http://www.barada.tv/
هذه قناة بردي الفضائية
أسدل الستار منذ عدة شهور على فصل من فصول المواجهة بين النظام السوري والمعارضة، وانتهت حقبة ربما كانت شديدة على النظام، ليبدأ فصل جديد ينتظر أن يكون الأشد عليه، وربما على الكثيرين من الطابور الخامس في
صفوف المعارضة.
كادت قناة بردى الفضائية، أن تسلم الروح بعد صراع طويل ومواجهة شرسة مع نظام الصوت الواحد واللون الواحد، ولكنها نهضت ثانية من الرماد كطائر الفينيق الأسطوري.
وقفت بردى… تلك الجميلة التي استطاعت أن تقاوم جلاديها وتقهرهم بكلماتها الصادقة بكل عنفوان الصبا كجلمود صخر تجابه بنعومة أظفارها مخالب وأنياب النظام دون أن تشكو الجراح أو تستسلم للآلام (وظلم ذوي القربى
أشد مضاضة)، بل قاومت جلاديها بكل شموخ وبراءة وعزة كعذراء تقاوم وحشية مغتصب.
انطلقت قناة بردى في بدايات العام 2009 تحمل آمالا عريضة بامكانية اختراق الجدران الصماء التي أحاط بها النظام الوطن، وذلك في سبيل احداث تغيير وانفتاح في وعي المواطن السوري الذي يولد ويموت على نغمة واحدة
لا تتغير (حزب البعث قائد الدولة والمجتمع، والرئيس الخالد الملهم الذي سوف يضيع الوطن من غيره).
وقفت بردى وحيدة فريدة تواجه الاستبداد بامكاناتها المتواضعة وقد كانت فخورة بهذه المهمة التي نذرت نفسها لها، ولم يثن من عضدها الحرب الشرسة التي شنها النظام السوري عليها بالتشويش على بثها من جهة، أو عن
طريق وكلائه ببث دعايات صفيقة تتهم القناة بتلقي أموال أمريكية تارة وصهيونية تارة أخرى.
لكن ما يفت في العضد ويدمي القلب حقا هو أن تقف معظم أطياف المعارضة السورية في الخارج متفرجة لا تنبس ببنت شفه بل أكاد أزعم أن بعضها متآمر على القناة.
ربما هو في بعض الأحيان ليس تآمرا مباشرا بهدف الدفاع عن النظام، ولكنه بدافع الغيرة ربما من نجاح مشروع بردى، الذي يشعر البعض بالقزم تجاهه، أو لعله الحسد أيضا والا ما معنى صمت القبور هذا على ما جرى، ثم
ما المغزى من أن تأنف بعض من أطياف المعارضة عن الظهور على شاشة بردى وقد دعي الجميع للمشاركة، في الوقت الذي لا يتوانى فيه شيخ الحقوقيين الأستاذ هيثم المالح ذلك العملاق الذي تحدى جبروت النظام وهو بين
مخالبه، وظهر على شاشة بردى ليعبر عن وجع وآلام الوطن بكلام يعجز الكثير من المعارضين في التفوه بمثله، ليدفع ثلاث سنوات من خريف عمره في السجن ثمنا لذلك التحدي، ومن قبله الأستاذ مهند الحسني الذي ما زال
يقبع في المعتقل جزاء لما اقترفت يداه من التفوه بكلمة الحق؟.
الم يكن النظام ليحسب ألف حساب قبل أن يقدم على شن الحرب على بث القناة لو وقفت المعارضة مجتمعة خلف هذه الساقية على حد وصف أحدهم، والتي أغرقت النظام بعيوبه التي كشفتها له أمام الجميع… أليست ساقية جارية
بمياه نظيفة عذبه خير من نهر متدفق آسن يلوث الآجواء من حوله؟
ثم ان المعارضة التي تزعم أنها وطنية تعمل من أجل خلاص سوريا ألم تكن لتستطيع تمويل هذه القناة الوليدة؟ ولا أظن انها تعجز عن ذلك، فالاموال الطائلة التي تصرف على الأسفار والمؤتمرات والولائم العامرة مما
لذ وطاب من الطعام والشراب البرئ وغير البرئ أزعم انها تغطي حاجات بردى للاستمرار في العطاء.
عذرا بردى ان خذلك البعض وتآمر عليك البعض الآخر ليمنع مدك بالروافد اللازمة للجريان كما منعت عن توامك الذي سميت باسمه والذي جف لافتقاده الى الروافد والسواعد. ولكن وعدا منا أن تبقى سواعدنا وعقولنا
معطاءة تمدك باكسير الحياة وتدافع عنك لتعيدي لدمشق رونقها المفقود، تماما مثلما أبى نهر بردى أن يستمر بالجفاف ففاض مؤخرا معبرا عن رفضه للواقع المرير.
عذرا بردى فهذا زمن الرويبضات تتجرأ على توزيع تهم الخيانة والعمالة تارة، وفي الهجوم على الاسلام تارة أخرى تحت شعار حب الوطن، والوطنية منهم جميعا براء، ولكن عزاؤنا أنك صامدة شامخة تقودي القافلة بهدوء
ولسان حالك يقول:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا *** لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ