روى مسلم في صحيحه ـ كتاب الصوم ـ صوم يوم عاشوراءـ عن ابن مسعود أنه قال: (( قد كان يصام (أي : يوم عاشوراء) قبل أن ينزل رمضان, فلما نزل رمضان ترك
)).
وإن الأحاديث الواردة في صوم يوم عاشوراء في الصحاح والمسانيد عند أهل السنة في غاية الاضطراب والتناقض, مما يقوي الظن بأن كل هذه الاحاديث مختلقه من قبل أجراء بني أمية:
ففي بعضها: أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء, فصامه النبي (ص), ثم أمر الناس بصومه حين قدم المدينة, ثم فرض صوم رمضان, ونسخ وجوبه وبقي مستحباً. (صحيح البخاري: ط 4/ دار ابن كثير واليمامة / كتاب
الصوم ـ رقم 1794, وكتاب فضائل الصحابة ـ رقم 3619, صحيح مسلم 8/4 ـ13).
وفي بعضها: أن النبي (ص) لم يكن ملتفتاً إلى صوم عاشوراء, وإنما علم به بعد قدومه المدينة من اليهود, فأمر به, لأحقيته من اليهود بموسى. (صحيح البخاري رقم 1900, ورقم 3726 و 3727).
فالاحاديث بين ما يسند صومه وصوم المسلمين بأمره (ص) إلى تقليد أهل الجاهلية, وبين ما يسنده الى تقليد اليهود وتشاهد في رواية مسلم وأبي داود أن النبي (ص) عند ما صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه لم يكن عالماً
بأن اليهود والنصارى يعظمون يوم عاشوراء, فماعلم به (ص) عزم على ترك صومه وقصد صوم اليوم التاسع, لكنه (ص) توفي قبل حلول العام المقبل. (صحيح مسلم 8/12 كتاب الصيام, سنن أبي داود 2/339).
فلا يعقل أن يغفل النبي (ص) طيلة تسعة أعوام عن تعظيم أهل الكتاب لليوم المذكور, فان الاحاديث الأخرى تدل على أنه (ص) صام يوم عاشوراء من أوائل دخول المدينة.
وكذلك تجد التناقض بين حديث مسلم وأبي داود هذا, وبين حديث مسلم وأبي داود الآخر عن ابن عباس: (( إذا رأيت هلال المحرم فاعدد واصبح يوم التاسع صائماً, قلت: هكذا كان رسول الله (ص) يصومه؟ قال: نعم )). (صحيح
مسلم 8/11 كتاب الصيام, سنن أبي داود 2/340).
قالمتأمل في هذه الروايات المتعارضة المتضاربة, يفهم أنها موضوعة مجعولة من قبل بني أمية, ويزيد في وضوح كذبها أنه لا أثر لهذا الصوم فيما نقل عن آثار أهل الجاهلية, وهؤلاء اليهود والنصارى لا يعرفون يوم
عاشوراء ولا صومه!!