قبل ان اذكر من الذي بقي لنذكر من هرب
عمر بن صهاك الحبشيّة في غزوة أُحد (3هـ)
- روى الواقدي في مغازيه في ما نزل من القرآن بأحُد بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف:
إنّ إبليس تصوّر في صورة يوم أُحد في صورة جُعال بن سُراقة الثَّعلبي فنادى: (إنّ محمّداً قد قُتل)؛ فتفرّق النّاس في كلّ وجه، فقال عمر: إنّي أَرقى في الجبل كأنّي أُوْرِية حتّى انتهيت إلى رسول الله صلّى
الله عليه [وآله] وسلم وهو يُنزَلُ عليه: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ..) الآية(2).
- وروى ابن جرير الطبري وعنه السيوطي في تفسيريهما عن عاصم بن كليب عن أبيه، قال:
خطب عمر بن الخطاب يوم الجمعة فقرأ آل عمران وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها فلما انتهى إلى قوله: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ).
قال: لما كان يوم أحد هزمناهم ففررت حتى صعدت الجبل فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى والنّاس يقولون: قُتل محمّد.
فقلت: لا أجد أحدا يقول قتل محمد إلا قتله حتى اجتمعنا على الجبل، فنزلت، (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ)(3).
(2) محمّد بن عمر الواقدي، كتاب المغازي، تحقيق مارسْدن جُونس، (ط3، بيروت، عالم الكتب، 1404/ 1984)، ج1، ص321.
(3) محمّد بن جرير الطّبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق خليل الميس وصدقي جميل العطار، (بيروت، دار الفكر، 1415/ 1995)، ج4، ص96؛ وعنه: جلال الدّين السّيوطي، الدرّ المنثور في التّفسير بالمأثور،
(بيروت، دار المعرفة، لات)، ج2، ص80.
فرار عثمان يوم احد
مسند احمد - الامام احمد بن حنبل ج 1 ص 68 :
عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمر وثنا زائدة عن عاصم عن شقيق قال لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد ابن عقبة فقال له الوليد ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان رضى الله عنه فقال له عبد الرحمن أبلغه
اني لم أفر يوم عينين قال عاصم يقول يوم أحد ولم أتخلف يوم بدر ولم أترك سنة عمر رضى الله عنه قال فانطلق فخبر ذلك عثمان رضى الله عنه قال فقال اما قوله اني لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني بذنب وقد عفاالله
عنه فقال ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم وأما قوله اني تخلفت يوم بدر فاني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ماتت وقد ضرب
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمي ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه فقد شهد واما قوله .....
علة عدم قتل عمر للمشركين في الحروب
عدم قتل كفار قريش لعمر بن الخطاب في أرض المعركة في حادثتين ، بعد أن تمكنوا من قتله : 1 - في معركة أحد تمكن خالد بن الوليد مع سريته من قتل عمر يوم كان وحده فلم يقتله ، إذ جاء عن خالد : " رأيت عمر بن
الخطاب رحمه الله ، حين جالوا وانهزموا يوم أحد ، وما معه أحد ، وإني لفي كتيبة خشناء ، فما عرفه منهم أحد غيري ، فنكبت عنه ، وخشيت إن أغريت به من معي أن يصمدوا له (مغازي الواقدي 1 / 237) .
2 - وتمكن ضرار من قتل عمر في معركة أحد فلم يقتله (السيرة الحلبية ، الحلبي الشافعي 2 / 321) .
3 - وفي معركة الخندق تمكن ضرار بن الخطاب الفهري من قتل عمر بن الخطاب فلم يقتله ، إذ جاء : " وحمل ضرار بن الخطاب الفهري على عمر بن الخطاب بالرمح ، حتى إذا وجد عمر مس الرمح رفعه عنه
وقال : هذه نعمة مشكورة فاحفظها يا بن الخطاب
(مغازي الواقدي 1 / 471 ، مختصر تاريخ دمشق ، ابن عساكر 11 / 156 ، 157 ، طبقات الشعراء ص 63 ، البداية والنهاية 3 / 107 )
هذه النصوص توضح بأن كفار قريش لا يرغبون في قتل عمر بن الخطاب ، ويريدون الحفاظ على حياته . وهذا خطير جدا معناه معرفتهم بواقع عمر . والأمر يستلزم بالمقابل عدم إقدام عمر على قتل رجال قريش ، وفعلا حدث
هذا ، إذ فر عمر في كل حروب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) مع الكفار ومع اليهود وقد عير عمرو بن سعيد بن العاص الأموي عمر بن الخطاب لامتناعه من الالتحاق بحملة أسامة في زمن أبي بكر( تاريخ اليعقوبي 2 /
133) .
فلم يستخدم عمر سيفه في قتل أي كافر أو يهودي إذ جاء عن عبد الله بن عمر : " كان سيف عمر فيه فضة أربع مائة درهم ، وقد أخذ معاوية سيف عمر ، ولم يستعمله أيضا
(كنز العمال 6 / 694 ح 17448)
بينما قتل ضرار بن الخطاب الفهري وخالد بن الوليد الكثير من المسلمين في معاركهم ضد الإسلام
يوم أحد، وما أدراك ما يوم أحد، لم يثبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلا من ضحى بنفسه في سبيل الله.
أورد الشيخ الصدوق قدس الله سره في علل الشرائع، رواية صحيحة سندا في إثبات ثبات علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أحد، وهي:
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ومحمد بن أبي عمير جميعا عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لما كان يوم أحد انهزم أصحاب رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبو دجانة سماك بن خرشة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا دجانة، أما ترى قومك قال بلى، قال: إلحق
بقومك، قال: ما على هذا بايعت الله ورسوله، قال: أنت في حل، قال: والله لا تتحدث قريش بأني خذلتك، وفررت حتى أذوق ما تذوق، فجزاه النبي خيرا، وكان علي عليه السلام كلما حملت طائفة على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم استقبلهم وردهم حتى أكثر فيهم القتل والجراحات حتى انكسر سيفه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، إن الرجل يقاتل بسلاحه، وقد انكسر سيفي، فأعطاه عليه السلام سيفه،
ذا الفقار، فما زال يدافع به عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أثر وانكسر، فنزل عليه جبرئيل وقال يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي لك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنه مني وأنا منه،
فقال جبرئيل: وأنا منكما، وسمعوا دويا في السماء، لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي.