بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فلا يصح معنى الانتظار لأن أهل الجنة لا ينتظرون رحمة الله في اليوم الاخر كما قال الله تعالى (( إن الله سريع الحساب)) فلايصح معنى الانتظار.
وقال ابن حجر في (فتح الباري): قال البيهقي: وجه الدليل من الآية أن لفظ " ناضرة " الأول بالضاد المعجمة الساقطة من النضرة بمعنى السرور، ولفظ " ناظرة " بالظاء المعجمة المشالة يحتمل في كلام العرب أربعة
أشياء: نظر التفكر والاعتبار، كقوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)، ونظر الانتظار كقوله تعالى (ما ينظرون إلا صيحة واحدة)، ونظر التعطف والرحمة كقوله تعالى (لا ينظر الله إليهم)، ونظر الرؤية
كقوله تعالى (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت)، والثلاثة الأول غير مرادة، أما الأول فلأن الآخرة ليست بدار استدلال، وأما الثاني فلأن في الانتظار تنغيصا وتكديرا والآية خرجت مخرج الامتنان والبشارة،
وأهل الجنة لا ينتظرون شيئا لأنه مهما خطر لهم أتوا به، وأما الثالث فلا يجوز لأن المخلوق لا يتعطف على خالقه، فلم يبق إلا نظر الرؤية، وانضم إلى ذلك أن النظر إذا ذكر مع الوجه انصرف للعينين اللتين في
الوجه؛ ولأنه هو الذي يتعدى بإلى كقوله تعالى (ينظرون إليك). وإذا ثبت أن "ناظرة" هنا بمعنى رائية اندفع قول من زعم أن المعنى ناظرة إلى ثواب ربها؛ لأن الأصل عدم التقدير. وأيد منطوق الآية في حق المؤمنين
بمفهوم الآية الأخرى في حق الكافرين (إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) وقيدها بالقيامة في الآيتين إشارة إلى أن الرؤية تحصل للمؤمنين في الآخرة دون الدنيا.
وهذه بعض الأحاديث الشريفة الواردة عن هذا الموضوع:
حدثنا الحميدي قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا إسماعيل، عن قيس، عن جرير قال:
كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة - يعني البدر - فقال: (إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها
فافعلوا). ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} أخرجه البخاري
حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي: حدثنا أبو شهاب، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم عياناً).أخرجه البخاري
(6999) - حدثنا عبدة بن عبد الله: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة: حدثنا بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم: حدثنا جرير قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال: (إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته).أخرجه البخاري
والله الموفق و الحمد لله رب العالمين