مقدمه
يعد المبنى المدرسي من أهم أساسيات العملية التعليمية ، وعاملاً مؤثراً من عوامل نجاح العملية التعليمية ، وزيادة مستوى التحصيل العلمي لدي الطلاب ، فكلما كان المبنى المدرسي ملائماً ومجهزاً بكافة سُبل
ووسائل الراحة فإن ذلك سيكون له الأثر الايجابي على العملية التعليمية برمُتها ؛ ومن هذا المُنطلق أحببت المشاركة ضمن هذا المحور الخاص بواقع البيئة التعليمية والتي من أهم عناصرها هو الاهتمام
بالمبنى المدرسي والبيئة المحيطة به .
أولاً :ــ أهميّة المبنى المدرسي .
يعد المبنى المدرسي من الدعائم الأساسية في نظام التعليم ؛ لأنه يمثل الوعاء الذي تتفاعل بداخله كافة عناصر العملية التربوية والتعليمية من تعليم ، ومناشط ، وإدارة مدرسية ، وعلاقات
اجتماعية بين جميع العاملين في المدرسة بمختلف تصنيفاتهم .
ولأهمية المباني المدرسية كبيئة محيطة بالطالب ، فقد حظيت بعناية كبيرة في جميع النظم التعليمية.
ومع التطور الحاصل في جميع المجالات ومن ضمنها مجال التربية والتعليم يجب علينا الاهتمام بالمبنى المدرسي من جميع الجوانب بدءً ، بالتصميم والتشييد ثم التجهيز.
ولا يمكن أن تقوم بالعملية التعليمية بشكلها الصحيح دون الاهتمام والعناية بالمكان الذي ستتم فيه هذه العملية .
ويجب علينا ان نعيد النظر في بناء المبنى المدرسي ، لأن المبنى المدرس الحالي فيه الكثير من المشكلات ، الأمر الذي يؤدي بدوره الى عرقلة العملية التعليمية ، وقد يكون أيضا سببا في هروب
الكثير من الطلاب نظراً لعدم ملائمته
إن للمبنى المدرسي علاقة وثيقة بالجانب التربوي والتعليمي ، إذ هو المنشط النفسي للطالب والمعلم والأسرة التربوية بشكل خاص والمجتمع بشكل عام .
فعندما تبحر بنظرك في مدرسة بُنيت لتكون مدرسة نموذجية ، تجد فيها الكثير من اللمسات الجمالية والتنفيذ المتميز ، والتجهيز المبهر ، فهذا بلاشك يريح النفس ، ويسكن القلب ،
وينشط الذهن، ويشرح الصدر بمعني يجب ان يكون بناء متناسق ألوانه هادئة ومريحة ، فصول منظمة ، معامل مجهزة ، أندية رياضية قاعات مدهشة ، فناء واسع ، حدائق جميلة
وهذا كله له أثر نفسي جيد على نفسيات التلاميذ ، والطلاب ، الذين يقضون ساعات كبيرة من النهار في هذا المكان ، بالإضافة الى العاملين في المدرسة من معلمين وإداريين وغيرهم
فالمبنى المدرسي يشكل بيئة خاصة ، ولها خصوصياتها ، ولا يخفى على أحد بأن البيئة المدرسية هي المكان الذي يتلقى فيه المتعلمون مبادئ العملية التعليمية والتربوية وينطلقون من خلالها إلى
المجتمع للمشاركة في البناء والتطوير ودفع عجلة التقدم والازدهار للأفضل؛ لذلك أضحى اكتمال عناصر البيئة المدرسية معيار جودة لأدائها ومستوى العطاء فيها.
فلم تعد السبورة والطباشير ، أداتا التعليم رغم صمودهما ردحاً من الزمن؛ إذ أشرقت شمس السبورة الذكية والمعامل الحاسوبية ، ووسائل التعليم التكنولوجية في مختلف مراحل التعليم العام؛ فغدت العملية التربوية
والتعليمية تؤدى بفاعلية أكثر وقابلية أفضل من قبل المعلم والمتعلم على حد سواء.
لذلك يجب علينا إعادة النظر في مباني المدارس الآنيّة ، ووضع خطط جديدة لإنشاء مدارس جديدة وفقاً للمعايير والمقاييس العالمية الحديثة والتي تتيح قدرا كبيرا من الراحة لطلابنا
ثانياً : ـ نظرة على واقع المباني المدرسيّة الحالية والمشكلات التي تواجهها .
تعاني المباني المدرسية الحالية من العديد من المشاكل ، والتي تعود في معظمها حسب وجهة نظري لافتقارها لأسس التصميم الجيد ، مما ادي ذلك لبروز العديد من المشكلات والتي أدت بدروها الى ظهور بعض السلبيات على
مستوى اداء المتعلمين وكذلك المعلمين ، ونرجع للسياسية التعليمية والتي كانت مُتبعة خلال الحقبة المنصرمة ، فقد كانت سياسة تعليمية فاشلة وأثبتت فشلها في الكثير من الامور التي تتعلق بالتربية والتعليم ،
وربما كانت سياسة ممنهجة الغرض الرئيسي منها هو تجهيل الشعب وهذا طبعاً يتم من خلال تدمير وتشويه هذا القطاع الحيوي ، وافراغه من محتواه العميق ، فأضحى التعليم في ليبيا طيلة هذه السنوات العِجاف تعليماً
هزيلاً سواءً من حيث الشكل ، او المضمون ، وتعد سوء ورداءة تصميم المباني المدرسية عاملاً آخراً من عوامل تأخر التعليم وتعثره .
ولعل من اهم الملاحظات التي نلاحظها على المباني المدرسية في عمومها هو ما يلي : ـ
• وجود بعض المدراس في أماكن زحام وضوضاء مما قد يؤثر سلباً على تحصيل التلاميذ والطلاب .
• عدم صلاحية الفصول الدراسية من حيث الإتساع ، وعدم توافق الطاولات والمقاعد مع متطلبات عمليات التعلم الحديثة وفق المرحلة الدراسية ، بالإضافة الى العناصر المادية الاخرى
كطريقة الإضاءة ، والتهوية ، ووسائل التكييف المركزية .
• عدم توفر ملاعب كافية لآداء النشاط الرياضي في بعض المدارس .
• افتقار بعض المباني لحجرات وأماكن خاصة بالمناشط المدرسية المتعددة التي يمارسها الطلاب كجزء مُتمم ومُكمل للعملية التربوية .
• عدم توفر مكتبات كاملة ومتكاملة ومجهزة بوسائل العرض المختلفة من كتب ، ومجلات ، وإنترنت ، وسينما .
• افتقار بعض المدارس لحجرات للمعلمين والمعلمات بشكل مريح ، مما يؤثر بدوره على آداء المعلم .
• تصميم دورات المياه بطريقة غير مريحة وتساعد على انتشار الأزدحام .
• عدم وجود مساحات خضراء كافية لراحة التلاميذ والمعلمين على حدٍ سواء .
• تصميم المقصف المدرسي بطريقة بدائية ومربكة ، ومرهقة للتلاميذ .
• عدم وجود مسارح خاصة بالعروض المسرحية والمناشط التي يقوم بها الطلاب وفي حال وجودها فانها تستخدم استخداما غير الاستخدمات المُخصصة لها .
• عدم وجود حجرة خاصة بآداء الصلاة للمعلمين والطلاب على حد سواء .
• وجود بعض المدارس في بيئة تفتقر لمعايير السلامة كقربها من محطات الكهرباء او وجود المحطات اللاسلكية فوق أسطح المدارس .
• تصميم المدارس بطريقة طوابق تعد طريقة مرهقة ومتبعة ولا تعطي مجالا لمتابعة الفصول الدراسية ، وكذلك الأاشراف المدرسي يكون اقل مما هو عليه في حال وجود جميع الفصول في طابق
واحد بشكل هندسي مريح ويتيح حرية التنقل بسلاسة .
• افتقار المدارس الى ملاجئ خاصة يُلجأ إليها في حالات المخاطر سواء في الحروب او الكوارث الطبيعية الأخرى .
• افتقار المدارس للتصميم العمراني الذي يعكس هويتنا الاسلامية والعربية والليبية
• عدم وجود عيادات طبية مجهزة ومصغرة لتقديم الخدمات الصحيّة اللازمة للتلاميذ .
• عدم توفر مواقف لسيارات العاملين بالمبنى المدرسي .
• عدم تعدد الساحات الخاصة باستراحة الطلاب وخصوصاً في حال وجود مدارس مختلطة وعلى مراحل فهناك مشاكل تنجم عن الاختلاط بين الطلاب باختلاف المراحل العمرية بينهم وكذلك حسب
اختلاف الجنس ، فنجد المدرسة متعددة المراحل في فترة واحدة ، ومختلطة ايضا مما ستنجم عنه بعض المشكلات والسلوكيات الغير ايجابية .
هذه أهم النقاط التي شخصت الواقع الحالي لما عليه مدارسنا ونأمل ان نضع لها حلولا ً جذرية ، مع إنشاء مدارس حديثة نموذجية ووفقاً للمعايير والشروط التي سوف آتي على ذكرها في النقطة التالية .
ثالثاً : ـ الشروط والمعايير الحديثة الواجب توفرها في المدارس الجديدة
تقوم التربية والتعليم بدور هام أساسى فى إعداد القوى البشرية اللازمة للمجتمع لمواجهة الاحتياجات الفعلية والمستقبلية للبلاد من متخصصين فى جميع المجالات والتى تحتمها الظروف الاقتصادية ،
والاجتماعية ، والثقافية للمجتمع والتى حدث ويحدث بها تغيرات هائلة فى تركيباتها الأكاديمية ، والمهنية نتيجة التقدم العلمى والتكنولوجى والثورة العلمية المصاحبة.
ويتطلب ذلك إعداد المواطن والعمالة الماهرة وكذا إعداد المتخصصين فى المجالات من أكاديميين، وتقنيين وفنيين ، على اختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم وتوفير البرامج التعليمية والتدريبية اللازمة لهم
على ان تتميز هذه البرامج بالمرونة والتنوع وتتواكب مع المتغيرات العالمية المتلاحقة.
ويستلزم ذلك توفير حيز تعليمى وتربوى ملائم (مبنى مدرسى) يتلائم ومتطلبات تلك البرامج التعليمية والتدريسية، طبقا لمعايير فنية مدروسة ومواصفات هندسية مقننة تم وضعها بناءا على الأسس التربوية
الحديثة.
مدارسنا الحالية وان افتقرت لهذه الأسس والمعايير ، فإننا يجب ان نسعى جاهدين ان ننشئ مدارس جديدة وحديثة ووفقاً لمعايير الجودة ، وذلك إيماناً منّا بمدى أهمية البيئة التربوية للطالب في عملية التحصيل
التربوي ، ومقدار العطاء يكون بمقدار اهتمامنا وتوفيرنا لكافة سُبل الراحة لطلابنا ومعلمينا .
ولعل اهم شروط ومواصفات المبنى المدرسي الجيد تتمثل في أربع نطاقات رئيسية وهي
الموقع ، ويتناول اختيار الموقع والظروف المحيطة بالمدرسة من الخارج والسمات العامة للمبنى المدرسي .
الفراغات التعليمية ، وتمثل كل مكان يتم فيه إجراء نشاط تعليمي داخل المدرسة من فصول دراسية ومعامل وأماكن للتدريب، كما تشمل حجرات الإدارة المدرسية والمعلمين ودورات المياه.
البيئة الفيزيقية للمدرسة ،وتمثل جميع المعايير البيئية التي يجب وضعها في الاعتبار عند تصميم المبنى المدرسي والمؤثرة على جودة الأداء داخل