من مبادئ الدّين البهائيّ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرّجال والنّساء. لا تفترق ملكات المرأة الرّوحانيّة وقدراتها الفكريّة والعقليّة، وهما جوهر
الإنسان، عمّا أوتي الرّجل منهما. فالمرأة والرّجل سواء في كثير من الصّفات الإنسانيّة، وقد كان خَلْقُ البشر على صورة ومثال الخالق، لا فرق في ذلك بين امرأة ورجل. وليس التّماثل الكامل بين الجنسين في
وظائفهما العضويّة شرطًا لتكافئهما، طالما أنّ علّة المساواة هي اشتراكهما في الخصائص الجوهريّة، لا الصّفات العرضيّة. إنّ تقديم الرّجل على المرأة في السّابق كان لأسباب اجتماعيّة وظروق بيئيّة لم يعد لهما
وجود في الحياة الحاضرة. ولا دليل على أنّ الله يفرّق بين الرّجل والمرأة من حيث الإخلاص في عبوديّته والامتثال لأوامره؛ فإذا كانا متساويين في ثواب وعقاب الآخرة، فَلِمَ لا يتساويان في الحقوق والواجبات
إزاء أمور الدّنيا؟
المساواة بين الجنسين هي قانون عام من قوانين الوجود، حيث لا يوجد امتياز جوهريّ لجنس على آخر، لا على مستوى الحيوان، ولا على مستوى النّبات. والظّنّ قديمًا بعدم كفاءة المرأة ليس إلاّ شبهة مرجعها الجهل
وتفوّق الرّجل في قواه العضليّة.
عدم اشتراك المرأة في الماضي اشتراكًا متكافئًا مع الرّجل في شئون الحياة، لم يكن أمرًا أملته طبيعتها بقدر ما برّره نقص تعليمها وقلّة مرانها، وأعباء عائلتها، وعزوفها عن النّزال والقتال. أمّا وقد فُتحت
اليوم أبواب التّعليم أمام المرأة، وأتيح لها مجال الخبرة بمساواة مع الرّجل، وتهيّأت الوسائل لإعانتها في رعاية أسرتها، وأضحى السّلام بين الدّول والشّعوب ضرورة تقتضيها المحافظة على المصالح الحيويّة
للجنس البشريّ، لم يعد هناك لزوم لإبقاء امتياز الرّجل بعد زوال علّته وانقضاء دواعيه. إنّ تحقيق المساواة بين عضوي المجتمع البشريّ يتيح الاستفادة التّامة من خصائصهما المتكاملة، ويسرع بالتّقدم الاجتماعيّ
والسّياسيّ، ويضاعف فرص الجنس البشريّ لبلوغ السّعادة والرّفاهيّة.
بينما تذهب العديد من التقاليد والأعراف الدينية والفلسفية إلى الاعتقاد بأن المرأة يجب أن تكون خاضعة للرجل في نواح معينة من الحياة الاجتماعية وحتى ان المرأة في درجة أدنى من الرجل ، فان الدين البهائي
يدعو إلى تساوي حقوق المرأة بالرجل . فقد أكد حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء بأن المرأة لديها القدرات العقلية المساوية للرجل وفي المستقبل تستطيع المرأة إظهار طاقاتها لكي تحقق انتصارات في المجالات
الذهنية والعلمية في جميع أوجه الشئون الإنسانية . إن السبب الوحيد الذي عرقل المرأة من أجل الوصول إلى هذا الهدف هو حرمانها من الفرص التعليمية والاجتماعية اللازمة . بالإضافة إلى ذلك فإن الرجال نظرا
لقوتهم الجسمية فقد سيطروا على المرأة خلال عقود من الزمن وبذلك منعوا المرأة من تطوير قواها الحقيقية . وفي هذا الصدد يقول حضرة عبد البهاء :
" كان العالم في العهود السالفة أسير سطوة الرجال تحكمه قسوتهم وتسلّطهم على النساء بصلابة أجسامهم وقوة عقولهم وسيطرة شدتهم . أما اليوم فقد اضطربت تلك الموازين وتغيرت واتجه العنف جهة الاضمحلال ، لان
الذكاء والمهارة الفطرية والصفات الروحانية من المحبة والخدمة التي تتجلى في النساء تجلياَ عظيما صارت تزداد سموا يومَا فيومَا . ولهذا في هذا القرن البديع جعل شؤؤن الرجال تمتزج امتزاجا كاملا بفضائل
النساء وكمالاتهن . وإذا أردنا التعبير تعبيراَ صحيحاَ قلنا ان هذا القرن سيكون قرناَ يتعادل فيه هذان العنصران : الرجل والمرأة تعادلا اكثر ، ويحصل بينهما توافق أشد(2) ". (مترجم عن الإنجليزية)
ووجه هام من وجوه الوحدة العالمية سيكون الحصول على مزيد من التوازن بين الرجل والمرأة في تأثيرهما على المجتمع . وفي الواقع ، فأن زيادة تأثير المرأة في المجتمع سيؤدى إلى الحد من الحروب وإقامة السلام
الدائم . يقول حضرة عبد البهاء :
" مّرت البشرية في العصور السالفة بمراحل من النقص والفتور لأنها لم تكن كاملة . فالحروب وآثارها قد أصابت العالم بآفاتها . ان تعليم المرأة سوف يكون خطوة جيدة نحو إنهاء الحروب والقضاء عليها ذلك لان
المرأة ستستخدم كامل تأثيرها ضد الحرب … وفي الحقيقة فان المرأة ستكون عنصراَ رئيسياَ في تأسيس السلام العالمي والمحكمة الدولية . وبالتأكيد ستعمل المرأة على إنهاء الحروب بين الجنس البشري(1) ". (مترجم عن
الإنجليزية)