: نصرت بالرعب مسيرة شهر يعني ممن نصرني الله به، الله ينصر نبيه بأسباب كثيرة، كإمداده وأصحابه بالملائكة إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ .
ومن نصر الله لنبيه ما يلقيه من الرعب في قلوب أعدائه الكافرين، الرعب، الخوف، فيقول: نصرت بالرعب مسيرة شهر معناه أن العدو يخافه وبينه وبينه شهر، مسيرة شهر؛ لأن المعتاد أن الرعب ما يجيء إلا
عند التقارب، قرب العدو من عدوه، مع القرب يحصل الخوف، لكن مع البعد، فيقول: نصرت بالرعب مسيرة شهر وهذا خبر عن هذه الخصيصة له عليه الصلاة والسلام.
وحددت بشهر ولا مفهوم للتقييد بشهر، فهذا لا ينفي أن يخافه العدو من مسافة أبعد، فهي هيبة وخوف يجعله الله في قلوب أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم وأعداء المؤمنين وهم الكافرون، الكفار، المشركون، اليهود،
النصارى، نصرت بالرعب مسيرة شهر وهذه الفضيلة له ولأمته بحسب اتباعهم له عليه الصلاة والسلام، فكلما كانوا أتبع له كان خوف العدو منهم بحسب ذلك؛ ولهذا لما فرطت الدول الإسلامية بالإسلام وأضاعوا
دين الله، استذلهم العدو وسلط عليهم العدو وصاروا يَخافون ولا يُخافون، يخافون ويرهبون من دول الكفر ولا يخافهم دول الكفر.
نعم الكفار يخافون الآن من الإسلام، يخافون أن يظهر ويقوى الإسلام ويكثر آله وتقوم له دولة مجاهدة، فهم يخافون من الإسلام؛ ولهذا هم يحاربون الإسلام بشتى أنواع الحرب وأعتاها وأخبثها، وشرها الحرب المعنوية،
وهو ما قد يسمى بالغزو الفكري.
وقد تهيأ لهم ذلك بما قدره الله من وسائل الحضارة ومن وسائل الإعلام المختلفة الباهرة التي استعملوها في الكيد للإسلام، يعني بأنفسهم وبكثير ومن المنتسبين للإسلام من المنافقين والفاسقين.
فهذه الخصيصة أقول إنها لا تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم، يعني بشخصه، بل هي ثابتة له في حياته ولأصحابه معه ولأتباعه على دينه بعد وفاته إلى يوم القيامة، كما جاء في الحديث الصحيح: لا تزال طائفة
من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى