة من النهي عند الإمام أحمد وغيره ، وقد سبق قول أحمد في ذلك . وقال أيضاً -: لا يصلي في مسجد بين المقابر إلا الجنائز ؛ لأن الجنائز هذه سنتها .
يشير إلى فعل الصحابة - رضي الله عنهم - .
قال ابن المنذر : وروينا أن واثلة بن الأسقع كان يصلي في المقبرة ،غير أنه لا يستتر بقبر .
قلت : لأنه هو روى عن أبي مرثد حديث النهي عن الصلاة إلى القبور، فكان يخص النهي بحاله استقبال القبر خاصة .
قال ابن المنذر : وصلى الحسن البصري قي المقابر .
فتح الباري لابن رجب - (3 / 195)
واختلف القائلون بالكراهة في علة النهي :
فقال الشافعي : علة ذلك النجاسة ، فإن تراب المقابر يختلط بصديد الموتى ولحومهم ، فإن كانت طاهرة صحت الصلاة فيها مع الكراهة ( كراهة تنزيه ) .
فتح الباري لابن رجب - (3 / 197)
ووجدنا في كتاب مصنف على مذهب سفيان الثوري : وإذا صلى الرجل وبين يديه ميت تنحى عنه . إنما كره الصلاة إلى القبور من اجل الميت ، فإن صلى إليها فلا باس .
وفيه - أيضا- : قال سفيان : ويكره أن يصلي الرجل إلى القبور أو ما بين
القبور . ثم قال : ومن صلى إلى القبور فلا إعادة عليه .
وفيه : قال : ولا تعجبني الصلاة على الجنازة في المقبرة .
شرح ابن بطال للبخاري - (3 / 102)
اختلف العلماء فى الصلاة فى المقبرة، فروى عن عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو أنهم كرهوا الصلاة فى المقبرة، وروى عن عطاء، والنخعى، وبه قال أبو حنيفة، والثورى، والأوزاعى،
والشافعى، واختلف فيه قول مالك فروى عنه أبو المصعب أنه قال: لا أحب ذلك، وروى عنه ابن القاسم أنه قال: لا بأس بالصلاة فيها.
وكل من كره الصلاة من هؤلاء لا يرى على من صلى فيها إعادة، وقال أهل الظاهر: لا تجوز الصلاة فى المقبرة، قال ابن المنذر: وحجة الذين كرهوا ذلك قول الرسول: « اجعلوا من صلاتكم فى بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا »
، وفى قوله هذا دليل على أن المقبرة ليست بموضع للصلاة، وسيأتى ما قيل فى هذا المعنى فى آخر كتاب الصلاة فى باب: التطوع فى البيت، إن شاء الله.
وحجة من أجاز الصلاة فيها قوله عليه السلام: « جعلت لى الأرض مسجدًا وطهورًا؛ فأينما أدركتنى الصلاة صليت » ، فلم يخص موضعًا من موضع، فهو عام فى المقبرة وغيرها.
قال مالك: وقد بلغنى أن بعض أصحاب رسول الله كان يصلى فى المقابر، وحكى ابن المنذر أن واثلة بن الأسقع كان يصلى فى المقبرة غير أنه كان لا يستتر بقبر، وصلى الحسن البصرى فى المقابر.
فيض البارى فى شرح صحيح البخارى للكشميرى - (2 / 181)
وقد مَرَّت المسألة عن «الجامع الصغير» أنَّه إذَا وَضَعَ بينَهُ وبين القبرِ سُتْرَة لا يُكْرَه وإلا كَرِه، وإنْ كان القبرُ في جوانبه لا يُكْرَه.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (1 / 168)
قال أبو عمر: هذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء والصالحين مساجد وقد احتج من لم ير الصلاة في المقبرة ولم يجزها بهذا الحديث وبقوله: "إن شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد". وبقوله
صلى الله عليه وسلم: "صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا" وهذه الآثار قد عارضها قوله صلى الله عليه وسلم "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" وتلك فضيلة خص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز على فضائله
النسخ ولا الخصوص ولا الاستثناء وذلك جائز في غير فضائله إذا كانت أمرا أو نهيا أو في معنى الأمر والنهي وبهذا يستبين عند تعارض الآثار في ذلك أن الناسح منها قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا
وطهورا". وقوله لأبي ذر: "حيثما أدركتك الصلاة فصل فقد جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" .
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (5 / 43)
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري وثنا".
يقول رحمه الله عند شرحه لهذه الاحاديث التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (5 / 45)
قال أبو عمر:
الوثن الصنم وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته
أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ويسجد نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك"
، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها وذلك
الشرك الأكبر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم......
وقد احتج بعض من لا يرى الصلاة في المقبرة بهذا الحديث ولا حجة له فيه.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (5 / 220)
ففضائله صلى الله عليه وسلم لم تزل تزداد إلى أن قبضه الله فمن هاهنا قلنا أنه لا يجوز عليها النسخ ولا الاستثناء ولا النقصان وجائز فيها الزيادة وبقوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض كلها مسجدا
وطهورا" أجزنا الصلاة في المقبرة وفي الحمام وفي كل موضع من الأرض إذا كان طاهرا من الأنجاس لأنه عموم فضيلة لا يجوز عليها الخصوص ولو صح عنه عليه السلام أنه قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام".
فكيف وفي إسناد هذا الخبر من الضعف ما يمنع الاحتجاج به فلو صح لكان معناه أن يكون متقدما لقوله: "جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا" ، ويكون هذا القول متأخرا عنه فيكون زيادة فيما فضله الله به صلى الله
عليه وسلم.
قال العلاّمة الطِّيبي في (شرحالمشكاة) 2/235:
(( لمّا كاناليهود والنّصارىيسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ،ويجعلونها قبلة ، ويتوجّهون في الصّلاة نحوها ، فاتّخذوها أوثاناً ، لعنهم،ومنع المسلمين عن مثل ذلك ، ونهاهم عنه . أمّا مَن اتّخذ مسجداً
في جوار صالح ،أو صلّى في مقبرته ، وقصد به الاستظهار بروحه ، أو وصول أثرٍ مِن آثار عبادته إليه، لا لتعظيم له والتّوجّه نحوه ،فلا حرج عليه ))انتهى
و مع الشكر