من قتل الحسين؟
دور الشيعة الروافض في قتل الحسين ع
- أحمد الرواس-
تمر علينا كل محرم إحدى أحزن الذكريات في التاريخ الإسلامي ألا و هي ذكرى استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه. و استشهاد كثير من أفراد آل بيته الذين رافقوه في رحلته للإلتحاق بالكوفة حيث كان من
المفروض أن يلتحق بشيعته الذين ألحوا عليه بالخروج و الانقلاب على حكومة يزيد ..
فما هي القصة ؟ و من قتله أو ساهم في قتله وجمع من أهل بيته؟ هل يمكن الاكتفاء بالقول أن الذي قتله هو يزيد بن معاوية ؟ و هل أمر يزيد بقتل الحسين أو التمثيل بجسده الشريف فعلا ؟ فما هي القصة
الحقيقية لمقتل هذا الإمام العظيم؟ و ما هي الظروف التي استشهد فيها؟ و من هم قتلته الحقيقيون ؟ و لماذا يتم التستر على أولئك القتلة المجرمين ؟و لصالح من يتم التعتيم على القتلة الحقيقيين و هوياتهم؟ و
لماذا يتم التعتيم كذلك حتى على بعض أسماء آل البيت و أبناء علي رضي الله عنه الذين استشهدوا في كربلاء؟ و كيف ظهرت تلك الطقوس الدموية في دنيا الشيعة الرافضة التي أسموها بالتطبير حيث تراهم في كل محرم
يجلدون ظهورهم و أدبارهم و يشجون رؤوسهم و نواصيهم يالسيوف و المدي و يمزقون لحومهم بالسلاسيل المتخللة بشفرات الحلاقة في حفلات شيطانية تنفر منها الطباع السليمة و تمجها الأذواق الإنسانية جمعاء بله
الأمة الإسلامية التي كرمها الله بدين الوسطية و الاعتدال في كل شيء؟
كيف بدأت فصول تلك المأساة ؟ و لماذا قرر الحسين الخروج على يزيد؟
باختصار شديد أجمل الأمر فيما يلي:
بعد موت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يوم 1 رجب سنة 60 للهجرة تولى الخلافة بعده إبنه يزيد الذي لم يكن موضع إجماع، بل من تبقى يومئذ من صحابة الرسول ص قد نأوا بأنفسهم عنه، و كانوا يرونه ليس أهلا
للخلافة كما هو مشهور، و لا أجد غضاضة في القول أن معاوية رتب لاستخلاف ابنه يزيد ضد إرادة أولئك الصحابة رضوان الله عليهم، بتشجيع من رعاياه في كل من الشام و مصر، و هذا الأمر يعد خطأ فادحا وقع فيه معاوية
دونما تدخل في نية الرجل و تقديره السياسي للأمر، و حقيقة معرفته بابنه يزيد..بغض النظر عن كون غالبية الأخبار التي تتحدث عن يزيد و تنسب إليه النقائص و المجون هي أخبار واهية علميا، و كان من أولئك الصحابة
الذين أعلنوا رفضهم لتولية يزيد الحسين و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عمر و عبد الرحمن بن أبي بكر ، و ابن عباس ومحمد بن الحنفية ع و الحسين ع و غيرهم كثير ،لكن لما رأوا معاوية مصرًّا على
قراره لم يعلنوا الثورة عليه خشية نشوب الفتنة بين المسلمين، و حذراً من أن يؤدي ذلك إلى إراقة الدماء،ببعد فترة سادها السلام بعد الفتنة الكبرى، فآثروا الصبر على الوضع و لزوم الجماعة عملا بالقاعدة التي
تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإذا كان تقديرنا للأمور يقول بأن تنحية يزيد واستبداله بمن هو أفضل منه و أحسن سيجلب للمسلمين مصالح أكبر فإن الخطر من الوقوع في الفتن بسبب الثورة عليه و إعلان
العصيان العام و ما في ذلك من مفاسد كنشوب العداوات، و تمزيق الصف و إراقة دماء الأمة هي مفاسد أعظم من تلك المصالح و لذلك وجب درؤها بلزوم الجماعة و الحفاظ على الصف.
هذا كان موقف الصحابة و فيهم ترجمان القرآن و حبر الأمة عبد الله بن عباس و هذا التقدير للأمور أملاه عليهم اجتهادهم و نظرهم.و لعل هذا الموقف كان موقف الحسين ر أيضا إلى أن بدأت الرسائل و الكتب تتوافد
عليه من الكوفة معقل الشيعة .و كانت الرسائل تفد بالمآت! يقول المحدث الشيعي عباس القمي: «وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده في يوم واحد ستمائة كتاب من عديمي الوفاء أولئك، وهو مع ذلك يتأنى ولا يجيبهم، حتى
اجتمع عنده اثنا عشر ألف كتاب»(منتهى الآمال 1/430) . لكنه أراد أن يستوثق من الأمر فبعث ابن عمه الشهيد مسلم بن عقيل ليستطلع الأمر له فخرج مسلم من المدينة يووم 15 رمضان سنة 60 ه و لما وصل الكوفة
اجتمع عليه كل الشيعة في الكوفة فقرأ عليهم رسالة الحسين و هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين ، أمّا بعد : فإنّ فلاناً وفلاناً قدما عليّ بكتبكم ، وكانا آخر رسلكم ، وفهمت مقالة جلّكم : أنّه ليس علينا إمام فأقبل ، لعلّ الله يجمعنا
بك على الحق ، وإنّي باعث إليكم أخي ، وابن عمّي ، وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل ، فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم ، وقرأته في كتبكم ، أقدم عليكم
وشيكاً إن شاء الله تعالى.فما بقي أحد من الشيعة إلا أعطاه موثقه و وعده النصرة، بل أعطوه بيعتهم للحسين. و بلغ تعداد الشيعة الذين بايعوه 18 ألفا، فلم يبق لدى مسلم بن عقيل ريب في أن القوم ناصروا الحسين و
باذلين نحورهم دون نحره، فكتب على عجل إلى الحسين يستعجله الحضور إلى العراق ليكون إماما لشيعته، فوصل كتابُه الحسينَ يوم الثامن من ذي الحجة و هو يؤدي المناسك فقام على عجل متوجها إلى العراق دون أن يكمل
الحج مما يفسر شدة وثوق كل من مسلم بن عقيل و الحسين ع بالعهود التي قطعها الشيعة على أنفسهم له.
لكن ما لم يكن الإمام الحسين ر يعلمه هو أن مسلم بن عقيل قد استشهد في نفس اليوم الذي توصل هو بكتابه.
و لنترك الإمام الحسين يتوجه من مكة إلى العراق عبر المدينة المنورة و لننتقل إلى الكوفة، فبعد أن بعث مسلم بن عقيل بكتابه إلى الحسين انخذل الناس عن مسلم بن عقيل و نكثوا عهدهم بمجرد أن و صل عبيد الله بن
زياد اللعين – الشيعي الهوى- و الذي كان يزيد قد عينه على الكوفة عوضا عن النعمان بن بشير، فبمجرد أن أخذ يتوعدهم و يهددهم بجيش ينطلق من الشام لمحاربتهم حتى أخذوا ينكثون عهدهم واحدا تلو الآخر حتى
وجد مسلم نفسه يقف وحده دون نصير. بل وجد نفسه ضالا بين أزقة الكوفة هائما على وجهه لا يدري أين يذهب. إلى أن رقت امرأة لحاله فآوته، و عندما علم الطاغية بمكان اختبائه ألقى الجند عليه القبض بعد أن قاتل
قتالا الأبطال، دون أن يتحرك شيعي واحد من أولئك الذين أعطوه مواثقهم و وعدوه النصرة، فقتل كما قتل ابن هانئ الذي كان قد أخفاه في منزله.
عندما علم أهل المدينة بعزم الحسين على السفر إلى العراق حذروه من غدر الشيعة الذين خذلوا أباه كما خذلوا أخاه الحسن. و خافوا عليه القتل، و ذكَّروه بخيانة الشيعة و أنهم لا يأمَنون عليه القتل، و استحلفوه
بالله أن يعدل عن الخروج إليهم. يقول بن عباس ر " استشارني الحسين بن على في الخروج فقلت لولا أن يزري بي وبك الناس لشبثت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب .
ينقل ابن كثير ج 8ص173 عن يحيى بن معين حدثنا أبوعبيدة ثنا سليم بن حيان عن سعيد بن مينا قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول: " عجل حسين قدره والله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني ".
-وكان يقول:« أيضا :غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة , فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش , وأن يدخل في صالح ما دخل
فيه الناس, فإن الجماعة خير
وقال أبو سعيد الخدري : (رضي الله عنه) مخاطبا الحسين (رضي الله عنه) يا ابا عبد الله اني لك ناصح واني عليك مشفق وانه بلغني انه قد كاتبك قوم من شيعتك بالكوفة فلا تخرج اليهم فاني سمعت
اباك يقول عنهم : ( والله لقد مللتهم وابغضتهم وملوني وابغضوني وما يكون منهم وفاء قط ومن فاز بهم فاز بالسهم الاخيب والله ما لهم ثبات وعزم على الامر ولا صبر على شيء).اتق الله والزم بيتك ولا تخرج
وقال أبو واقد الليثي : «بلغني خروج الحسين بن علي - رضي الله عنهما - فأدركته بملل , فناشدته بالله ألاّ يخرج, فإنه يخرج في غير وجه خروج, إنما خرج يقتل نفسه, فقال: لا أرجع».
وقال جابر بن عبد الله :«كلمت حسيناً فقلت: اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض, فوالله ما حمدتم ما صنعتم؛ فعصاني»اهـ
قال ابن الأثير - في "أسد الغابة" (2/28)- عن خروج الحسين: «فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة؛ فتجهز للمسير؛ فنهاه جماعة؛ منهم: أخوه محمد ابن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم» اهـ.
و لكن الذي دفع الحسين إلى الخروج دفعا هي تلك الكتب التي أكدها كتاب مسلم بن عقيل، و إلا فكيف كان يريد الخروج للعراق و هو أصلا قد خرج لأداء مناسك الحج. بعد تكاثر الرسائل عليه أصبح الحسين ع
يرى إمكانية حسم الأمر مع يزيد بسرعة بواسطة الاعتماد على شيعة الكوفة، و نقمة أغلبية المسلمين على يزيد، و معارضة الصحابة له. بحيث لو تغلب عليه سوف يسارع كل المسلمين إلى مبايعته.
الحسين ع يصر على الالتحاق بشيعة العراق
إستعصى أمر رجوعه على الصحابة في المدينة و في مكة قبل ذلك فما كان منهم إلا أن تركوه يخرج، و بينما هو في الطريق إذ يلتقي الفرزدق الشاعر المعروف فيسأله عن أحوال الناس في العراق فيقول له جملة بليغة:
"الناس قلوبهم معك و سيوفهم عليك". فقد قرأ الشاعر الملهم الغدر في أعين الشيعة في الكوفة.
و فيما بعد سيتأكد له قول الفرزدق عندما وصله خبر استشهاد مسلم بن عقيل رضي الله عنه، و نكث الشيعة للوعود التي أعطوها، و هنا نُصح الحسين بالرجوع بعد أن استبان أمر خيانة الشيعة. لكنه لأمر قضاه الله
سيجعل من قتل ابن عمه مسلم بن عقيل دافعا له على المضي قدما.و هي رغبة آل مسلم بن عقيل الذين أرادوا الثأر لأبيهم أو أن يذوقوا الموت كما ذاق! فلم يكن للحسين ع أن يعارضهم. ثم بعد ذلك سيصله كتاب آخر من
مسلم ي