تدفع كلمة طاووس إلى الذهن الذكر لأن له
ذيلا تنتصب ريشاته في شكل مروحة, لونها أخضر وذهبي وعليها بقع
في شكل دوائر تشبه العيون, وتغزو الألوان الزاوية ريش أجنحته وجسده,
ثم تختصر كلها في تاجه الصغير الجميل , ويفتقد لون ريش أنثى الطاووس
إلى الزهو , ولا تنتفش أو تستطيل ريشات ذيلها, والطاووس يمارس
أقصى حالات زهوه بريشه المنتفش سعيا للأنثى .
وموطن الطاووس جنوب شرق آسيا , ويشير العالم العربي الدميري
إلى تحريم لحم الطاووس لخبثه, وكان بعضهم يأكل كبده , ويقال: إنه
كان يقدم في العصور الوسطى على المائدة محلى بريشه الجميل.
ويرى علماء النفس أن كثيرين يتشبهون بأخلاق الطواويس ومنهم غلاة
الفنانين ولاسيما الممثلين والتشكيليين عندما يرتدون الملابس الزاهية,
و القرصان في حركة أكبر حينما يبتغي التنزه على الموانىء المسالمة ,
وفي خطوات أصحاب الثروات المفاجئة, وفي ردود أفعال الجاهل
حينما يصبح مقصدا لصداقة ذوي الثقافة, وفي خطوات رئيس
فريق رياضي فاز مرتين متتاليتين, وفي تأود كاتب
غير موهوب أعلن مسؤول إعجابه به.
وأنثى الطاووس تضع نحو عشر بيضات في العام, ترعاها وتنام
عليها دون مساعدة من الذكر, وفي العادة لا يفقس من البيض
سوى اثنتين, ربما لأن الذكر يداهمها بزهوه وخيلائه.
ويلاحظ مرتادو الغابات أن النسر يرقب الطاووس حتى يبدأ في
ممارسة نفش ريش زهوه وخيلائه, فينقض عليه بمنقاره الوحشي
ومن رقبته بصفتها أكثر المواضع ملاءمة لحركة منقار النسر,
حيث يظل النسر طويلا في الجو مستمتعا بالتحويم الدائري , ما يعني
أن هذا الكائن الزاهي يتألق مشعا بالغباء وهو
معلق في النسر بين السماء والأرض.
وصوت الطاووس زقزقة واهنة تكاد تكون آهة موجوع , لكن
أحدا لا يتوقف عند صوته الواهن أو جسده الضعيف .
ويبدو أن الطاووس طائر غير شرير, متعته القصوى تتوقف عند
زهوه وخيلائه, وتكاد كل طيور الغابة تستمتع بمشاكسته أو مطاردته,
ابتداء من الغراب والحدأة وانتهاء بالبومة والبجعة.
ومثل المتكبرين يرى الطاووس الحقائق دون أن يدركها أو يقيم لها وزنا,
حيث يصبح ضحية للآخرين بمجرد أن يجد مساحة مستوية مضيئة
من الأرض, ليمارس فيها متعته الكبرى, والتي تجلب أنظار الأعداء إليه,
إذ لم يلاحظ الناس طاووسا يمارس
خيلاءه ورغبته الاستعراضية فوق فروع الشجر .