مصادر ووسائل التلوث البيئي :
قد تكون :
(1) طبيعية "Natural sources of pollution" مثل البراكين والزلازل والعواصف الترابية وحرائق الغابات والمستنقعات والحيوانات والميكروبات ،
(2) أو صناعية (مستحدثة) "Artificial or induced sources of pollution" :
وهي إما أن تكون من مصادر ثابتة مثل المصانع والأنشطة المنزلية، أو متحركة مثل وسائل المواصلات. وفي هذه الحالة يكون الإنسان هو المصدر الأساسي لها وذلك عن طريق نشاطاته واستخداماته المختلفة واليومية لكثير
من المواد الصناعية والبتروكيميائية والمعدات والآلات ووسائل النقل المختلفة .
التلوث الهوائي Aerial Pollution:
هو حدوث أي تغيير في تركيب الهواء ، سواء كان ذلك عن طريق الغازات أو الأدخنة أو الغبار أو الرماد أو المواد المشعة، أو يقصد به احتواء الهواء الداخلي أو الخارجي على ملوث أو أكثر وبكميات ولفترات زمنية
تؤثر على صحة الإنسان أو النبات أو الحيوان أو المحيط الحيوي الذي فيه الإنسان. وعند التحدث عن تلوث الهواء يقصد بذلك في الواقع تلوث الطبقة السطحية من الغلاف الجوي (طبقة التروبوسفير) المحيط بالكرة
الأرضية والتي تمتد إلى ارتفاع تصل من 8- 15 كلم فوق سطح الأرض. وهذه هي الطبقة الهامة لمعيشة جميـع الكائنـات الحيـة حيث تحتـوي على مكونـات الهـواء وهـي: الأكسيجين (94ر20%) ، النتروجيـن (09ر78% )، ثاني
أكسيد الكربون (03ر0%)، الأرجون (93ر0%)، وقد يحتوي الهواء على بخار الماء (01ر0- 4 %) وبعض المواد الأخرى بنسب مختلفة حسب نقاوة الهواء.
وتعتبر المناطق الصناعية ومراكز المدن المزدحمة بالسكان من أكثر المناطق الملوثة هوائيا حيث تكثر فيها منتجات الاحتراق مثل أدخنة عوادم السيارات والمصانع المختلفة وكذلك الأدخنة والغازات السامة الناتجة من
مولدات الطاقة مثل الأفران ، المدافئ والغلايات.
أهم ملوثات الهواء وتأثيراتها :
1. غاز ثاني أكسيد الكربون Carbon Dioxide (CO2) :
أحد مكونات الهواء الجوي حيث يوجد في الهواء بتركيز 03ر0%. وإذا زاد تركيزه في الهواء الجوي إلى 1% فإنه يسبب أمراض تنفسية خطيرة للإنسان مثل السعال وضيق التنفس وسرعة النبض وارتفاع الضغط والحرارة والصداع،
وقد يؤدي إلى الوفاة. وتأتى مشكلة هذا الغاز كملوث هوائي خاصة في المناطق أو المدن الصناعية الكبرى و بالذات عندما تكون هذه المناطق فقيرة في كسائها النباتي ، أو عندما تندمج هذه الزيادة في هذا الغاز مع
التدهور المستمر للغابات الطبيعية ( Deforestation )في مختلف مناطق العالم. ولقد وصل مستوي الانبعاث السنوي من هذا الغاز في عام 1990م إلى أربعة أضعاف ما كان عليه في عام 1950م. هذا ولقد أوضحت الدراسات
فعلا أن تركيز غازCO2 الجوي قد ارتفع من 290 جزء في المليون (ppm) إلى تركيزه الحالي 355 جزء في المليـون ( ppm ) وذلك خلال 65-70 سنة الماضيـة ( أي بمعدل زيـادة 22% ). ولا يزال تركيز غاز CO2 يزداد بمعدل
2 جزء في المليون/السنة، ومن المتوقع أن يصل تركيزه إلى (600-700 جزء في المليون ) أي ضعف ما هو عليه الآن بحلول عام 2030م أو 2050م. لذا فإن الزيادة المطردة في تركيز CO2 الجوي، وكذلك في بقية الغازات
الدفيئة الأخرى “ GHGs ” ( غازات بيت محمي ) أو الاحتباس أو التسخين الحـراري مثـل غـازات الكلوروفلوروكربونـات ( CFCs CH4, N2O, وO3 ) والتي تتكون نتيجــة تراكمها في طبقات الجو العليا ، و بالتالي حدوث ما
يسمي بظاهرة الاحتباس الحراري“Greenhouseeffect” .
ولعل من أكبر الدلائل على البداية الخطيرة لظاهرة "الاحتباس الحراري" هي الفيضانات الكبيرة التي وقعت مؤخرا في شمال أوروبا في كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا، وكذلك موجات الدفء التي شهدتها كثير من
دول العالم في شتاء عام 1995م. هذا بالإضافة إلى موجات الجفاف والحرارة التي اجتاحت كثير من دول العالم في السنوات الأخيرة خاصة في صيف عام 2000م وبالذات في مناطق دول الشرق الأوسط وجنوب إفريقيا وغرب
الولايات المتحدة الأمريكية حيث تسببت مع الإزالة المستمرة والتحطيب الجائر وإهمال الإنسان لها ( مع الصواعق الرعدية المفاجئة ) إلى إشعال الكثير من الحرائق خاصة في غابات تركيا، وكذلك في كاليفورنيا
بالولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ذوبان كتل الجليد في القطب الجنوبي ، وفي نفس الوقت حدث انخفاض شديد في درجات الحرارة في مناطق أخرى من العالم كما حدث في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية و في
بلغاريا، و تساقط الثلوج في البرازيل، و حدوث فيضانات في شمال الهند. هذا بالإضافة إلى الفيضانات التي اجتاحت كل من الهند و تركيا و إيران وبعض دول أمريكا الجنوبية في مطلع عام 2001م وهذه ما هي إلا دلالة (
والله أعلم ) على حدوث تغيرات في المناخ الكوني نتيجة ظاهرة "الاحتباس الحراري" والتي من أهم أسبابه هي تراكم غازات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات البيئية في طبقات الجو العليا وتدهور الغطاء النباتي
.
2. الأكاسيد النتروجينية وغاز الأوزون :
وتوجد هذه الأكاسيد في عدة صور مثل أكسيد النتريت(NO) ، أكسيد النترايت(N2O) ، ثاني أكسيد النتروجين ( NO2, N2O4 ). ويعتبر غاز N2O هو أحد غازات ظاهرة البيت المحمي أو الاحتباس الحراري ( Greenhouse effect
) والذي يزداد سنويا بنسبة 2.,. % إلى 3,. %. بينما أكسيد النتريت (NO)غاز عديم اللون و يتحول عادة إلى غاز ثاني أكسيد النتروجين (NO2) في وجود الرطوبة والنتروجين في الجو. وهذا الغاز( NO2 ) يكون ذو لون
بنى محمر (يعطى الدخان اللون البني)، و يسبب حرقة في العيون و تهيج الجيوب الأنفية، وصعوبة التنفس، والسعال، والإزرقاق عند التعرض له لتراكيز مختلفة من 50-300 جزء في المليون ( 50-300 ppm).
وبصفة عامة فإن غـاز ثانـي أكسيـد النتروجين(NO2) وفي وجود مركبات الهيدروكربون غير المشبعة في الــجو يدخـل في سلسلـة مـن التفاعلات الكيميائيـة عند تعرضها للأشعـة فـوق البنفسجيـة“Ultraviolet
irradiation” الآتية من الشمس ويؤدى إلى تكوين غاز الأوزون “O3 ” الضار والذي يتراكم بدوره في الهواء الجوي في طبقة التربوسفير القريبة من سطح الأرض، وكذلك إلى تكوين ملوثات عضوية ضارة مثل: مركبات نترات
البيروكسي أسيتيل (PAN) Peroxyacetyl itrate واللتان بدورهما تؤديان في النهاية إلى تكوين ما يسمى بـ : " الدخـان الضبابي الضوء كيميائي" أو " الدخاب "( Photochemical smog ). ولقد رصد حادثة تلوث الهواء
بالدخان الضبابي في لندن في عام 1952م.
وبما أن غاز الأوزون هو أحد مكونات هذا الدخان الضبابي، فإن الدخان الضبابي “Smog” لا يؤدى فقط إلى حجب الرؤية، وإنما له أثر ضار أيضا على صحة الإنسان و الحيوان و النبات. وذلك لأن الأوزون هو في الحقيقة
غاز سام خانق (يدمر الرئتين و الأكسيجين الجديد بتحويله إلى صدأ)، وقد يسبب تشوهات خلقية وسرطان. وإذا ما استنشق الإنسان كميات بسيطة من الأوزون 1-3 جزء في المليون (ppm) فإنه يمكن أن يصاب بالصداع والإعياء
الشديد خلال ساعتين فقط من تعرضه للأوزون. وإذا زاد تركيز الأوزون في الهواء الجوي عن 9-10 جزء في المليون يمكن أن يؤدي إلى إصابة الإنسان باستسقاء رئوي حاد, وقد يؤدي إلى الوفاة إذا ما تعرض لهذا التركيز
لفترة تزيد عن الساعة. ولقد وجد أن تركيز 5,. جزء في المليون(0.5 ppm) من هذا الغاز في الهواء يمكن أن يسبب ضعف في الرؤية والتنفس ووظائف المخ والتهاب الحلق. ولقد وجد فعلا هذا التركيز من الأوزون في كثير
من المدن الأمريكية المزدحمة بالسكان والسيارات ووسائل النقل الأخرى كما في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، ومدينة مكسيكو بالمكسيك. كما أن هذا الغاز يسبب تآكل وشحوب ألوان اللوحات والأعمال الفنية
والأثرية القيمة، نظرا لدرجة التفاعل العالية له. كما تبين أن الأشجار المزروعة في الحدائق والشوارع تتأثر أيضا بهذه الملوثات خاصة غاز الأوزون، فتتلون أوراقها بلون برونزي مع وجود بقع صفراء باهته عليها،
مع أن الكثير منها لا تستطيع البقاء تحت ظروف التراكيز العالية من الدخان الضبابي الضوء كيميائي.
3. ثاني أكسيد الكبريت (SO2) “Sulphur Dioxide”:
إن تأثير غاز ثاني أكسيد الكبريت لا يقتصر فقط على المناطق القريبة من مصادره، وإنما يصل أيضا إلى مناطق ودول بعيدة عن مصادره الأساسية، لأن هذا الملوث الغازي له قدرة كبيرة على الانتشار لمسافات كبيرة في
الفضاء. ويرجع هـذا الغـاز في النهايـة إلى الأرض حيث تسقط كأمطار حمضية “ acid rains ” بدرجة حموضة تصل إلى 3.5 أو أقل (pH) [ نتيجة تلامس هذا الغاز مع جزيئات الماء الموجودة في الهواء مكونة أحماض كبريتية
“ sulphuric acid ”]. وقد تسقط هذه الأمطـار في مناطـق أو في أماكن بعيـدة جدا عن مصادرها الأساسية بمئات بل بآلاف الكيلومترات، كما هو حاصل في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والدول
الاسكندنافية.
وتؤثر الأكاسيد الكبريتية (مثلها مثل الأكاسيد النيتروجينية) والأمطار الحمضية المتكونة منها على كل من الإنسان والحيوان والنبات والتربة والصخور والمباني والماء والهواء. ولقد وجد أن تركيزات بسيطة من
غازات ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وثالث أكسيد الكبريت(SO3) تسبب احتقان القصبات والشعب الهوائية في الإنسان، وقد تشجع أيضا من حالات الإصابة بالربو وبالأمراض التنفسية الأخرى، وبالذات لدى الأطفال. كما تسبب
الأمطار الحمضية الكثير من الأضرار الخطيرة على الكساء النباتي و الترب