اولاً:- ( الربانية ) :
إن خصيصة الأولى من خصائص الإسلام هي الربانية . والربانية كما يقول علماء العربية – مصدر صناعي منصوب الى (الرب ) أي: زيدت فيه الألف و النون على غير قياسي ومعناه :الانتساب الى الرب أي: الله سبحنه وتعالى
و يطلق على الإنسان انه (رباني) إذا كان وثيق الصلة بالله عالما بدينه وكتابه معلما له , وفي القران الكريم {ولكن كونوا ربانين بما تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون }والمراد من الربانية هما أمران :-
1- ربانية الغاية والوجه 2- ربانية المصدر والمنهج
1- ربانية الغاية والوجه:- فأما ربانية الغاية والوجه فنعني بها أن الإسلام يجعل غايته الأخيرة وهدفه البعيد, هو حسن الصلة بالله تبارك وتعالى ,والحصول على مرضاته , فهذه هي غاية الاسلام ,وبالتالي هي غاية
الإنسان ,ووجهة الإنسان , ومنتهى أمله ,وسعيه , وكدحه في الحياة
ومن الثمرات (فوائد ) هذه الربانية في النفس الإنسان والحياة :-
اولا :- معرفة غاية الوجود الإنساني :- أن يعرف الإنسان لوجوده غاية ويعرف لمسيرة وجهة . ويعرف لحياته رسالة وبهذا يحس أن لحياتهه قيمة ومعنى
ثانيا :- الاهتداء الى الفطرة :- أن يهتدي الإنسان الى فطرته التي فطرة الله عليها والتي تطلب الإيمان بالله تعالى ولا يعوضها شيء غيره.
ثالثاً:- سلامة النفس من التمزق والصراع :- أي السلامة النفس البشر من التمزق والصراع الداخلي و التوزع والانقسام بين مختلف الغايات .
رابعاً :- التحرر من العبودية لأنانية والشهوات :- تحرر الإنسان من العبودية الأنانية وشهوات نفسه ولذات حسه ز.
2- ربانية المصدر والمنهج:- ونعني به أن المنهج الذي رسمه الاسلام للوصول الى غاياته وأهدافه منهج رباني خالص لأن مصدره وحي الله تعالى الى خاتم رسله محمد- صلى الله عليه وسلم – وجاء نتيجة لإرادة الله الذي
أراد به الهدى والنور والبيان والبشرى والشفاء والرحمة لعباده { يا أيها الناس قد جاءتكم موعضة من ربكم وشيفاء لما في الصدور وهى ورحمة للمؤمنين}.
ثانياً:- (الإنسانية)
إن الإسلام يمتاز بنزعة الإنسانية الواضحة الثابتة الأصلية في معتقداته وعباداته وتشريعاته وتوجيهاته انه الدين الإنسان .ونقول :- أن للإنسان وكان في غايات الاسلام العليا وأهدافه الكبرى مع تقدير غايات
الربانية وإبرازها وتثبتها إذ لا تنافي بين الغايات الربانية .والغايات الإنسانية بل هما متكاملتان فالله هو الذي كرم هذا الإنسان ونفخ فيه من روحيه وجعله في الأرض خليفة وسخر له ما في السموات وما في الأرض
جميعاً منه وأسبغ عليه نعمة ظاهرة و باطنة .
وإذا كان مصدر الإسلام (الربانية )فإن الإنسان هو الذي يفهم هذا المصدر ويستنبط منه ويجتهد على ضوئه ويحوله إلى واقع تطبيقي ملموس .
ثالثاً:- (الشمولية)
المقصود من الشمولية إنها رسالة لكل الأزمنة والأجيال ليس رسالة موقوتة بعصر معين أو زمن مخصوص ينتهي أثرها بانتهائه كما كان الشأن في رسالات الأنبياء السابقين على محمد – صلى الله عليه وسلم – فقد كان كل
نبي يبعث لمرحلة زمنية محدودة حتى إذا ما انقضت بعث الله نبياً آخر .
أما محمد –صلى الله عيه وسلم – فهو خاتم النبيين ورسالته هي رسالة الخلود التي قدر الله بقاءها إلى أن تقوم الساعة ويطوي بساط هذا العالم فهي تتضمن هداية الله الأخيرة للبشرية فليس بعد الإسلام شريعة ولا
بعد القراَن كتاب ولا بعد محمد نبي , إنها رسالة الإنسان كله :روحه وعقله وجسمه وضميره وإرادته ووجدانه .
رابعاً:- ( الوسطية)
وهذه خصيصة أخرى من أبرز خصائص الإسلام وهي (الوسطية) ويعبر عنها أيضاً ب(التوازن)ونعني بها التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين بحيث لا ينفرد أحدها بالتأثير ويطرد الطرف المقابل, وبحيث لا
يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغي على مقابله ويحيف عليه .
ولا عجب أن نرى هذا التوازن الدقيق في خلق الله وفي أمر الله جميعاً فهو صاحب الخلق والأمر فظاهرة التوازن تبدو فيما أمر الله به وشرعه من الهدى ودين الحق أي : في نظام الإسلام ومنهجه للحياة كما تبدو في
هذا الكون الذي أبعته يد الله فأتقنت في كل شيء.
وكذلك إذ ننظر إلى ظاهرة التوازن في الكون كله فنجد الليل والنهار والظلام والنور والحرارة والبرودة والماء واليابس والغازات المختلفة كلها بقدر ميزان وحساب لا يطغي شيء منها على مقابلة ولا يخرج عن حده
المقدر له.
على أن في الوسطية معاني أخرى تميز منهج الإسلام وأمة الإسلام وتجعلها أهلاً للسيادة والخلود :-
أ- الوسطية تعني العدل
ب- الوسطية تعني الإستقامة
ج- الوسطية دليل الخيرية
د- الوسطية تمثل الأمان
ه- الوسطية دليل القوة
و- الوسطية مركز الوحدة
خامساً:- (الواقعية)
نعني بالواقعية :مراعاة واقع الكون من حيث هو حقيقة واقعة ووجود مشاهد ولكنه يدل على حقيقة أكبر منه ووجود أسبق وأبقى من وجوده وهو وجود الواجب لذاته وهو وجود الله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً.
ومراعاة واقع الحياة من حيث هي مرحلة حافلة بالخير والشر تنتهي بالموت وتمهد لحياة أخرى بعد الموت توفى فيها كل نفس ما كسبت وتخلد فيما عملت .
ومراعاة واقع الإنسان من حيث هو مخلوق مزدوج الطبيعة فهو نفخة من روح الله في غلاف من الطين ففيه العنصر السماوي والعنصر الأرضي ومن حيث هو ذكر أو أنثى لكل منها تكوينه ونزعاته ووظيفته ومن حيث هو عضو في
مجتمع لا يستطيع أن يعيش وحده ولا أن يفني تماماً في المجتمع ولهذا تصطرع في نفسه عوامل الأنانية والغيرية .
واقعية العبادات الإسلامية:-
أ-لقد رعى واقع الحياة وظروفها الأسرية والاجتماعية والاقتصادية
ب- وعرف الإسلام طبيعة الملل في الإنسان فنوعها ولونها بين عبادات بدنية كالصلاة 0000
ج- وراعى الإسلام الظروف الطارئة للإنسان كالسفر والمرض ونحوهما
واقعية التربية الإسلامية:- والتربية الإسلامية تربية واقعية تتعامل مع الإنسان كما هو : لحماً ودماً وفكراً وشعوراً وانفعالاً ونزوعاً وعلى هذه الحياة الواقعية المتوازنة يربى الإسلام المسلم فلا يدعه يغرق
في اللهو إلى رأسه فلا يبقى له سيء لربه كما لا يدعه يغلو في التعبد فلا يبقى له شيء لقلبه وقال محمد(ص)(كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته)
سادساً:- (الوُضوُح )
أولاً:- وضوح الأصول والقواعد الإسلامية :-أول مظاهر الوضوح في الإسلام أن أصوله ودعائمه الكبرى واضحة بينة لجمهرة المؤمنين به أياً كانوا يستوي في ذلك الأصول الاعتقادية والشعائر التعبدية وأمهات الفضائل
الخلقية والأحكام التشريعية
وضوح الأصول الاعتقادية: وأول ما يبدو هذا الوضوح في الأصول الاعتقادية في الإسلام من الإيمان بالله ورسالاته وبالدار الآخرة 0
أ- عقيدة التوحيد:- فتوحيد الله تعالى – وهو أصل الأصول – لا يجعله مسلم أياً كان جنسه أو لونه أو طبقته أو حظه من التعلم فقد عرف من كلمة التوحيد وأولى الشهادتين (لا اله إلا الله )
ب- عقيدة الجزاء الأخروي:- والإيمان بالجزاء في اليوم الآخرة وأن الدنيا مزرعة الآخرة أنها دار ممر متاع إلى حين أن الآخرة هي دار القرار 0
ج –الإيمان برسالات السماء:- مما انزل الله من الكتب وما بعث من الرسل يهدون إلى الحق ويدعون إلى الخير ويأخذون بأيدي الناس إلى الله 0
وضوح الشعائر التعبدية:- ومن مظاهر الوضوح في الإسلام أن أركانه العملية كما قال الرسول محمد (ص)(بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله إقام الصلاة إيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج
البيت لمن استطاع إليه سبيلا)
وضوح الآداب :-وهي أدب الأكل والسرب أدب اللباس والزينة وأدب الجلوس وأدب المشي.......
وضوح الشرائع الإسلامية :- فكل مسلم يعلم أنه يحرم عليه أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به كما يحرم عليه سرب الخمر ولعب الميسر.
ثانياً:- وضوح مصادره :-فالمصدر الأول كتاب الله والمصدر الثاني سنة محمد صلى الله عليه وسلم وسنة خلفاء الراشدين المهديين بعد محمد (ص).
ثالثاً:وضح الأهداف والغايات:- وغاية الإسلام بإجمال هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور وفسر الظلمات بما شئت من الجهل أو الشرك أو الحقد أو غير ذلك فكلها ظلمات تظلم بها النفس وفسر النور بما شئت من
العلم أو التوحيد أو اليقين أول العدل أو الحب أغير ذالك .
رابعاً: وضوح المناهج والطرق :- ومنها
أ- من عبادات وشعائر تغذي الروح وتزكي النفس وتربي الإدارة وتوحد الاتجاهات وتدرب الإنسان على كمال العبودية لربه الأعلى.
ب- ومن أخلاق وفضائل تقاوم الأنانية وتربي روح الغيرية وتعني بزكاة الفرد وتماسك المجتمع وتزكي نوازع الخير وتقلم أظافر الشر .
ج- ومن آداب وتقاليد تربي الأذواق وتحمي الأخلاق وتجمل الحياة
د- ومن نظم وتشريعات للفرد وللأسرة وللجماعة .فهي ترسم للفرد طريقة وتحدد له سلوكه وتبين له الحلال من الحرام وهي للأسرة دعائم وركائز تمنعها أن تميد وتحفظها أن تنهار.