هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
....ففي هذا الشهر شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة وصل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى مهاجره إلى طيبة إلى المدينة النبوية مهاجراً من مكة البلد الأول للوحي وأحب البلاد إلى الله
ورسوله خرج من مكة مهاجرا بإذن الله بعد أن أقام بمكة ثلاثة عشر سنة يبلغ رسالة ربه ويدعو إليه على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش واكابرهم سوى الرفض لدعوته والأعراض عنها والإيذاء الشديد للرسول صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ولمن أمن معه حتى آل الأمر بهم إلى تنفيذ خطة المكر والخداع ....
استماع المادة
الحمد الذي الحمد الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ونشكره على ما أولانا من واسع كرمه وفضله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله وأضل من ضل بحكمته وعدله وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله المصطفى من خلقه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله واتباعه وصحبه
أما بعد
ففي هذا الشهر شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة وصل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى مهاجره إلى طيبة إلى المدينة النبوية مهاجراً من مكة البلد الأول للوحي وأحب البلاد إلى الله ورسوله
خرج من مكة مهاجرا بإذن الله بعد أن أقام بمكة ثلاثة عشر سنة يبلغ رسالة ربه ويدعو إليه على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش واكابرهم سوى الرفض لدعوته والأعراض عنها والإيذاء الشديد للرسول صلى الله عليه وعلى
آله وسلم ولمن أمن معه حتى آل الأمر بهم إلى تنفيذ خطة المكر والخداع لقتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث اجتمع كبراءهم في دار الندوة وتشاوروا ماذا يفعلون برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوا
أصحابه يهاجرون إلى المدينة وأنه لا بد أن يلحق بهم ويجد النصرة والعون من الأنصار الذين بايعوه ؛ بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبنائهم ونسائهم وحينئذ تكون له الدولة على قريش فقال عدو الله أبو جهل
الرأي أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جلداً ثم نعطي كل واحداً سيفاً صارماً ثم يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح منه فيتفرق دمه في القبائل فلا يستطيع بنوا عبد مناف يعني عشيرة النبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يحاربوا قومهم جميعاً وحينئذ يرضى بنو عبد مناف بالدية فنعطيهم أياها هكذاأيها المسلمون يخطط أعداء الله للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
وبهذا القدر من المكر والخديعة ولكنهم يمكرون ويمكر الله كما قال الله عز وجل:(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ
وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (لأنفال:30) فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما أراد المشركون به وأذن له بالهجرة وكان أبو بكر رضي الله عنه قد تجهز للهجرة من قبل إلى المدينة فقال له
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فتأخر أبو بكر رضي الله عنه ليصحب النبي صلى الله عليه وسلم . قالت عائشة فبينما نحن في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة في منتصف النهار إذا
برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الباب متقنعا فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال يا أبا بكر أخرج من عندك
فقال أبوبكر إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه قد أذن لي في الخروج يعني في الهجرة فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال نعم فقال أبو بكر يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي
هاتين فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالثمن ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج هو وأبو بكر فأقاما في غار ثور ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله ابن أبي بكر وكان رضي الله عنه
غلاماً شاباً ذكياً واعياً ينطلق في أخر الليل إلى مكة فيصبح مع قريش فلا يسمع بخبر حول النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلا وعاه حتى يأتي به إليهما حين يختلط الظلام فجعلت قريش تطلب النبي صلى الله
عليه وعلى آله وسلم من كل وجه وتسعى بكل وسيلة ليدركوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوا لمن يأتي بهما أو بأحدهما ديته كاملة مائة من الإبل ولكن الله عز وجل كان معهما يحفظهما بعنايته ويرعاهما برعايته
حتى إن قريشا ليقفون على باب الغار فلا يرون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا صاحبه أبا بكر قال أبو بكر قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا فقال: ( لا
تحزن إن الله معنا ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) حتى إذا سكن الطلب عنهما قليلا خرجا من الغار بعد ثلاث ليال متجهين إلى المدينة على طريق الساحل فلحقهما سراقة بن مالك المدلجي على فرس له فالتفت
أبو بكر فقال يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تحزن إن الله معنا ) فدنا سراقة منهما حتى إذا سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم غاصت يدا فرسه في الأرض حتى مس
بطنها الأرض وكانت أرضا صلبة ولكن الله تعالى أرخاها كرامة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحماية له فنزل سراقة وزجر الفرس فنهضت فلما خرجت صار لها أثر عثان ساطع في السماء مثل الدخان قال سراقة
فوقع في نفسي أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فناديتهم بالأمان فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فركبت فرسي حتى جئتهم وأخبرتهم بما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع
فقال النبي صلى الله نعم وعرضت عليهم الزاد والمتاع وقال ؛ قال أي سراقة للنبي صلى الله عليه وسلم إنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا فخذ منها حاجتك فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا حاجة لي
في ذلك وقال اخفي عنا فرجع سراقة وجعل لا يلقى أحداًَ من الطلب إلا رده وقال كفيتم هذه الجهة فسبحان الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر رجل ينطلق على فرسه طالباً للنبي صلى الله عليه
وسلم وصاحبه ليظفر بهما فيفخر بتسليمهما إلى أعدائهما من الكفار فلم ينقلب حتى عاد ناصراً معيناً مدافعاً يعرض عليهما الزاد والمتاع وما يريدان من إبله وغنمه ويرد عن جهتهما كل من أقبل نحوها وهكذا كل من
كان الله معه فلم يضره أحد وستكون العاقبة له اللهم كن معنا يا رب العالمين اللهم كن معنا يا رب العالمين اللهم كن معنا يا رب العالمين على أعدائنا وكن مع إخواننا المضطهدين والمقاتلين في كل مكان من الأرض
ولما سمع أهل المدينة لما سمع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار بخروج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليهم كانوا يخرجون صباح كل يوم إلى الحرة إلى حرة المدينة ينتظرون قدوم رسول الله صلى الله عليه
وسلم وصحبه حتى يطردهم حر الشمس فلما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعالى النهار واشتد الحر رجعوا إلى بيوتهم وإذا رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة ينظر لحاجة له فأبصر رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مقبلين يزول بهم السراب فلم يملك أن نادى بأعلى صوته يا معشر الجد يا معشر العرب هذا جدكم يعني هذا حظكم وعزكم الذي تنتظرون فهب المسلمون للقاء رسول الله صلى الله
عليه وسلم معهم السلاح تعظيماً وإجلالاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذانا لاستعدادهم للجهاد والدفاع دونه رضي الله عنهم فتلقوه تلقوا النبي صلى الله عليه وسلم بظاهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين ونزل في
بني عمر بن عوف في قباء وأقام فيهم بضع ليال وأسس المسجد مسجد قباء ثم ارتحل إلى المدينة والناس معه و آخرون يتلقونه في الطرقات قال أبو بكر رضي الله عنه خرج الناس خرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرقات
وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون الله أكبر جاء رسول الله ؛ الله أكبر جاء رسول الله؛ الله أكبر جاء محمد وقال أنس بن مالك رضي الله عنه إني لاسعى بين الغلمان وإنا يومئذ غلام والناس يقولون جاء
محمد جاء محمد هكذا يردد الناس صغارا وكبارا هذه الكلمات فرحا بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أحب الناس إليهم والذي يفدونه بآبائهم وأبنائهم وأنفسهم فياله من مقدم ياله من مقدم ملأ القلوب
فرحاً وسرورا وملأ الأفاق بهجة ونورا فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكل قبيلة من الأنصار تنازع الأخرى زمام ناقته النزول عندنا يا رسول الله النزول عندنا يا رسول الله في العدد والعدة والمنعة
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دعوها فإنها مأمورة وإنما أنزل حيث أنزلني الله عز وجل فلما انتهت به لما انتهت به ناقته إلى مكان مسجده بركت فلم ينزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وثبت ورسول
الله صلى الله عليه وسلم قد أطلق لها الزمام فسارت غير بعيد ثم التفتت خلفها فعادت إلى مكانها الأول فبركت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا إن شاء الله المنزل وكان هذا المكان لغلامين يتيمين فدعاهما رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فساومهما ليشتريه منهما فيتخذه مسجداً فقالا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى أن يقبله أن يقبله منهما هبة حتى اشتراه منهما وقال أي بيوتناً أقرب قال أبو أيوب أنا يا رسول
الله هذه داري وهذه بابي قال فانطلق فهيئ لنا مقيلاً ففعل ثم جاء فقال قوما على بركة الله ثم جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه وكان حبرا من أحبار اليهود عالماً من علمائهم الكبار فقال أشهد أنك رسول الله
وإن