وصف الكافرين بأنهم كالأنعام بل هم أضل
لقد عطل الكافرون بالله ما وهبهم الله من عقل ، وما منحهم من وسائل استنباط واستنتاج ، فوقفوا بها عند حدود ظواهر المادة وأسبابها القريبة ولم يؤمنوا بالحقيقة الكبرى التي تدل هذه الظواهر عليها ، كما أنهم
لم يتسجيبوا لمشاعرهم الفطرية نحو هذه الحقيقة الكبرى
لقد خلق الله فيهم عقولهم ووسائل إدراكهم لينظروا في الكون ويدرسوا خصائصه ، وليستدلوا منه على خالقه ومبدعه ومدبر أمره ، لكنهم نظروا في الكون فوقفوا عند حدود الظواهر وأسبابها القريبة التي لهم بها مصلحة
في حياتهم الدنيا ، ثم أنكروا خالقه ومبدعه ومدبر أمره ، فكانوا بالنسبة لهذا القطاع الفكري كالأنعام ، بل هم لدى التحقيق أسوأ حالاً وأضل سبيلاً ، لأن فاقد الشيء أصلاً وهو لا يملك وسيلة لتحصيله واكتسابه
معذور بفطرته . فالحيوان الذي لا عقل عنده ولا بصيرة تهديه معذور بضلالته إذا ضل ، وربما تضل غريزته عن الإمعان في الضلال . بخلاف الإنسان الذي يعطل عقله عما خلق من أجله فهو غير معذور ، والمسؤولية تلاحقه
على مقدار ما وهبه الله من قوة إدراك معطلة ، ومؤاخذاته تكون أشد ، ومسؤولياته تكون أعظم حينما يسخِّر عقله ومواهب فهمه وإدراكه في خدمة أهواء نفسه الجانحة الجامحة ، وعندئذٍ ينطلق في ميادين الشر والفساد
بذكاء وحيلة ، ولا يقف عند حدود محدودة ، فلا لجام من غريزته ، ولا ضابط من عقله ، ومواهبه الذهنية مسخرة لأهواء نفسه في الضلال والفساد والشر ، فهو بذلك أضل سبيلاً من الأنعام ، ويصح أن يحكم عليه بأنه شر
الدواب عند الله
http://www.barsoomyat.com/my/modules.php?name=News&file=article&sid=269