كان الشعراء المحبين في العصر الجاهلي كثيراً ما يذكرون كل شيء يتعلق بمحبوباتهم لا سيما الاماكن التي كن يسكن فيها و ما بقي عليها من اثار واطلال
فهذا هو الشاعر امرؤ القيس بدأ معلقته المشهورة بقوله :
قفا بنك من ذكرى حبيب و منزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجتها من جنوب و شـــمأل
نجد أن هذا الشاعر الفحل قد اجاد وابدع وقد قيل عنه أنه أول من وقف واستوقف وبكى واستبكى حيث أنه جرد شخصا أخر من نفسه وخاطبه طالبا منه الوقوف على منازل محبوته والبكاء على ما تبقى منها من اطلال في تلك
المواضع (توضح و المقراة ) حيث أن الاثار ما زالت باقيه ولم تنمحي رغم نسج الرياح الجنوبية والشمالية عليها .
اعتقد أن الرجل اجاد وابان وصور ما في نفسه من حب وشوق الى من سكنت روحه ووجدانه حتى انه تلمس صبابته في ما تبقى من اثار المنزل
وكذلك عنترة بن شداد العبسي فحل من فحول الشعراء وله معقلته المشهور وقد بدأها بقوله
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
اعياك رسم الدار لم يتكلم حتى تكلم كالاصم الاعجم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحاً دار عبلة و اسلمي
فوقفت فيها ناقتي و كأنها فدنٌ لأقضي حــــاجة المتلوم
و تحل عبلة بالجواء و أهلنا بالحزن فالصمان فالمتثــلم
حييت من طللٍ تقادم عهده أقوى و أقفر بعــد أم الهيثم
تواضع عنترة ايما تواضع حين قال هل غادر الشعراء من متردم وذلك أنه اوضح ان من سبقه من الشعراء لم يترك له شيء ليقوله من الشعر وذلك أن المتردم هو الثوب المرقع اي لم يبقى موضع في مساحة الشعر الا ووضعت به
رقعة وهو الفحل الذي عفّ واجاد وقال كلاما لم يقله احد من الشعراء وسياتي شرح ذلك في موضع اخر . والشاهد من هذه الابيات على وقوفه على الاطلال أنه قال حييت من طلل تقادم عهده .