وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن زيد، عن مُجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد
الرحمن، هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد منذ قدمتُ العراق قبلك، ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اثنا عشر
كعدة نقباء بني إسرائيل".
الحديث حسنه بعض العلماء
والاسناد الذي ذكرته في اسناده مجالد وهو ضعيف
وفي صحيح البخاري
حدثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال كلهم من قريش
وفي الفتح
قوله ( فقال أبي إنه قال كلهم من قريش )
في رواية سفيان " فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كلهم من قريش " ووقع عند أبي داود من طريق الشعبي عن جابر بن سمرة سبب خفاء الكلمة المذكورة على جابر ولفظه " لا يزال هذا الدين
عزيزا إلى اثنى عشر خليفة قال : فكبر الناس وضجوا , فقال : كلمة خفية فقلت لأبي : يا أبت ما قال " فذكره , وأصله عند مسلم دون قوله " فكبر الناس وضجوا " ووقع عند الطبراني من وجه آخر في آخره : فالتفت فإذا
أنا بعمر بن الخطاب وأبى في أناس فأثبتوا إلي الحديث , وأخرجه مسلم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن جابر بن سمرة قال " دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي
فيهم اثنا عشر خليفة " وأخرجه من طريق سماك بن حرب عن جابر بن سمرة بلفظ " لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة " ومثله عنده من طريق الشعبي عن جابر بن سمرة وزاد في رواية عنه " منيعا " وعرف بهذه
الرواية معنى قوله في رواية سفيان " ماضيا " أي ماضيا أمر الخليفة فيه , ومعنى قوله " عزيزا " قويا ومنيعا بمعناه , ووقع في حديث أبي جحيفة عند البزار والطبراني نحو حديث جابر بن سمرة بلفظ " لا يزال أمر
أمتي صالحا " وأخرجه أبو داود من طريق الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة نحوه قال : وزاد " فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا , ثم يكون ماذا ؟ قال : الهرج " وأخرج البزار هذه الزيادة من وجه آخر فقال فيها
" ثم رجع إلى منزله فأتيته فقلت : ثم يكون ماذا ؟ قال الهرج " قال ابن بطال عن المهلب : لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث - يعني بشيء معين - فقوم قالوا يكونون بتوالي إمارتهم , وقوم قالوا يكونون في زمن واحد
, كلهم يدعي الإمارة . قال والذي يغلب على الظن أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن , حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثنى عشر أميرا , قال : ولو أراد غير هذا لقال يكون اثنا عشر
أميرا يفعلون كذا , فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد انتهى , وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة , وقد عرفت من الروايات
التي ذكرتها من عند مسلم وغيره , أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم وهو كون الإسلام عزيزا منيعا , وفي الرواية الأخرى صفة أخرى وهو أن كلهم يجتمع عليه الناس , كما وقع عند أبي داود فإنه أخرج هذا الحديث من
طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة بلفظ " لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة " وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة بلفظ
" لا تضرهم عداوة من عاداهم " وقد لخص القاضي عياض ذلك فقال : توجه على هذا العدد سؤالان أحدهما أنه يعارض ظاهر قوله في حديث سفينة يعني الذي أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره " الخلافة بعدي ثلاثون
سنة , ثم تكون ملكا " لأن الثلاثين سنة لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي . والثاني أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد , قال : والجواب عن الأول أنه أراد في حديث سفينة " خلافة النبوة "
ولم يقيده في حديث جابر بن سمرة بذلك . وعن الثاني أنه لم يقل " لا يلي إلا اثنا عشر " وإنما قال : يكون " اثنا عشر " وقد ولي هذا العدد ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم , قال : وهذا إن جعل اللفظ واقعا على كل
من ولي , وإلا فيحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل , وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة , وقد قيل إنهم يكونون في زمن واحد يفترق الناس عليهم , وقد وقع في
المائة الخامسة في الأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمى بالخلافة , ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد إلى من كان يدعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج , قال ويعضد هذا التأويل قوله في حديث آخر في
مسلم " ستكون خلفاء فيكثرون " قال : ويحتمل أن يكون المراد أن يكون " الاثنا عشر " في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة , ويؤيده قوله في بعض الطرق " كلهم تجتمع
عليه الأمة " وهذا قد وجد فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد , فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم , وهذا العدد موجود صحيح إذا
اعتبر , قال : وقد يحتمل وجوها أخر , والله أعلم بمراد نبيه انتهى . والاحتمال الذي قبل هذا وهو اجتماع اثنى عشر في عصر واحد كلهم يطلب الخلافة هو الذي اختاره المهلب كما تقدم , وقد ذكرت وجه الرد عليه ولو
لم يرد إلا قوله " كلهم يجتمع عليه الناس " فإن في وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق , فلا يصح أن يكون المراد , ويؤيد ما وقع عند أبي داود ما أخرجه أحمد والبزار من حديث ابن مسعود بسند حسن " أنه سئل
كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ " فقال : سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل " وقال ابن الجوزي : في " كشف المشكل " قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت
مظانه وسألت عنه فلم أقع على المقصود به لأن ألفاظه مختلفة ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة , ثم وقع لي فيه شيء وجدت الخطابي بعد ذلك قد أشار إليه , ثم وجدت كلاما لأبي الحسين بن المنادي وكلاما لغيره ,
فأما الوجه الأول فإنه أشار إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه وأن حكم أصحابه مرتبط بحكمه . فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم , فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية , وكأن قوله " لا يزال الدين - أي
الولاية - إلى أن يلي اثنا عشر خليفة " ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشد من الأولى , وأول بني أمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار وعدتهم ثلاثة عشر , ولا يعد عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير , لكونهم صحابة
فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته , أو لأنه كان متغلبا بعد أن اجتمع الناس على عبد الله بن الزبير صحت العدة , وعند خروج الخلافة من بني أمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى
استقرت دولة بني العباس فتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغيرا بينا , قال : ويؤيد هذا ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود رفعه " تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين , فإن هلكوا
فسبيل من هلك , وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما " زاد الطبراني والخطابي فقالوا : سوى ما مضى ؟ قال : نعم . قال الخطابي " رحى الإسلام " كناية عن الحرب شبهها بالرحى التي تطحن الحب لما يكون فيها من
تلف الأرواح , والمراد بالدين في قوله " يقم لهم دينهم " الملك , قال فيشبه أن يكون إشارة إلى مدة بني أمية في الملك وانتقاله عنهم إلى بني العباس , فكان ما بين استقرار الملك لبني أمية وظهور الوهن فيه ,
نحو من سبعين سنة . قلت : لكن يعكر عليه أن من استقرار الملك لبني أمية عند اجتماع الناس على معاوية سنة إحدى وأربعين إلى أن زالت دولة بني أمية فقتل مروان بن محمد في أوائل سنة اثنتين وثلاثين ومائة أزيد
من تسعين سنة , ثم نقل عن الخطيب أبي بكر البغدادي قوله " تدور رحى الإسلام " مثل يريد أن هذه المدة إذا انتهت حدث في الإسلام أمر عظيم يخاف بسببه على أهله الهلاك يقال للأمر إذا تغير واستحال : دارت رحاه ,
قال : وفي هذا إشارة إلى انتقاض مدة الخلافة , وقوله " يقم لهم دينهم " أي ملكهم وكان من وقت اجتماع الناس على معاوية إلى انتقاض ملك بني أمية نحوا من سبعين , قال ابن الجوزي : ويؤيد هذا التأويل ما أخرجه
الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه " إذا ملك اثنا عشر من بني كعب بن لؤي كان النقف والنقاف إلى يوم القيامة " انتهى , و " النقف " ظهر لي أنه بفتح النون وسكون القاف وهو كسر الهامة عن الدماغ
, والنقاف بوزن فعال مثله وكني بذلك عن القتل والقتال , ويؤيده قوله في بعض طرق جابر بن سمرة " ثم يكون الهرج " وأما صاحب النهاية فضبطه بالثاء المثلثة بدل النون وفسره بالجد الشديد في الخصام , ولم أر في
اللغة تفسيره بذلك بل معناه " الفطنة والحذق " ونحو ذلك وفي قوله " من بني كعب بن لؤي " إشارة إلى كونهم من قريش , لأن لؤيا هو ابن غالب بن فهر وفيهم جماع قريش , وقد يؤخذ منه أن غيرهم يكون من غير قريش ,
فتكون فيه إشارة إلى القحطاني المقدم ذكره في " كتاب الفتن " قال : وأما الوجه الثاني فقال أبو الحسين بن المنادي : في الجزء الذي جمعه في المهدي يحتمل في معنى حديث " يكون اثنا عشر خليفة " أن يكون ه