ما حكم الإفطار ناسياً في صيام النافلة؟ هل يتم إكمال الصيام؟ أم يعتبر مفطراً
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الأكل والشرب سهواً في صيام النافلة وفي غيره لا يفطر، لحديث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لمن أكل ناسيا في نهار رمضان: (إنما أطعمك الله وسقاك) رواه أبو داود
لا شك أن النسيان من طبيعة الإنسان وهو من الأمور الخارجة عن ارادته وأن من يسر الشريعة الإسلامية أنها لا تكلف حال نسيانه يقول الله تعالى « ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم » والنسيان ليس من كسب القلوب وقد
ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه الطبراني والدار قطني والحاكم بألفاظ مختلفة وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي وغيرهم.
والمقصود بالرفع هنا هو حكم هذه الأمور الثلاثة المذكورة في الحديث والحكم المرفوع هو حكم الدنيا وحكم الآخرة وهذا الكلام ينطبق على من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فلا اثم علي ولا قضاء عليه وليتم صومه وقد
ثبت في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» رواه البخاري ومسلم.
وورد في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم قال «إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله اليه ولا قضاء عليه» رواه الدارقطني وقال اسناده صحيح كلهم ثقات كما نقله ابن الجوزي في التحقيق
22/87.
وبهذا يظهر أن من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة وهذا الحكم في مطلق الصوم فرضا كان أو نفلا ولا وجه لمن فرق بين صوم الفريضة وصوم النافلة في هذا الحكم وكذلك لا فرق
بين أن يأكل الصائم أو يشرب قليلا أو كثيرا فالحكم لا يختلف ما دام أن الأمر وقع نسيانا فلا حرج في ذلك فقد ورد في الحديث عن أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم اسحق رضي الله عبها أنها كانت عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ومعه ذو اليدين –صحابي- فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرقا –عظم عليه لحم- فقال يا أم اسحق أصيبي من هذا فذكرت أني كنت صائمة فرددت يدي لا أقدمها ولا
أؤخرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم مالك؟ قالت كنت صائمة فنسيت فقال ذو اليدين الآن بعد ما شبعت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله اليك رواه احمد والطبراني في الكبير كما
قال الهيثمي .
ويشرع في حق من رأى إنسانا يعلم أنه صائم فرآه يأكل أو يشرب أن يذكره يصومه لأن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى يقول الله تعالى « وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» .
ويتأكد هذا التذكير إذا كان الصائم يأكل أو يشرب في رمضان نسيانا فعليه أن يذكره لأن الأكل والشرب في نهار رمضان من المنكرات والرسول صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكرا فليغيره
بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم إلا أن ذلك معفو عنه لأنه وقع نسيانا ووقوعه نسيانا من الصائم لا يعفي من رآه من تذكيره .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم وإن شاء أفطر } فإن أفطر فلا شيء عليه وهي كذلك ،