السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة نرجو من جميع الاعضاء اللتزام بقوانين المنتدى وعدم نشر برنامج او فلم او اغنية او اي شئ له حقوق ملكية كما يمنع نشر السيريالات والكراكات للبرامج ومن يخالف تلك التعليمات سيتم حظر حسابة للابد والسلام عليكم ورحمة الله

الجهل اللغوي في الإعلام السعودي: مفردة الولاء نموذجا

0 تصويتات
سُئل نوفمبر 23، 2014 في تصنيف الإجابة على الأسئلة بواسطة تامر (158,660 نقاط)
لعل من نافلة القول أن من أبسط ميزات الشخص الذي ينعت بالـ"كاتب" أن يكون متمكنا من المهارات اللغوية الأساسية التي تمكنه من ممارسة الكتابة بالقدر الذي يمثل حقيقة تفكيره وثقافته. في هذه النقطة، لا يختلف من تلقى تعليمه في الكتاتيب عمن يحمل شهادة الدكتوراة، فالنتيجة واحدة عندما يتعلق الامر بالممارسة اللغوية. ندخل لموضوعنا من خلال دراسة"تلقّي حادثة العوامية في الصحافة المحلية". نجد أن مفردة "الولاء" هي القاسم المشترك الأكبر بين المقالات التي تناولت الحدث عبر التساؤل و/أو التشكيك في ولاء المواطنين الشيعة بشكل عام وأبناء العوامية بشكل خاص والمتورطين في قضية استخدام السلاح بشكل أخص؛ وتظل قضية الولاء لإيران مقابل الولاء للوطن هي القضية الأكثر حضورا في أكثر هذه المقالات. ولن نتكلم هنا عن رأي أصحاب الفضيلة اصحاب اللحى الذين يستندون إلى مفهوم الدولة الدينية والتي تستحضر فكر دولة المؤمنين/المكلّفين بدلا من دولة المواطنين، سنقف عند أصحاب اللحى المشذبة او الحليقة ممن ينعتون أنفسهم بالوطنيين او اللبراليين «رغم أني اتفق مع أستاذي الدكتور عبدالله الغذامي بأنه لا توجد ليبرالية في بلادنا». بعد الطرح المتوالي لمفردة "الولاء" للوطن، نجد أنفسنا في حيرة حول المقصود بهذه المفردة فالولاء مشتقة من الولي وهو والمُحِبُّ، والصَّدِيقُ، والنَّصيرُ. «القاموس المحيط، مادة "ولى"». ولكنّ المحبة والصداقة والنصرة معان محسوسة لا يمكن اخضاعها لاختبار مادي أو تحصيلها بإقرار مكتوب فهي تتكون على أساس الاختيار والقناعة. وعليه فإن التساؤل حول ولاء شخص أو فئة معينة لكيان ما في مقال صغير هو ضرب من العبث، فما بالنا بادعاء التحليل والخروج بنتائج حول ولاء هذه الفئة او تلك للوطن! أمر مثل هذا يحتاج إلى بحوث اجتماعية جادة لتخرج بنتائج مقاربة - وليست جازمة - للواقع المعاش. بالتالي فإنني ازعم بأن كتاب الصحافة المحلية لا يدركون المفهوم اللغوي لمفردة "الولاء”. لقد استحضر الإخوة الكتّاب المفهوم الديني للولاء - المقابل للبراء - وزجوا به في مقالاتهم في سياق ثقافي لا يسمح بمساءلة المفاهيم الدينية وتحديد مصاديقها. بالتالي فإن تهمة الولاء لإيران تعني بالضرورة [تولي أصحاب عقيدة غير نقية مرفوضة من قبل أهل الحل والعقد من أهل السنة والجماعة]. لقد استحضر كتاب الصحافة المحلية الحقل الدلالي الديني وزجوا بمفردة "الولاء" فيه حتى يشرعنوا لأنفسهم مهاجمة طائفة كاملة باسم السلامة الوطنية. ولو صدر هذا من أصحاب التيار الديني لعذرناهم لكونهم ينطلقون من سياقهم وحقلهم الدلالي الذي يحدد مفهوم الولاء داخل إطار ضيق هو الدين بالمفهوم السلفي، وبالطبع فإن تحديد أي مفردة بحقل دلالي خاص بطائفة دينية محددة سيفقد المفردة الكثير من مصاديقها ويجعلها منحازة لصالح الفئة التي اتبعت سياقها. المفردة التي تستحق النقاش في مثل هذا الحدث هي "الانتماء". وللأمانة فإن الكاتب السعودي الوحيد الذي سبق وان أشار للفرق بين مفهومي الولاء والا نتماء هومحمد الرطيان في مقاله فضحتنا يا «الحبيب «قبل أن تفضح نفسك! الصادر في تاريخ 25 - 6 - 2011 في صحيفة المدينة[1] أي قبل حادثة العوامية بأشهر. حينما رد على الدكتور طارق الحبيب الذي شكك - لجهله اللغوي غير المقصود - في ولاء سكان شمال وجنوب المملكة، يقول الرطيان: " الحقيقة أنك لا تُفرق بين " الولاء " و" الانتماء ".. ولا تعرف أن الولاء: واحد، والانتماءات: متعددة.. وتظن - في قرارة نفسك - أن من تكون انتماءاته مختلفة عنك فأن ولاءه مشكوك فيه! “.
تحديث للسؤال برقم 1
الانتماء/ المتعدد ينسجم مع تعددية المجتمع فهناك الانتماء للوطن، للإقليم، للطائفة، للدين، للقبيلة، إلخ. كل هذه الانتماءات مهمة ولكن يوجد بينها ماهو أهم. هذا الأهم يختلف من فرد لآخر ومن مجتمع لاخر بحسب التشنئة الاجتماعية " Socialization". على سبيل المثال، لا أحد يزايد في المملكة على أن الولاء للدين الإسلامي. وبالتالي هويتنا كعرب، سعوديين، نجديين حجازيينن أحسائيين، شيعة، سنة، إلخ، تتضاءل أمام كوننا مسلمين. هذا ما يؤكد عليه الخطابين الديني والرسمي في المملكة. إذا، فنحن أمام نسق ثقافي يؤمن بمفهوم "الأمة الإسلامية" والتي تتعدى حدود الوطن/القطر المملكة العربية السعودية من جهة، ويطلب من المواطنين - أو فئة منهم - ان يقدموا ولاءهم لكيان أصغر من الكيان الأم وهو الإسلام كم جهة أخرى! هنا تكمن مشكلة الخطاب الديني الذي يصر على مفهوم الأمة مقابل مفهوم الوطن؛ جدير بالذكر أن مفردة الوطن لم تكن سائدة في الصحافة المحلية قبل عقد من الزمن. لقد صال وجال فرسان الصحافة في موضوع العوامية وأعطوا لأنفسهم الحق في توزيع شهادات الوطنية و"الولاء" لمن يريدون وحرموا منها من رأوه عميلا للجهات الخارجية متناسين أبسط مبادئ الفهم الاجتماعي للحدث. فكون فئة من مجتمع ما تورطت في استخدام السلاح ضد الجهات الرسمية، مهما كانت المبررات، أخطات فهذا لا يعني أن يعطي كتاب الصحافة لأنفسهم الحق أن يهاجموا مجتمعا بأسره معلنين بذلك عزلته عن بقية مكونات الوطن؛ بل وصل الأمر ببعض الكتاب أن يطالب بسحب الجنسية لمن يثبت عدم ولاؤه! ونسي صاحبنا أن يحدد نوعية الاختبار الذي سيجرى وهل هو تحريري أو شفوي، وهل سيدخل جميع المواطنين فيه أم هو للفئة المشكوك فيها دون غيرها؟
تحديث للسؤال برقم 2
بالمقابل، صدرت بعض البيانات من بعض الشخصيات الشيعية السعودية تستجدي هؤلاء الكتاب أن يتصدقوا علينا بقبولنا كمواطنين، وهنا تكمن مشكلة أخرى. لأن الانتماء - وليس الولاء - للوطن أمر لا مزايدة عليه، وليس لأحد الحق في مهاجمة الناس في وطنيتها لمجرد امتلاك حرية إعلامية لا تمتلكها الفئة المستهدفة بالهجوم الصحفي. لقد شرّق أصحاب البيانات الشيعية وغرّبوا في استعراض ما أسموه بالـ"ولاء" وهم يجهلون أنهم يقصدون الانتماء. وليت المشكلة وقفت عند الجهل اللغوي، بل تعدتها للجهل الديني عند بعض من يطرح نفسه كطالب للعلوم الدينية، ويكفي أن نشير هنا إلى رأي محمد الجيراني الذي أسهب في في حديثه عن الولاء والبيعة دون أن يحدد المستند الشرعي الذي يقوم عليه الولاء أو البيعة بحسب فقه المذهب الجعفري الذي يزعم صاحبنا تمثيله في الاعلام من خلال الظهور بعمامته[2] . هنا لا أريد الخوض في الطرح الفقهي الذي له علماؤه المتخصصون، ولكن تنبغي الإشارة إلى أن الفكر الشيعي لا يرى بيعة لغير الإمام المعصوم، بالتالي فإن مفهوم البيعة لدى الشيعة يختلف تماما عن غيرهم من طوائف المسلمين. هنا قد يتساءل البعض: مالذي يمنع بقية مواطنيكم من الشك في نواياكم طالما تعترفون بأن بيعتكم تختلف عن بيعتنا؟ ببساطة، فإن حصر البيعة في الأمام المعصوم تعني أن المرجعية لا تُبايع هي الأخرى وبالتالي فإنه لا توجد منافسة بين الوطن والمرجعية إذ لا وجود لمقلّد يبايع مرجعه الديني على السمع والطاعة، وإنما يتلقى منه الفتاوى والتي من ضمنها "الالتزام بقوانين البلاد وبالعهود والمواثيق". عليه فإن الشيعي ملزم دينيا باحترام قوانين البلاد التي يعيش فيها وبكل العهود التي قطعها على نفسه ومنها التزامه بالانضواء تحت حكم الدولة التي يعيش فيها زهذا ما يتناغم مع مايسميه الفكر السني بيعة. وينقض هذا الالتزام الشيعي ما ينقض البيعة عند المذاهب الأخرى. بالتالي فإن المرجعية لاتشكل أي خطر سياسي على الدولة القطرية. ولنا في أحداث عالمنا العربي الملتهب خير مثال، إذ لم نسمع بفتوى أصدرها مرجع شيعي يحث فيها مقلديه على الإخلال بالأمن في بلدانهم، لأنه - وبغض النظر عن موقف المرجع الديني من هذا النظام السياسي أو ذاك - أمور خارجة عن نطاق فتواه وسلطته الدينية وليس السياسية. هذا الأمر ينسحب حتى على مقلدي مرشد الثورة الإيرانية الذين يتبعونه في أمور الفقه ولا تشملهم سلطته السياسية لأنهم خارج نطاقها بدخولهم في عهد السلطة السياسية في أقطارهم. ومن أجل مزيد من المصداقية، فإنني هنا أعترف - شخصيا - بمواجهة ازمة في فهم فقه السياسة في الجانب الشيعي الذي عزف فقهاؤه عن الخوض في السياسة لفترات طويلة من الزمن. لكن بالمقابل، فإن الفقه السياسي السلفي على بساطته ينضوي هو الآخر على خطورة بالغة تتلخص في النظرة للإمام/الحاكم. فبالرغم من عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم فإن الخارج المسلم على السلطان إذا تمكن من الحكم وجبت طاعته. هذا التبسيط الذي يصل إلى درجة التسطيح يعتبر موضوعا جديرا بالدراسة، بل والحذر طالما أن المنتصر جدير بالسمع والطاعة. هذا مثال واحد من عدة أمثلة يستطيع المتابع طرحها للتخويف من الفكر الديني السلفي وإدعاء خطره على أي نظام حاكم. بل نزيد على هذا، أن هذا المثال وحده يكفي لدحر كل التخوفات من الفكر الديني الشيعي والالتفات للفكر السلفي. ختاما، فإن بحوث علم الاجتماع والعلوم السياسية المعاصرة تركز على مفهوم الانتماء"affiliation" وليس الولاء "loyalty" بين مواطني الدولة القطرية الواحدة على أساس تساوي فرص العيش الكريم بين مختلف طوائف الشعب. تستطيع أن تفرض الانتماء على المواطنين من خلال بناء دولة وطنية تقوم على المؤسسات والقانون المحترم من قبل الجميع، ولكنك لا تستطيع أن تفرض الولاء على مجموعات متفرقة تتأهب للانقضاض على بعضها في أي لحظة تحين فيها الفرصة. الولاء مفهوم سام يأتي نتيجة تفوق انتماء معين على بقية الانتماءات، أو تماهي انتماءات متعددة في مفهوم واحد، عندها فقط يمكن للبعض التفكير في فسلفسة مفهوم وطني يجادل في تحويل مفهوم الانتماء للوطن إلى ولاء للوطن على غرار "حب الوطن من الإيمان”. حتى تلك اللحظة ينبغي علينا بناء جسور الثقة بين أطياف هذا الوطن بشكل يكفل للكل
...