الأساس القانوني للمحاكم الإدارية :
تستمد المحاكم الإدارية وجودها القانوني من نص المادة 152 من الدستور التي تبنت صراحة على صعيد التنظيم القضائي نظام ازدواجية القضاء والتي جاء فيها " يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية
الإدارية "
و بذلك تكون هذه المادة قد أعلنت صراحة عن إنشاء محاكم إدارية على مستوى أدنى درجات التقاضي مستقلة عن المحاكم العادية تفصل في المنازعات الإدارية دون سواها، و بالمقابل أجاز الدستور في مادته 143 الطعن
القضائي في قرارات السلطات الإدارية.
وبتاريخ 30 ماي 1998 و بموجب القانون رقم 98 / 02 صدر أول قانون خاص بالمحاكم الإدارية بعد الاستقلال و احتوى على 10 مواد تناولت مسألة تنظيم و تشكيل المحاكم الإدارية و خلاياها و أقسامها الداخلية و
تركيبتها البشرية و الإطار العام لتسيرها ماليا و إداريا كما تضمن هذا القانون بعض الأحكام الانتقالية التي أعطت للغرف الجهوية و المحلية النظر في المنازعات الإدارية بحسب ما تقتضيه قواعد الإجراءات المدنية
( إصلاح 1990) في انتظار تنصيب المحاكم الإدارية وفرض هذا القانون إحالة جميع القضايا المسجلة و المعروضة على الغرف الإدارية المحلية و الجهوية إلى المحاكم الإدارية بمجرد تنصيبها و هذا ما نصت عليه المادة
09 من القانون المذكور.
و بتاريخ 14 نوفمبر و بموجب المرسوم التنفيذي رقم 98 / 356 المتضمن كيفيات تطبيق القانون رقم 98 / 03 تم الإعلان رسميا عن إنشاء 31 محكمة إدارية تنصب تبعا بالنظر لتوافر جملة من الشروط الموضوعية و الضرورية
لسيرها.
و أعلن هذا المرسوم عن تشكيلة المحكمة الإدارية و خصص أحكاما لمحافظ الدولة و لكتابة الضبط و أخرى تتعلق بالملفات و القضايا المسجلة
و بإنشائه للمحاكم الإدارية يكون المشرع قد فصل جهة القضاء العادي عن جهة القضاء الإداري فجعل المحاكم إدارية صاحبة الولاية العامة بالفصل في المنازعات الإدارية حتى يمكن القاصي من التخصص أكثر فأكثر ويتفرغ
لفرع معين ومحدد من المنازعات و القضايا.
و جاء قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ليثبت الوجود القانوني للمحاكم الإدارية معتبرا إياها بموجب المادة 800 ق ا م ا جهة الولاية العامة في المنازعات الإدارية. و تختص بالفصل بحكم قابل للاستئناف في
جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها. وأكدت هذا الوجود القانوني المادة 801 ق ا م ا.
عدد المحاكم الإدارية :
نصت المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم 98 / 365 المذكور " تنشأ عبر كامل التراب الوطني احدى و ثلاثون (31) محكمة إدارية كجهات قضائية للقانون العام في المادة الإدارية"
و من هذا العدد يتضح الفرق الكبير بين سنة 1962 حيث كان عدد المحاكم الإدارية ثلاثة محاكم في كل من الجزائر و وهران و قسنطينة شمل اختصاصها الإقليمي كل التراب الوطني كما رأينا، و بين سنة 1998 حيث ارتفع
عدد المحاكم إدارية إلى 31 محكمة و لو نظريا أي على مستوى النصوص الرسمية.
التنظيم الداخلي للمحاكم الإدارية :
تضم المحكمة الإدارية من الناحية البشرية كل من رئيس المحكمة و القضاة و محافظ الدولة مساعديه و كتاب الضبط. و من ناحية التنظيم الإداري تتشكل من مجموعة غرف و أقسام و فيما يلي بيان ذلك
1- رئس المحكمة : إن المحكمة الإدارية محكمة مستقلة عن جهة القضاء العادي يتولى رئاستها قاض يعين بموجب مرسوم رئاسي.
2- القضاة : و عددهم غير محدد و يشغلون رتبة مستشار و يخضعون للقانون الأساسي للقضاء و يمارسون مهمة الفصل في المنازعات الإدارية المعروضة على المحكمة
3- محافظة الدولة : يتولى محافظ الدولة و مساعده مهام النيابة العامة على مستوى المحكمة الإدارية و يقدمون مذكراتهم بشأن المنازعات المعروضة على المحكمة وقد تضمنت المادة 846 من ق إ م إ دور محافظ الدولة و
نصت على أنه عندما تكون القضية مهيأة للجلسة أو عندما تقتضي القيام بالتحقيق عن طريق خبرة أو سماع شهود وغيرها من الإجراءات يرسل الملف إلى محافظ الدولة لتقديم التماساته بعد دراسته من قبل القاضي
المقرر.
4- كتابة الضبط : كأي محكمة تحتوي المحكمة إدارية على كتابة ضبط يشرف عليها كاتب ضبط رئيسي يساعده كتاب ضبط و يمارس هؤلاء مهامهم تحت السلطة المشتركة لكل من رئيس المحكمة و محافظ الدولة، إذ يعود إليهما
مهمة توزيع كتاب الضبط على مستوى الغرف و الأقسام و يسهر كتاب ضبط المحاكم إدارية على حسن سير مصلحة كتابة الضبط و يمسكون السجلات الخاصة بالمحكمة و يحضرون الجلسات و يخضع كتاب الضبط للقانون الأساسي لموظفي
كتاب ضبط الجهات القضائية.
5- الغرف والأقسام : تنقسم المحكمة الإدارية إلى مجموعة غرف و أقسام لم يشر قانون المحاكم الإدارية إليها بل أحال الأمر إلى التنظيم و لقد صدر هذا التنظيم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 98 / 365 المؤرخ في 14
نوفمبر 1998 حيث نصت المادة 05 منه على أن تتشكل كل محكمة إدارية من غرفة واحدة إلى ثلاث و يمكن تقسيم كل غرفة إلى قسمين على الأقل و أربعة أقسام على الأكثر.
و يتضح من نص المادة أعلاه أن عدد الغرف و الأقسام ليس واحدا في كل المحاكم الإدارية إذ يعود لوزير العدل بموجب قرار صادر عنه تحديد عدد غرف و أقسام كل محكمة إدارية.
اختصاص المحاكم الإدارية : نصت المادة الأولى من القانون 98 / 02 المؤرخ في 30 مايو 1998 على أن " تنشأ محاكم إدارية كجهات قضائية للقانون العام في المادة الإدارية "
يتضح من هذه المادة أن المحكمة إدارية تختص نوعيا بالنظر في كل منازعة إدارية أيا كان أطرافها و موضوعها و هذا ما يفهم من عبارة جهات قضائية للقانون العام في المادة إدارية هكذا وردت بصفة مطلقة و دون تخصيص
أو تحديد.
إن اختصاص المحاكم الإدارية مطلق غير محدد فلها أن تنظر في كل منازعة إدارية عدا النازعات التي أخرجت من نطاق اختصاصها بموجب القانون كالطعون الموجهة ضد القرارات التنظيمية أو القرارات الصادرة عن السلطات
الإدارية و الطعون الخاصة بالتفسير و مدى شرعية القرارات التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة.
و جاءت المادة 800 من ق إ م إ الجديد لتثبت مبدأ الاختصاص العام للمحاكم الإدارية بالنظر في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسة ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها و هذا بموجب حكم
قابل للاستئناف.
أما المادة 801 من ق إ م إ فقد ذكرت أهم الدعاوى الإدارية كدعاوى الإلغاء و دعاوى الفحص و دعاوى التفسير و دعاوى القضاء الكامل و بصفة عامة كل القضايا التي أوكلت لها بموجب نصوص خاصة.
و استثنت المادة 802 ق إ م إ من اختصاص المحاكم الإدارية مخالفات الطرق و المنازعات المتعلقة بكل دعوى خاصة بالمسؤولية الرامية إلى طلب تعويض الأضرار الناجمة عن مركبة تابعة للدولة أو لإحدى الولايات أو
لإحدى البلديات أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و هذا أمر طبيعي تفاديا لتناقض الأحكام القضائية في الموضوع الواحد بين جهات القضاء العادي و جهات القضاء الإداري.فقرر المشرع بالنظر لبساطة هذه
النازعات إسنادها للقضاء العادي رغم أن أحد أطراف النزاع جهة إدارية ممثلة في الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها.لذا أحسن المشرع صنعا عندما أوكل النظر فيها
لجهة القضاء العادي و استثناها من ولاية اختصاص المحاكم الإدارية.
و لقد تشددت المادة 807 ق إ م إ في قواعد الاختصاص النوعي و اعتبرها من النظام العام و أجازت للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه. و كذلك الخصوم في أي مرحلة كان عليها النزاع.
الاختصاص الإقليمي للمحاكم الإدارية :
إن قواعد الاختصاص الإقليمي لا تطرح أي إشكال على المستوى القانوني إذ يعود للتنظيم مهمة رسم المعالم الجغرافية و الإقليمية لكل محكمة إدارية و هو أمر تضمنه المرسوم 98 / 356 في الملحق المتعلق بالاختصاص
الإقليمي ( الجريدة الرسمية رقم 86 لسنة 1998 الصفحات من 5 إلى 16 ) و هذا ما أكدته المادة 806 من ق إ م إ. و يؤول الاختصاص الإقليمي للمحكمة الإدارية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعي عليه و إن لم
يكن له موطن فيعود اختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها آخر موطن له. و في حال تعدد المدعى عليهم يؤول الاختصاص للمحكمة الإدارية موطن أحدهم و هذا ما قضت به المادتين 37 و 38 من ق إ م إ بعد الإحالة إليهما
من جانب المادة 803 من ذات القانون.
و خلاف الأحكام المقررة في المواد المذكورة يعقد الاختصاص الإقليمي وجوبا بمنطوق المادة 804 من ق إ م إ أمام المحاكم الإدارية التالية :
1-في مادة الضرائب أو الرسوم أمام .......
2-في مادة الأشغال العمومية أمام المحكمة.......
3-في مادة العقود مهما كانت طبيعتها ...........
4-في مادة المنازعات المتعلقة بالموظفين أو أعوان ...........
5- في مادة الخدمات الطبية أمام المحكمة التي يقع..............
6-في مادة التوريدات و الأشغال أو تأجير خدمات ............
7-في مادة تعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة.............
8-في مادة إشكالات تنفيذ الأحكام الصادرة................
و يمدد اختصاص المحكمة الإدارية المختصة إقليميا من الناحية الموضوعية و الفاصلة في الطلبات الأصلية لتشمل الطلبات الإضافية و كذلك الطلبات العارضة أو القابلة و هذا ما قضت به المادة 805 من ق إ م إ