- دور دولة الموحدين في الحضارة الإسلامية .
- نهاية دولة الموحدين .
الموحِّدين، دولة. (515 - 674هـ، 1121 - 1275م) تنسب دولة الموحدين إلى الجماعة الإسلامية التي كونها محمد بن تومرت المهدي بالمغرب الأقصى. وترجع كلمة الموحدين إلى قولهم بأن الله تعالى وحده لا يمكن أن
تتصوره المحسوسات، فهو فوق التشبيه، وكل تصوير لله تعالى يعد مجازًا، على خلاف أصحاب التشبيه والتجسيم، فالموحِّدون في نظرهم مخالفون للحقيقة، بل هم يرون رأيهم كفرًا، وهم لذلك يعتقدون أنهم هم المؤمنون
حقًا، الذين يوحدون الله وينزهونه عن كل تشبيه له بالخلق.
توفي ابن تومرت بعد أن وضع أسس هذه الدولة، وأوصى بالخلافة من بعده لقائده عبدالمؤمن بن علي، الذي قضى على دولة المرابطين. وكان أول حاكم مسلم في تاريخ المغرب الكبير استطاع وضع يده على البلاد الممتدة من
مصر إلى الأطلسي بالإضافة إلى أسبانيا.
وعندما ضعفت قبضة الموحدين على الأندلس، طمع فيها الأسبان، لذا قاد سلطان الموحِّدين الثالث المنصور بالله يعقوب بن يوسف بن عبدالمؤمن بن علي (580 - 595هـ، 1184 - 1198م) جيشه سنة 591هـ، 1195م، وانتصر على
الأسبان انتصارًا كبيرًا في موقعة الأرك قرب بطليموس، في العام نفسه. ولم يقل هذا الانتصار عن انتصار المرابطين من قبل في موقعة الزلاقة.
دور دولة الموحدين في الحضارة الإسلامية. سببت حركة الموحدين وقيام دولتها نشاطًا كبيرًا في المغرب، وتوسعت في زمن عبدالمؤمن مدينة مراكش التي اتخذها عاصمة له، كما أنه أسس بلدة صغيرة دعاها رباط الفتح،
وتوسعت في زمن حكم حفيده أبي يوسف يعقوب المنصور، الذي اتخذها عاصمة له، وسميت بالرباط إلى يومنا هذا.
وامتازت الفترة الأولى من حكم الموحدين بتقدم حضاري عظيم في مجال العمارة والثقافة، فقد توسعت رقعة عدد آخر من مدن الموحدين وأقيمت فيها أبنية كبيرة، ما تزال آثارها باقية حتى اليوم. وقد عاش اثنان من أعظم
فلاسفة المغرب، هما ابن طفيل وابن رشد، في ظل دولة الموحدين، ولقيا الرعاية من بلاطهم في مراكش. وعاش في بلاطهم أيضًا عدد كبير من الشعراء والفقهاء والأدباء والمؤرخين.
نهاية دولة الموحدين. كان من أبرز عوامل سقوط هذه الدولة:
1- إعلان الأسبان عليهم حربًا صليبية، تطوع فيها الرجال من دول غربي أوروبا، فهزموا جيش الناصر بن المنصور في موقعة العقاب سنة 609هـ، 1212م، وكان ذلك بداية لنهاية دولة الموحدين بالأندلس عام 633هـ،
1235م.
2- مجيء حكام ضعاف مترفين بعد أبي يوسف المنصور، مما عرض الدولة ـ حتى في عهد المنصور ـ إلى التمرد عليها من قبل فئات وقبائل أخرى نصرانية.
3- دخلولهم في حلبة المعارك الأهلية الداخلية، على امتداد أكثر من خمسين سنة (609 - 668هـ، 1212 - 1269م)، فاستنفدت قواهم وأبيدت معظم عناصرهم. بل إن جهاز الدولة والعناصر الثائرة فيها قد تولت هي قتل
الخلفاء في نهاية الأمر؛ فقتل الخليفة الموحد أبي محمد عبدالواحد الرشيد، والخليفة العادل، بل إن الخليفة المأمون قتل أكثر من مائة من أشياخ الموحدين الذين خالفوه.
4- السقوط النهائي على يد بني مرين عام 668هـ، 1269م.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
- سقوط دولة المرابطين .
المرابطين، دولة. دولة المرابطين إحدى الدول الإسلامية التي نشأت في الفترة ما بين 448 - 541هـ، و1056 - 1147م في الجزء الشمالي الغربي من القارة الإفريقية. فقد اتحدت قبائل صنهاجة ولمتونة ومسوفة وجدالة
البربرية في القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي. وكان من بين أهداف هذا الاتحاد العمل على تنظيم تجارة القوافل عبر الصحراء، فيما بين أقصى الشمال حيث منطقة والاتا، وأقصى الجنوب حيث كانت تقع مملكة غانا.
ولم يُكْتَب لهذا الاتحاد عُمْرٌ طويل، فوهن ثم تلاشى. فانتهزت غانا تلك الفرصة فازدهرت، وتسلطت على بعض أجزاء الصحراء التي يؤمها تجار القوافل من البربر والعرب.
وعندما واجه زعماء هذه القبائل قوة غانا النامية أعادوا ثانية توحيد صفوفهم سنة 411هـ، 1020م، لصد هذا الخطر، يقودهم زعيمهم تارسينا الصنهاجي المسلم، الذي تشبع بروح الإصلاح والجهاد بعد حجته إلى مكة. خاض
تارسينا معارك دامية ضد غانا، راح ضحيتها تارسينا نفسه سنة 413هـ، 1023م، وخلفه يحيى بن إبراهيم، شيخ جدالة وزوج ابنته ليكمل رسالته.
أخذ يحيى يبحث عمن يشاركه حمل أعباء الدعوة، فوقع اختياره على عبدالله بن ياسين الجزلي، الذي لجأ إلى رباط (وإلى هذا الرباط ترجع تسمية المرابطين) بعد فشله في الدعوة بين أهله الملثمين المنتشرين في
الصحراء، فربى جماعة جهادية قوية على الفكر السني الصحيح. وقويت شوكته عندما كوّن أول نواة لدولة المرابطين التي اتسعت فيما بعد حتى الأندلس، وقضت على دولة غانا سياسيًا.
وتمكن المرابطون من فتح مدينة أودغست الصحراوية عام 447هـ، 1055م، وكومبي صالح عاصمة غانا عام 469هـ، 1076م وأقاموا عليها حاكمًا مسلمًا، وأضحى ملوك غانا من المسلمين منذ ذلك الوقت حتى عندما انفصلوا عن
دولة المرابطين سنة 480هـ، 1087م، وأعلنوا تبعيتهم للخليفة العباسي في بغداد مباشرة.
قتل عبدالله بن ياسين في إحدى المعارك عام 451هـ، 1059م، وسار من بعده أبوبكر بن عمر الذي خلف يحيى بن عمر، وقد كان موفقًا في اختيار ابن عمه يوسف بن تاشفين ليكون ساعده القوي في تحقيق المبادئ التي انطلقت
من رباط السنغال. وسرعان ما انتقل ابن تاشفين بالدولة من العهد الصحراوي إلى عهد الدولة الملتفة حول هدف الجهاد من أجل الإسلام. وقد كان بناء يوسف لمدينة مراكش والاستيلاء على مدينة فاس إيذانًا بهذا،
واستجاب لنصرة المعتمد بن عباد ـ أحد حكام دول الطوائف بالأندلس ـ لدرء خطر ألفونسو السادس ملك قشتالة الأسباني على ملوك الطوائف المسلمين هناك. فاكتسحوا أسبانيا الجنوبية، وانتصروا على ألفونسو في موقعة
الزلاقة. انظر: الزلاقة، موقعة. ونجحت هذه الدولة في مزج العناصر المغربية والزنجية والأندلسية، مما تكون عنه أسلوب حضاري جديد هو خلاصة التقاء هذه العناصر الثلاثة، وشلوا نفوذ إيطاليا البحري، وحالوا دون
قيام حرب صليبية في المغرب مثلما حدث في المشرق. وأسهموا بدور كبير في نشر الإسلام بغربي إفريقيا.
سقوط دولة المرابطين. بدأت هذه الدولة تدخل في طور الأفول في عهد علي بن يوسف بن تاشفين، لأسباب أبرزها: 1- انصراف علي بن يوسف عن شؤون الحكم إلى الزهد السلبي، ووقع تحت تأثير بعض الفقهاء ممن لا يحسنون
السياسة. 2- انصرف فقهاء دولته في عهده وعهد من خلفوه إلى تكفير الناس بحجج واهية، واتجهوا إلى جمع الثروات، وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3- لم يعد لهم جيش يعوّل عليه في صد هجمات الغزاة، بل
استسلم أفراده إلى ملذاتهم، وبلغ فسادهم حد قطع الطريق على المسافرين. 4- قامت ضدهم الثورات في الأندلس أدت إلى طردهم منها، وعادت الأندلس إلى ما كانت عليه من فوضى. وقامت ضدهم ثورة في إفريقيا فاختلت
أحوالهم. 5- قضت دولة الموحِّدين على البقية الباقية من دولتهم.