وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا " أَيْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسكُمْ إِنَاثًا تَكُون لَكُمْ أَزْوَاجًا " لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا " كَمَا قَالَ تَعَالَى "
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " يَعْنِي بِذَلِكَ حَوَّاء خَلَقَهَا اللَّه مِنْ آدَم مِنْ ضِلْعه الْأَقْصَر الْأَيْسَر . وَلَوْ أَنَّهُ
تَعَالَى جَعَلَ بَنِي آدَم كُلّهمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثهمْ مِنْ جِنْس آخَر مِنْ غَيْرهمْ إِمَّا مِنْ جَانّ أَوْ حَيَوَان لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَاف بَيْنهمْ وَبَيْن الْأَزْوَاج بَلْ كَانَتْ
تَحْصُل نُفْرَة لَوْ كَانَتْ الْأَزْوَاج مِنْ غَيْر الْجِنْس ثُمَّ مِنْ تَمَام رَحْمَته بِبَنِي آدَم أَنْ جَعَلَ أَزْوَاجهمْ مِنْ جِنْسهمْ وَجَعَلَ بَيْنهمْ وَبَيْنهنَّ مَوَدَّة وَهِيَ الْمَحَبَّة
وَرَحْمَة وَهِيَ الرَّأْفَة فَإِنَّ الرَّجُل يُمْسِك الْمَرْأَة إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لَهَا أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا بِأَنْ يَكُون لَهَا مِنْهُ وَلَد أَوْ مُحْتَاجَة إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاق أَوْ
لِلْأُلْفَةِ بَيْنهمَا وَغَيْر ذَلِكَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ