دأب الشيعة على رفع نسبتهم في جميع البلدان التي يقيمون فيها لأسباب سياسية لا تخفى على أحد, ومن تلك الدول البحرين التي بالغ البعض بالقول بأن الشيعة العرب منهم
ذوي الأصول الإيرانية يشكلون 60 إلى 65% من إجمالي السكان!
وقد جاء في تقرير مركز ابن خلدون حول الأقليات لسنة 1993 أن سكان البحرين ينقسمون إلى ثلاث مجموعات:
العرب الشيعة ونسبتهم 45% من مجموع السكان, والعرب السنة ونسبتهم كذلك 45% أما الإيرانيون 8%, وثلثهم سنة والثلثان من الشيعة, وبذلك يصل الشيعة العرب والإيرانيون إلى حوالي 52%, أما السنة العرب والإيرانيون
البلوش فنسبتهم 48%(5).
إلا أن تقرير ابن خلدون ذاته الصادر سنة 1999(6) قام برفع نسبة الشيعة في البحرين إلى 70%, وهي نسبة غير واقعية ومنافيه للواقع السكاني في البحرين, ولم يذكر التقرير الأسس التي استند عليها لرفع نسبة الشيعة
من 52% إلى 70% خلال 6 سنوات, على الرغم من أنه لم يحصل ما يدعو إلى ارتفاع النسبة بهذا الشكل وخلال هذه الفترة القصيرة, سوى ما عزاه التقرير إلى أن الشيعة معظمهم ريفيون يكثر عندهم الإنجاب وتعدد الزوجات.
بالرغم من صحة هذا الأمر الذي يتم بدعم وتشجيع القيادات الطائفية مع التكفل بالمصاريف اللازمة وذلك من أموال الخمس!
والأمر يدعو للغرابة أيضاً إذا علمنا أن المركز قام بالشيء نفسه عند تناول قضية الشيعة في العراق(7) .
وقد نقل د. خالد العزي في كتابه: "الخليج العربي في ماضيه وحاضره" نداءً وجّهته صحيفة السياسة الكويتية في 5/12/1971 إلى شعوب وحكومات الدول العربية إلى اتخاذ كافة السبل لردع خطر التسلل الإيراني في الأرض
العربية, وقالت الصحيفة بأن المتسللين يشكلون طابوراً خامساً ينبغي التقليل من أهمية خطره خاصة بعد احتلال الجزر العربية (الإماراتية), وصفت خطر التسلل الإيراني بأنه لا يقل خطورة عن التسلل الصهيوني الذي
يعتبر أحد أسباب ضياع فلسطين واغتصابها(8), وقبل ذلك كان مجلس الجامعة العربية, وفي دورته الحادية والأربعين 31/3/1964 بحث موضوع الهجرة الأجنبية إلى إمارات الخليج وطلب من الدول المعنية تقييدها والتبصر
بالأخطار التي تواجهها(9).
إذاً لا يخفى أن زيادة عدد الشيعة في الخليج عامة والبحرين خاصة كان بسبب الهجرة الإيرانية المتزايدة إلى بلدان الخليج أثناء الحكم البريطاني, في ظل غفلة أهلها وتساهل شيوخ الخليج, بل إن بعض الذين زاروا
البحرين أو كتبوا عنها في بدايات هذا القرن يذكرون صراحة أن الوجود الشيعي هو وجود أجنبي, يقول أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب" الصادر سنة 1924 ص721 ما يلي: وهي (البحرين) على صغرها عامرة بمئتي ألف من
العرب والأعاجم من الشرق والغرب, بيد أنها لا تزال عربية الأصل والحكم, عربية اللغة والروح, لأن أكثر سكانها من العرب الأصليين, عرب نجد, وفيهم من المذاهب الإسلامية المالكي والشافعي والحنبلي والجعفري, اما
الجعفريون فهم مثل الهنود يعدون من الأجانب لأنهم إيرانيون أو إيرانيو التبعية.
وقد جاءت نتائج الانتخابات البلدية والنيابية سنة 2002, وحصول الشيعة في الأولى على 23 مقعداً من 50 وعلى 13 مقعداً من أصل 40 مقعداً في الثانية, لتعطي صورة تقريبية عن حجم الشيعة في البحرين, فإذا كان
حصولهم على أقل من ثلث مقاعد المجلس النيابي بسبب مقاطعة بعض تنظيماتهم للانتخابات يبدو ومفهوماً بعض الشيء, فإن حصولهم على أقل من نصف مقاعد البلديات في الانتخابات التي شارك فيها جميع قطاعاتهم تبطل نظرية
الأغلبية الكاسحة أو المطلقة.