قد سئل العلامة الشيخ ( عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ) عن حكم صلاة التسابيح ، فأجاب – رحمه الله - :
( اختلف العلماء في حديث صلاة التسابيح والصواب أنه ليس بصحيح لأنه شاذ ومنكر المتن ومخالف للأحاديث الصحيحة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة ، الصلاة التي شرعها الله لعباده في ركوعها
وسجودها وغير ذلك ، ولهذا الصواب : قول من قال بعدم صحته لما ذكرنا ولأن أسانيده كلها ضعيفة ، والله ولي التوفيق ) ( مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الحادي عشر – من برنامج " نور على الدرب " ) .
فالراجح بل الصحيح أن الحديث ضعيف ، وبالتالي فالصلاة الواردة على النحو المذكور وهي ( صلاة التسابيح ) ضعيفة ولا يجوز فعلها كما أشار العلامة الشيخ بن باز ، وبحمد الله سبحانه وتعالى فصلاة النافلة تغني عن
ذلك ولها أوقات مستحبة وهيَّ سنة في حق العبد المسلم ، ومنها ركعتي الضحى ، وقيام الليل ، وركعتي الوضوء ، وبين الآذان والإقامة وتحو ذلك من أوقات مستحبة أخرى ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
سئل فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين عن صلاة التسبيح، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة :
سُئل فضيلة الشيخ : عن صلاة التسبيح كيف تؤدى ومتى تصلى ؟
فأجاب فضيلته بقوله: قبل أن نجيب على حكم صلاة التسبيح نبين صفتها على حسب ما روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- للعباس بن عبد المطلب : " يا عباس، يا عماه: ألا
أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك، أوله وآخره، قديمه وحديثه، وخطأه وعمده، صغيره وكبيره، وسره وعلانيته؟ عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة
بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم : سبحان الله ، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع
فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً وتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع
ركعات، وإن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة"، هذا أمثل ما روي فيها .
والحديث رواه أبو داود (1297)، وابن ماجة (1386)، وابن خزيمة في صحيحه (1216) وقال : إن صح الخبر فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً .
وقد اختلف الناس في صلاة التسبيح في صحة حديثها والعمل به : فمنهم من صححه، ومنهم من حسنه، ومنهم من ضعفه، ومنهم من جعله في الموضوعات. وقد ذكر ابن الجوزي أحاديث صلاة التسبيح وطرقها وضعفها كلها، وبين
ضعفها وذكره في كتابه الموضوعات . وقال الترمذي : روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في صلاة التسبيح غير حديث، قال : ولا يصح منه كبير شيء . ونقل النووي عن العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وكذا
ذكره ابن العربي وآخرون ليس فيه حديث صحيح ولا حسن، وقال النووي: في استحبابها نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروفة، فينبغي ألا تفعل بغير حديث، وليس حديثها ثابتاً. ذكره في شرح المهذب.
ونقل السيوطي في اللآلئ عن الحافظ ابن حجر قوله : والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وأن حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة
باقي الصلوات. وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقاً صالحاً فلا يحتمل منه هذا التفرد، وقد ضعفها ابن تيمية، والمزي، وتوقف الذهبي، حكاه ابن عبد الهادي عنهم في أحكامه ا هـ كلامه . مع أنه في جوابه عما قيل في
بعض أحاديث المشكاة قال : " الحق أنه في درجة الحسن لكثرة طرقه" فاختلف كلامه فيه – رحمه الله – والله أعلم . وقال صاحب الفروع في حديث صلاة التسبيح: رواه أحمد، وقال : لا يصح، قال : وادعى شيخنا أنه كذب،
كذا قال، ونص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها، ولم يستحبها إمام. واستحبها ابن المبارك على صفة لم يرد بها الخبر لئلا تثبت سنة بخبر لا أصل له، قال: وأما أبو حنيفة، ومالك، والشافعي فلم يسمعوها بالكلية. هذا
كلام صاحب الفروع أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمهم الله تعالى- .
والذي يترجح عندي أن صلاة التسبيح ليست بسنة، وأن خبرها ضعيف وذلك من وجوه:
الأول : أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل تثبت به مشروعيتها .
الثاني : أن حديثها مضطرب، فقد اختلف فيه على عدة أوجه.
الثالث : أنها لم يستحبها أحد من الأئمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:" قد نص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها ولم يستحبها إمام " . قال : " وأما أبو حنيفة ومالك والشافعي فلم يسمعوها
بالكلية "
الرابع: أنه لو كانت هذه الصلاة مشروعة لنقلت للأمة نقلاً لا ريب فيه، واشتهرت بينهم لعظم فائدتها، ولخروجها عن جنس الصلوات، بل وعن جنس العبادات، فإننا لا نعلم عبادة يخير فيها هذا التخير، بحيث تفعل كل
يوم، أو في الأسبوع مرة، أو في الشهر مرة، أو في الحول مرة، أو في العمر مرة، فلما كانت عظيمة الفائدة، خارجة عن جنس الصلوات، ولم تشتهر، ولم تنقل عُلم أنه لا أصل لها، وذلك لأن ما خرج عن نظائره، وعظمت
فائدته فإن الناس يهتمون به وينقلونه ويشيع بينهم شيوعاً ظاهراً، فلما لم يكن هذا في هذه الصلاة علم أنها ليست مشروعة، ولذلك لم يستحبها أحد من الأئمة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمة الله تعالى - .
وإن فيما ثبتت مشروعيته من النوافل لخير وبركة لمن أراد المزيد وهو في غنى بما ثبت عما فيه الخلاف والشبهة، والله المستعان .
[ مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ج 14 ص 324].
صلاة التسبيح وردت في حديث لكن رجَّح كثير من الحفاظ عدم ثبوته، بل قال عنه الإمام ابن الجوزي: (إنه من الموضوعات)، وكذلك قال غيره، فالحديث مختلف في ثبوته، وبعض العلماء أخذ بمدلوله فاستحب صلاة التسبيح،
وهي عبارة عن عدد من الركعات تقرأ فيها سور مخصوصة وتقال فيها أذكار طويلة وركوعات وصفة غريبة، ولكن الأكثر من المحققين على أن صلاة التسبيح غير مشروعة بل هي بدعة؛ لأن الحديث الوارد فيها لم يثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم , والذي أراه لك أيها السائل ما دام أن عندك رغبة في الخير وحرصًا على العبادة، أن تأخذ بالصلوات المشروعة الثابتة بأدلة صحيحة كالتهجد في الليل، والوتر والمحافظة على الرواتب مع الفرائض
وصلاة الضحى، وأن تكثر من النوافل المشروعة الثابتة بأدلة صحيحة، وألا تعمل صلاة التسبيح نظرًا لعدم ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الثابت الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم غنية وكفاية للمؤمن الذي
عنده رغبة في الخير. والله أعلم.