قصيدة الشاعر الأديب هاشم الرفاعى رحمه الله .. ملكنا هذه الدنيا القرونا ..
وفيها يقول رحمه الله :
مَلكنا هذه الدنيا قرونا = و أخضعها جُدُودٌ خالدونا
و سطرنا صحائف من ضياء = فما نسيَ الزمان ولا نسينا
حملناها سيوفا لامعات = غداة الروع تأبى أن تلينا
إذا خَرَجَتْ من الأغماد يوما = رأيت الهَوْل و الفتح المبينا
وكنا حين يأخذنا وَلِيٌّ = بطغيان ندوس له الجبينا
تفيض قلوبنا بالهدي بأسا = فما نُغْضِي عن الظلم الجفونا
وما فَتِئَ الزمان يدور حتى = مضى بالمجد قوم آخرونا
و أصبح لا يُرَى في الركب قومي = وقد عاشوا أئمته سنينا
و آلمني و آلم كل حر = سؤال الدهر : أين المسلمونا ؟
تُرى هل يرجع الماضي فإني = أذوب لذلك الماضي حنينا
بَنَيْنَا حقبة في الأرض ملكا = يُدَعِّمه شباب طامحونا
شباب ذللوا سبل المعالي = وما عرفوا سوى الإسلام دينا
تعهدهم فأنبتهم نباتا = كريما طاب في الدنيا غصونا
همُ وردوا الحياض مباركات = فسالت عندهم ماء معينا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماة = يدكون المعاقل و الحصونا
و إن جنَّ المساء فلا تراهم = من الإشفاق إلا ساجدينا
شباب لم تحطمه الليالي = ولم يُسْلِمْ إلى الخصم العرينا
ولم تشهدهم الأقداح يوما = وقد ملئوا نواديهم مجونا
وما عرفوا الأغاني مائعات = ولكن العلا صيغت لحونا
و قد دانوا بأعظمهم نضالا = وعلما لا بأجرئهم عيونا
فيتحدون أخلاقا عذابا = ويأتلفون مجتمعا رزينا
فما عرف الخلاعة في بنات = ولا عرف التخنث في بنينا
و لم يتشدقوا بقشور علم = ولم يتقلبوا في الملحدينا
و لم يتبجحوا في كل أمر = خطير كي يقال مثقفونا
كذلك أخرج الإسلام قومي = شبابا مخلصا حرا أمينا
وعلمه الكرامة كيف تُبْنَى = فيأبى أن يقيد أو يهونا
دعوني من أمان كاذبات = فلم أجد المنى إلا ظنونا
و هاتوا لي من الإيمان نورا = و َقوّوا بين جنبي اليقينا
أمد يدي فأنتزع الرواسي = و أبني المجد مؤتلقا مكينا