القراءة من المصحف في الصلاة :
ذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز القراءة من المصحف في الصلاة ، قال أحمد : لا بأس أن يصلّي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف ، قيل له : الفريضة ؟ قال : لم أسمع فيها شيئاً. وسئل الزّهريّ عن رجل يقرأ في
رمضان في المصحف ، فقال : كان خيارنا يقرءون في المصاحف .
وفي شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاريّ : قرأ في مصحف ولو قلب أوراقه أحياناً لم تبطل - أي الصلاة - لأن ذلك يسير أو غير متوال لا يشعر بالإعراض ، والقليل من الفعل الذي يبطل كثيره إذا تعمده بلا حاجة
مكروه .
وكره المالكية القراءة من المصحف في صلاة الفرض مطلقاً سواء كانت القراءة في أوله أو في أثنائه ، وفرقوا في صلاة النفل بين القراءة من المصحف في أثنائها وبين القراءة في أولها ، فكرهوا القراءة من المصحف في
أثنائها لكثرة اشتغاله به ، وجوزوا القراءة من غير كراهة في أولها ; لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرض .
وذهب أبو حنيفة إلى فساد الصلاة بالقراءة من المصحف مطلقاً ، قليلاً كان أو كثيراً إماماً أو منفرداً أمّيّاً لا يمكنه القراءة إلا منه أو لا ، وذكروا لأبي حنيفة في علة الفساد وجهين :
أحدهما : أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير ، والثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما لو تلقن من غيره ، وعلى الثاني لا فرق بين الموضوع والمحمول عنده ، وعلى الأول يفترقان .
واستثني من ذلك ما لو كان حافظاً لما قرأه وقرأ بلا حمل فإنه لا تفسد صلاته ; لأن هذه القراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقّنه من المصحف ومجرد النظر بلا حمل غير مفسد لعدم وجهي الفساد .