شروط الزكاة
فرضت الزكاة في المال ووضعت لها شروط بتوافرها يكون المال محلا لوجوب الزكاة, وهذه الشروط شرعت للتيسير على صاحب المال, فيخرج المزكي زكاة ماله طيبة بها نفسه, فتتحقق الأهداف السامية التي ترمي
إليها فريضة الزكاة, وهذه الشروط هي:
الملك التام
النماء حقيقة أو تقديرا
بلوغ النصاب
الزيادة عن الحاجات الأصلية
حولان الحول
منع الثِّنَى في الزكاة
النماء حقيقة أو تقديرا
بمعنى أن يكون المال ناميا حقيقة أو تقديرا, ويقصد بالنماء الحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارة, ويقصد بالتقديري قابلية المال للزيادة, وذلك في الذهب والفضة والعملات, فإنها قابلة
للنماء بالمتاجرة بها فتزكى مطلقا, أما عروض القنية فلا تزكى لعدم النماء لا حقيقة ولا تقديرا
بلوغ النصاب
النصاب مقدار من المال معين شرعا لا تجب الزكاة في أقل منه, وإن من الشروط الواجب توافرها في الأموال الخاضعة للزكاة بلوغ النصاب, وينطبق على النقود والذهب والفضة وعروض التجارة والأنعام, وفي ذلك
ورد في الحديث النبوي: (أن الذهب لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ عشرين دينارا فإذا بلغ عشرين دينارا ففيها نصف دينار, والورِق - أي الفضة - لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغ مائتي درهم ففيها
خمسة دراهم).
ونصاب الذهب عشرون مثقالا وتساوي (85) جراما من الذهب الخالص, ونصاب الفضة مائتا درهم وتساوي (595) جراما من الفضة الخالصة, والنصاب في زكاة عروض التجارة هو ما قيمته (85) جراما
من الذهب الخالص, وللأموال الزكوية الأخرى أنصبتها, ويخضع للزكاة مقدار النصاب وما زاد عنه, أما ما دون النصاب فليس وعاءً للزكاة وهو معفو عنه, ويكفي أن يكتمل النصاب في طرفي الحول, ولا يضر
نقصانه أو انعدامه خلال الحول, ويضم المستفاد من المال خلال الحول إليه عند الحنفية والمالكية وهو أيسر في التطبيق وأبعد عن التعقيد ولقد أخذ به جمهور الفقهاء.
أثر الخلطة في النصاب والقدر الواجب إخراجه
الخلطة هي أن يعامل المال المملوك لاثنين أو أكثر معاملة المال الواحد بسبب الاتحاد في الأوصاف والظروف, كوحدة المرعى والسقي والإيواء في الغنم, ووحدة الأعباء والإجراءات والتصرف في أموال الشركات,
وقد ثبت مبدأ الخلطة في زكاة الأنعام, وأخذت به بعض المذاهب في غير الأنعام كالزروع والثمار, والنقود, فينظر حينئذ إلى أموال الشركاء كأنها مال واحد من حيث توافر النصاب وحساب القدر الواجب إخراجه
من الزكاة ففي النصاب مثلا: يتحقق النصاب في أغنام مملوكة لثلاثة, لكل منهم 15 شاة, لأن المجموع 45 شاة وهو أكثر من النصاب الذي هو (40) شاة, فيجب إخراج شاة واحدة, ولو نظر إلى مال
كل منهم على حدة لما اكتمل النصاب ولما أخذت منهم زكاة.
الزيادة عن الحاجات الأصلية
العروض المقتناة للحاجات الأصلية مثل دور السكنى وأدوات الحرفة وآلات الصناعة ووسائل المواصلات والانتقالات - كالسيارة - وأثاث المنزل, لا زكاة فيها, وكذلك المال المرصد لسداد الدين على تفصيل يأتي في
موضعه, فإن المدين محتاج إلى المال الذي في يده ليدفع عن نفسه الحبس والذل, ولذلك فلا زكاة في الأموال المرصدة للحاجات الأصلية.
حولان الحول
هو أن ينقضي على بلوغ المال نصابا اثنا عشر شهرا بحساب الأشهر القمرية, وإذا تعسر مراعاة الحول القمري - بسبب ربط الميزانية بالسنة الشمسية- فإنه يجوز مراعاة السنة الشمسية على أن تزاد النسبة المئوية
الواجب إخراجها وهي:2.5% لتصبح 2.577 مراعاة نسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية عن السنة القمرية
ولا يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار لقوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) (الأنعام 141) كما لا يشترط كذلك الحول في زكاة المعادن والركاز باتفاق الفقهاء
منع الثِّنَى في الزكاة
إذا زكى المال ثم تحول إلى صورة أخرى مغايرة له, كالمحصول الزراعي إذا زكى ثم بيع بثمن, أو الماشية التي زكيت ثم بيعت بثمن فالثمن الناشئ من بيع مال يزكى إذا حصل خلال الحول لا يزكى عند حولانه لأن
ذلك يؤدي إلى تكرار الزكاة خلال حول واحد للمال نفسه في الواقع وهو منفي بالحديث الشريف (لا ثِنَى في الصدقة) متفق عليه.
الأموال العامة والموقوفة والخيرية
لا تجب الزكاة في المال العام, لأنه مملوك لعامة الناس والأمة ومنهم الفقراء, فلا يختص به مالك معين, ولا جدوى من أخذ الدولة الزكاة من نفسها لتعطي نفسها وكذلك لا تجب الزكاة في المال الموقوف على
جهات عامة كالفقراء أو المساجد أو اليتامى وغير ذلك من أبواب الخير والبر العام, وذلك لحين تعين مالك الأموال الموقوفة أي عدم حصر ملكيتها في مالك معين, ولا زكاة أيضًا في أموال الجمعيات والصناديق
الخيرية لأنها لجماعة الفقراء, ومصارفها من أصحاب الحاجة, ومالكها ليس محصورًا أو متعينًا.
الملك التام
هو قدرة المالك على التصرف بما يملك تصرفا تاما دون استحقاق للغير, لأن الزكاة فيها معنى التمليك والإعطاء لمستحقيها فلا يتحقق ذلك إلا من المالك القادر على التصرف, فلا زكاة في مال الضمار وهو ما غاب
عن صاحبه ولم يعرف مكانه, أو لم يقدر على الوصول إليه.
وقد روي عن عدد من الصحابة: لا زكاة في مال الضمار, ولا في مؤخر الصداق لأنه لا يمكن للمرأة التصرف فيه, ولا زكاة في الدين على معسر, لكن إذا قبض شيئا من ذلك زكاه عن سنة واحدة فقط ولو أقام
غائبا عن صاحبه سنين, أو بقي الصداق في ذمة الزوج أو الدين على المعسر سنين.
------------------------------------------
تقديم بقلم د. عبد الرحمن الأطرم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه والصلاة والسلام على أشرف رسله وخاتم أنبيائه نبينا محمد على آله وصحبه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنا نحمد الله عز وجل على ما يسر من تأسيس الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، وتأسيس مركز البحوث والمشاريع العلمية التابع لها، وما يضم من لجان علمية تخدم أهداف الهيئة، وتشرف على مشاريعها
العلمية والبحثية.
ويتكون مركز البحوث والمشاريع العلمية من ثلاث إدارات هي:
إدارة مجلة الهيئة، وإدارة الموسوعة الاقتصادية، وإدارة اللجان العلمية، وتكونت اللجان العلمية من خمس لجان:
اللجنة الأولى: دراسات فقه الزكاة.
اللجنة الثانية: دراسات الاستثمار والتمويل.
اللجنة الثالثة: دراسات الأسواق المالية.
اللجنة الرابعة: دراسات التأمين.
اللجنة الخامسة: دراسات النظرية النقدية.
ومن المشاريع العلمية: إعداد البحوث والكتب التي يحتاج إليها عامة الناس، وإيصال صوت المتخصصين إلى عموم المسلمين، وسوف تصدر عن الهيئة بإذن الله سلسلة من الكتب والنشرات العلمية المعنى بها، والتي تمس
الحاجة إلهيا، تحت عنوان: (دراسات الاقتصاد، والتمويل، الإسلامي)، وفي هذه الكتيب الموجز نقدم باكورة إصدارات الهيئة، بعنوان: (كيف تحسب زكاة أموالك؟) ضمن سلسلة بعنوان: (قضايا معاصرة في الزكاة)، والذي
يصدر عن اللجنة العلمية لدراسات فقه الزكاة، وقد راجعت هذا الكتيب الذي أعده الأخ الشيخ د. صالح بن محمد الفوزان، فألفيته مفيداً وجامعاً لجملة من أحكام الزكاة مما يكثر السؤال عنه والحاجة إليه وبعض هذه
المسائل مما اختلف فيه أهل العلم السابقون والمعاصرون وقد عبر فيه كاتبه عن ما انتهى إليه في تلك المسائل.
نسأل الله أن يبارك في الجهود، وأن يسدد الخطى، ويصلح النيات إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على رسوله ومصطفاه.
د. عبد الرحمن بن صالح الأطرم
الأمين العام
للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل
فرض الله الزكاة، وجعلها ركناً من أركان الإسلام، ويُشترط لوجوبها:
1- ملك المسلم مالاً يبلغ نصاباً (وهو الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة). ويختلف بحسب نوع المال.
2- مضي حول (سنة قمرية) على ملكه للمال الذي تجب فيه الزكاة.
وتختلف أحكام الأموال الزكوية بحسب نوعها، ومن أحكامها ما يلي:
أولاً: زكاة الزروع والثمار
النصاب: هو خمسة أوسق، ويعادل 610كجم تقريباً مما يُكال ويُدَّخر كالتمور والقمح وغيرها.
أ- إذا كانت تُسقى بمؤونة (بتكلفة كنخيل المنازل والمزارع التي تسقى من الآبار ونحوها): يجب فيها إخراج نصف العشر، ويعادل 5% من مجموع الثمار أو الزروع.
ب- إذا كانت تسقى بلا مؤونة (كالذي يشرب من مياه الأمطار): يجب فيها إخراج العشر، ويعادل 10% من مجموع الثمار أو الزروع.
وقت الوجوب: عند الحصاد أو الجذاذ.
ثانياً: زكاة الأوراق النقدية
النصاب ما يساوي الأقل من قيمة نصاب الذهب أو الفضة، والأقل في وقتنا نصاب الفضة، فيكون نصاب الأوراق النقدية ما يعادل قيمة 595جرام من الفضة، فإذا كان جرام الفضة يساوي ريالاً، واحداً فإن نصاب الورق
النقدي = 595 × 1 = 595 ريالاً.
القدر الواجب إخراجه: ربع العشر، ويعادل 2.5% من مجموع المبلغ.
وقت الوجوب: تجب زكاة الأوراق النقدية عند مضي الحول، وهو سنة كاملة من حين ملكه لها، والأيسر لضبط ذلك تحديد يوم في السنة، فإذا حل هذا اليوم فإن المسلم يحسب ما يملكه م