فقد صرّح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) من بعده في عدة أحاديث، من بداية الدعوة الاسلامية وإلى رزيّة يوم الخميس
، ومن تلك الأحاديث :1- حديث الدار :
اخرج الطبري وغيره ، بسنده عن علي بن أبي طالب ، أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، (( وأنذر عشيرتك الاقربين )) دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، وقال لي : يا
علي ، .... إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه .
تاريخ الطبري : 2 / 63 ، وابن الأثير في الكامل : 2 / 24 ، وأبو الفداء الدمشقي في تاريخه : 3 / 40 ، والخازن في تفسيره : 390 . وغيرهم من الحفّاظ وأساتذة الحديث وأئمة الأثر .
فهل تجد اصرح من هذه العبارة ؟2- حديث الولاية :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) : ( أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ) هذا لفظ أبي داود في مسنده : 360 رقم 2752 ـ دار المعرفة ـ بيروت ، أو (أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة ) وهذا لفظ
الحاكم في المستدرك : 3 / 134 ، أو ( أنت وليّي في كل مؤمن بعدي ) وهذا لفظ احمد في المسند : 1 / 545 ذيل حديث 3052 .
أليس هذا الحديث يدل على ثبوت الاولوية بالتصرف لعلي (عليه السلام) وهذه الاولوية مستلزمه للامامة .
ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) في تكملة هذا الحديث ـ كما في المستدرك للحاكم ، وفي المختارة للضياء المقدسي ، وفي المعجم الاوسط : 5 / 425 ، وفي غيرها من المصادر ـ : ( إنه [ أي علي ] لا يفعل إلاّ ما
يؤمر ) ، أو : ( إنّما يفعل علي بما يؤمر به ) . وهذه العبارة تدل دلالة واضحة على عصمته (عليه السلام) .3- حديث الغدير :
أخرج أحمد بن حنبل بسند صحيح عن زيد بن أرقم قال : نزلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بواد يقال له : وادي خم ، ..... قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ( فمن كنت مولاه فإن علياً مولاه ، اللهم
عاد من عاداه ووال من والاه ) مسند أحمد : 5 / 501 رقم 18838 ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت .
فأثبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في هذا الحديث لعلي (عليه السلام) ما ثبت له من الاولوية بالناس من الناس ، أي من أنفسهم ، ثمّ إنّهم ( أي الصحابة ) جميعاً بايعوه علي هذا وسلموا عليه بإمرة
المؤمنين ، وهنّأوه ، ونظمت فيه الاشعار ولا يمكن حمل الولاية على معنى المحب والصديق وغيرهما لمنافاته للمطلوب بالقرائن الحالية والمقالية .أما المقالية : فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ذكر
ولاية علي بعد ولاية الله وولايته ، ثم جاء بقرينة واضحة على إن مراده من الولاية ليس هو الصديق والمحب وما شاكل ، وذلك بقوله ( وأنا أولى بهم من أنفسهم ) فهي قرينة تفيد إنّ معنى ولاية الرسول هي الولاية
على النفس ، فنفس هذه الولاية ثابتة أيضاً لعلي (عليه السلام) ، وذلك لقوله ( من كنت مولاه فهذا مولاه ) .وأما الحالية : فإن أي إنسان عاقل إذا نعيت إليه نفسه وقرب أجله تراه يوصي بأهم الأمور عنده وأعزها
عليه . وهذا ما صنعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حينما حج حجة الوداع ، حيث جمع المسلمين وكانوا أكثر من مئة ألف في يوم الظهيرة في غدير خم ويخطبهم تلك الخطبة الطويلة بعد أن أمر بارجاع من سبق
وانتظار من تأخر عن المسير ، بعد أمره لتبليغ الشاهد الغائب .
كل هذا فعله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليقول للناس إن علياً محب لكم صديق لكم ، فهل يليق بحيكم ذلك ؟ وهل كان خافياً على أحد من المسلمين حب علي للاسلام والمسلمين ؟ وهو الذي عرفه الاسلام باخلاصه
وشجاعته وعلمه وإيمانه .
أم ان ذلك يشكل قرينة قطعية على أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) جمعهم لينصب بعده خليفة بأمر الله تعالى (( يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس ))
.وأما الادلة الدالة على عصمة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فكثيرة منها :1- قوله تعالى : (( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا )) (الاحزاب:33) ، فإن الآية صريحة في تعلّق
إرادته تعالى بتطهير أهل البيت (عليهم السلام) ، ومنهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والمراد من تطهيرهم هو تطهيرهم من الشرك والكفر والشكّ ودنس الذنب ومعصية الله وكلّ ما يعدّ رجساً . اذن هي صريحة في
الدلالة على عصمة أهل البيت .2- قوله تعالى : (( فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) (آل
عمران:61) .
هذه الآية الشريفة نزلت في حق النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهـم أجمعيـن ـ باجماع الفريقين .
تحديث للسؤال برقم 1
يستفاد منها ان هؤلاء الخمسة لولا انهم معصومون مبرّؤن من جميع الخطايا والذنوب ما صاروا بهذه الرتبة التي لا فوقها رتبة ، حيث جعل القسم بهم فارقاً بين الحق والباطل ، هذا أولاً
.
وكذلك : جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) والرسول معصوم بالاتفاق اذن علي كذلك .3- قوله تعالى : (( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) (النساء:59) ، فهذه
الآية تدل على اعتبار العصمة في افولي الأمر، ومن اولي الأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) .
قال فخر الدين الرازي : 10 / 144 في ذيل هذه الآية : ( ان الله تعالى أمر بطاعة اولي الامر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابد وان يكون معصوماً عن الخطأ ... )
.4- عن الله بن عباس ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول : ( انا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون ) فرائد السمطين : 2 / 313 .5- قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلّم) : ( يا أيها الناس إني تارك فيكم ما ان اخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) صحيح الترمذي : 5 / 328 ، الحاكم في المستدرك : 3 / 148 ، مسند أحمد : 5 / 189 .
وهو كما ترى صحيح بأن الائمة من أهل البيت معصومون أولاً لان كتاب الله معصوم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو كلام الله ، ومن شك فيه كفر .
وكذلك : لان المتمسك بهما ( الكتاب والعترة ) يأمن من الضلالة فدلّ هذا الحديث على أن الكتاب والعترة لا يجوز فيهما الخطأ .6- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ( إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل
سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ) مستدرك الحاكم : 2 / 343 ، كنز العمّال : 5 / 95 ، الصواعق المحرقة لابن حجر : 184 .
وهو كما ترى صريح في أن الائمة من أهل البيت (عليه السلام) معصومون عن الخطأ ، ولذلك يأمن وينجو كل من ركب سفينتهم وكل من تأخّر عن ركوب سفينتهم غرق في الضلالة .7- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
: ( من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي ، وهي جنة الخلد ، فليتولّ علياً وذريته من بعده فإنهم لن يخرجوكم باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة ) كنز العمال : 5 / 155 ، مجمع الزوائد
للهيثمي : 9 / 108 ، تاريخ ابن عساكر : 2 / 99 ، مستدرك الحاكم : 3 / 128 ، حلية الأولياء : 4 / 349 .
وهو كما ترى صريح في أن الائمة من أهل البيت وهم علي وذريته معصومون عن الخطأ لانهم لن يدخلوا الناس الذين يتّبعوهم في باب ضلالة ، ومن البديهي أن الذي يجوز عليه الخطأ لا يمكن له هداية الناس .8 قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ( أنا المنذر وعلي الهادي ، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي ) تفسير الطبري : 13 / 108 ، تفسير الرازي : 5 / 271 ، تفسير ابن كثير : 2 / 502 .
وهذا الحديث هو الآخر صريح في عصمة الامام كما لا يخفى على أولي الالباب .9- روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ( من اطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليا فقد أطاعني ،
ومن عصى علياً فقد عصاني ) مستدرك الحاكم : 3 / 121 .
ونصوّر هذا الحديث هكذا : طاعة علي طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، وبما أن طاعة رسول الله طاعة الله ، ينتج ان طاعة علي طاعة الله .
ومثل هذا : معصية علي معصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، ومعصية رسول الله معصية لله تعالى ، ينتج أن معصية علي معصية لله تعالى . فإن كانت ارادة علي (عليه السلام) تتخلّف عن ارادة الله ، وكان
ما يكرهه علي يتخلّف عمّا يكرهه الله فان القياس الاول باطل ، وهكذا القياس الثاني باطل أيضاً .
وإذا كان صحيحاًم وحقّاً فان انكار عصمة علي (عليه السلام) ظلم وباطل .10- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ( ... ، وسوف يخرج الله من صلب الحسين تسعة من الائمة امناء معصومون ، ... ) تاريخ دمشق
: 1 / 239 ح303 ، فرائد السمطين : 2 / 84 ، المعجم الكبير : 135 ، ذخائر العقبى : 135 ، مفتاح النجا : 263 .نكتفي بهذا المقدار من الآيات والأحاديث للاختصار وعليك بمراجعة كتاب ( عمدة النظر ) حيث ذكر (45)
حديثاً على عصمتهم (عليهم السلام)، كما ذكر اثنا عشر دليلاً عقلياً على عصمتهم (عليهم السلام).
الغدير من الادلة على امامة وعصمة الامام علي (عليه السلام), فمن كنت مولاه فإن علياً مولاه ، اللهم عاد من عاداه ووال من والاه, أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة, أنت وليّي في كل مؤمن بعدي, أنت وليّ كلّ
مؤمن بعدي, رزيّة يوم الخميس, حديث الدار, وأنذر عشيرتك الاقربين, إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه ,
---------
منقول للفائدة