جرت معلومات نشرتها صحيفة أمريكية واسعة الانتشار عن قيام مصر بتزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح السوفيتي في سبعينات القرن الماضي بعد وصلة من الرقص
الشرقي أدتها راقصة أمريكية في مكتب المشير عبدالحليم أبو غزالة وزير الدفاع المصري الأسبق، جدلا حول طبيعة صناعة القرار الاستراتيجي في بعض الدول العربية وارتباطه بالعلاقات النسائية.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"إن ابو غزالة ـ أحد اهم القادة البارزين في حرب أكتوبر 1973 ـ قد وافق على إمداد المجاهدين الأفغان بالسلاح في سبعينيات القرن الماضي بعد "وصلة" رقص شرقي في مكتبه، وأن ذلك
كان سببا فيما بعد في تصدير الارهاب للعالم الاسلامي ونشأة تنظيم القاعدة.
وبدأت القصة، حسب الصحيفة، عندما نجح عضو الكونجرس الأمريكي تشارلي ويلسون في تجنيد راقصة أمريكية تدعى "كارول" تجيد الرقص الشرقي لإقناع أبوغزالة بتزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح الروسي من مصر.
وبينما اعتبر المستشار الشخصي للرئيس الراحل أنور السادات إن القصة ساذجة، لأن امداد الساحة الأفغانية في ذلك الوقت بالرجال والسلاح جاء من أعلى مراكز صناعة القرار ممثلا في السادات نفسه في ظل مصالح
متبادلة مع واشنطن، قال رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة المصرية إن المكالمات الهاتفية التي نشرها في مجلة "روز اليوسف" الحكومية، مطلع تسعينات القرن الماضي حول علاقة أبو غزالة بسيدة مجتمع شابة، كانت سببا في
عزله من منصبه، فيما عرف بفضيحة "لوسي ارتين".
عودة للأعلى
السادات صاحب القرار
لكن د.محمود جامع المستشار والطبيب الشخصي للرئيس السادات أكد لـ"العربية.نت" إن أبو غزالة حاول مساعدة لوسي ارتين كعمل انساني منه بعد أن عرف معاناتها مع زوجها، ومشاكلها معه، ولم يكن يرتبط بأي علاقة خاصة
بها، لكنها كانت لها علاقات من هذا النوع مع مسؤولين آخرين في مراكز صنع القرار، نافيا بشدة أن يكون له أي دور في تزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح والرجال.
وقال لـ"العربية.نت" إن قرارا بهذا الحجم خرج من أعلى مراكز القرار، بطلب أمريكي في ظل مصالح متبادلة مع مصر، تمحورت في ضرورة اسقاط الشيوعية وانهاء الحرب الباردة لتتفرغ الولايات المتحدة بعد ذلك لحل مشكلة
الشرق الأوسط وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية، مشيرا أيضا إلى دور النزعة الدينية للسادات في هذا القرار.
جامع أضاف أن أبو غزالة لعب دورا مهما في مسألة أخرى عندما نصح السادات بامداد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالسلاح في حربه ضد ايران رغم دوره – صدام حسين - في عزلة مصر عن العالم العربي بعد
ابرامها معاهدة كامب ديفيد وتأسيس ما عرف بجبهة الصمود والتصدي، وكان أبو غزالة يرى ذلك من ضرورات الأمن القومي المصري.
واتفق د.نبيل شرف الدين الخبير في الجماعات الاسلامية الأصولية، مع د.جامع في وصف هذه القصة بالساذجة وقال "صحيح إن هناك قصصا تم تداولها في التسعينات ونشرت الصحافة بعضها مثل علاقة أبو غزالة بفضيحة لوسي
ارتين، أو باحدى الفنانات التي برزت في تلك المرحلة، إلا أنني استبعد تماما أن يكون للجانب النسائي أي دور في امداد المجاهدين الأفغان بالسلاح الروسي الذي كان موجودا في مصر، فالأمور السيادية الكبرى لا
تجري بمثل هذا العبث".
وأضاف "كان هذا القرار من صناعة أنظمة عديدة في المنطقة، بعضها وجد في هجرة الاسلاميين الأصوليين للساحة الأفغانية بمثابة خلاص منهم، وكل ذلك تم بالطبع بتنسيق أمريكي، دون أن يتوقعوا أنهم يساهمون بذلك في
صناعة تنظيم "القاعدة" الذي ظهر للوجود بعد انتهاء مرحلة الجهاد الأفغاني ضد الروس، ، وهو أمر لم يعد سرا، ولم يكن بالنسبة لمصر يحتاج إلى اغراء راقصة أمريكية أو غيرها، فمن السهل على مسؤول كبير الحصول على
اغراءات نسائية مجانا ودون ضجيج".
عودة للأعلى
فضيحة لوسي ارتين
لوسي آرتين مع خالتها الفنانة لبلبة
وكان الصحفي وائل الابراشي رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة" هو أول من كشف عام 1993 فضيحة لوسي ارتين واتصالاتها مع كبار المسؤولين المصريين وفي مقدمتهم المشير أبو غزالة وقيادات رفيعة المستوى في وزارة
الداخلية ومحافظ سابق للتأثير على حكم قضائي في نزاع عائلي بينها وبين طليقها.
ولوسي ارتين هي سيدة أعمال مصرية جميلة تنتمي للطائفة الأرمينية في مصر، وابنة شقيقة الممثلة لبلبة وقريبة الممثلة الاستعراضية نيللي، وقد ذاع صيتها بعد هذه الفضيحة ولم تتأثر بها، وأصبحت ضيفة صالونات
المجتمع الراقي، وخاضت محاولات لتصبح ممثلة مستفيدة من الأضواء التي أحيطت بها واهتمام الصحف المصرية.
وهي صاحبة الفضيحة التي توصف بأنها أخطر قضايا الفساد في مصر خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة، انتهت بالاطاحة بنائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والانتاج الحربي المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة، وبالرجلين
الثاني والثالث في وزارة الداخلية بعد الوزير، وبثلاثة قضاة.
وفي ذلك الحين نشر الابراشي في مجلة "روز اليوسف" مكالمات هاتفية سجلتها جهة رقابية بين هؤلاء المسؤولين وبين لوسي، باعتبارها كما قال في تصريحات صحفية له فيما بعد، نموذجا لعلاقات بعض رجال السلطة بسيدة
عندها مشكلات مع طليقها أحبت اختراق القضاء و المؤسسات السياسية و الشرطة, فلجأت إلى كل هذا الكم من المسؤولين.
يقول الابراشي لـ"العربية.نت": كان في المكالمات ما يشير إلى علاقة بين لوسي ارتين وأبو غزالة، وكانت هذه أيضا من الأسباب التي أدت لعزل مسؤول مرموق برئاسة الجمهورية، بسبب تلقيه أحد هذه المكالمات من لوسي
ارتين، والتي كانت موجهة في الأصل إلى أبو غزالة.
وتابع: ما فجر القضية أن جهة رقابية رصدت علاقة لسيدة تستغل نفوذها بموظفة في الشهر العقاري، فبدأوا يسجلون لها، فاكتشفوا مكالمات تتم من رئاسة الجمهورية مع تلك السيدة التي تبين أنها لوسي ارتين، ومن هنا
تم التقاط الخيط الذي أدى إلى أبوغزالة.
واستطرد الابراشي: كانت لوسي تريد من يتوسط لها لدى القضاء، فقام أبو غزالة بهذه المهمة، واستغلت هي هذه العلاقة في فرض نفوذها لدى مسؤولين آخرين، مثل فادي الحبشي مدير المباحث الجنائية الذي سمعها تتحدث
هاتفيا لأبو غزالة، فأخذ يتقرب لها لأنه يرغب في أن يصبح وزيرا للداخلية، وكانت هذه أيضا رغبة المرحوم حلمي الفقي مدير الأمن العام، أي أنها أخذت تستغل اسم أبو غزالة حتى في تحقيق طموحات الغير، مقابل أن
يخدموها في نزاعها مع طليقها.
وقال إنه من خلال المكالمات الهاتفية بين أبو غزالة ولوسي ارتين كانت العلاقة الخاصة واضحة جدا، لكن حرصا على اسمه استبدل في أوراق القضية بكلمة "الباشا". وكانت تطلبه في أي وقت وأمام الناس مستغلة ذلك في
فرض نفوذها على تلك الأسماء المهمة.
وأضاف الابراشي أنه استدعي ثلاث مرات لمباحث أمن الدولة بسبب نشره لوثائق هذه القضية، وفي احد الاستدعاءات صدر ضده حبس احتياطي لكنه الغي بعد تدخل بعض الشخصيات وكبار الصحفيين.
ويقول إنه حذف التعبيرات الجنسية التي تضمنتها بعض مكالمات لوسي ارتين لفجاجتها، لكن لم يصل حديثها لهذا المستوى مع أبو غزالة الذي كان قليل الكلام، وفي أحد المكالمات يخبرها أنه سيتوسط لها مع تحسين شنن
محافظ السويس الأسبق ليتحدث مع القاضي المقيم في هذه المحافظة، وبسبب هذه القضية طار شنن أيضا من منصبه.
عودة للأعلى
رقصة مثيرة بالسيف
وفي اطار رواية صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قالت "إن تشارلي – عضو الكونجرس الأمريكي - استخدم أساليب الإغراء لحشد التأييد والتسليح للمجاهدين الأفغان، لمحاربة الاتحاد السوفيتي، وهو ما أدي لانتصار
أمريكا في الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي، لكنه في ذات الوقت أهدى للعالم الإرهاب الإسلامي، ممثلا في تنظيم القاعدة، الذي كان المجاهدون الأفغان نواته، والذي تحاربه أمريكا الآن".
وأضافت أن "تشارلي اصطحب معه صديقته كارول شأنون التي تجيد الرقص الشرقي، حيث قدمت وصلة رقص، واستخدمت "السيف" بشكل مثير تحت حزام المشير أبوغزالة". وذكرت الصحيفة أن الأمن السري وافق على اصطحاب الراقصة
بالسيف إلى مقر أبوغزالة، وأنها رقصت ووضعت السيف فوق رأس أبوغزالة، ثم وضعته أثناء الرقص على أذنه، ثم نزلت إلى صدره ثم بطنه فأسفل الحزام".
وواصلت الصحيفة قائلة "إن الحرس الخاص لأبوغزالة حاول عدة مرات توقيفها، وأخذ السيف منها، ولكن تشارلي كان يصرخ فيهم: "دعوها.. هذا جزء من العرض"، وهو ما وافق عليه أبوغزالة".
وأضافت أن أبوغزالة وافق في اليوم التالي على مساعدة تشارلي والولايات المتحدة في حربهم السرية ضد الاتحاد السوفيتي، وأكد أنه لا توجد قيود على كمية السلاح، الذي يمكن أن ترسله مصر إلى الأفغان.
وقالت الصحيفة إن الهدف من قيام مصر بإرسال سلاح سوفيتي إلى أفغانستان كان في إطار التمويه على قيام الغرب بمساعدة المجاهدين الأفغان، وادعاء أن هذا السلاح تم الاستيلاء عليه من الجيش السوفيتي.
القصة تناولتها أكثر من صحيفة أمريكية، منها صحيفة "لفكين دايلي نيوز" التي نقلت تفاصيل أكثر عن الراقصة التي تعيش في شيكاغو، وتبلغ حاليا من العمر 60 عاما، وهي أم مطلقة لفتاتين تمارسان الرقص الشرقي
أيضا.