إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه و لا تنكرونه ، قلته أو لم أقله فصدقوا به ،
فإني أقول ما يعرف و لا ينكر ، و إذا حدثتم بحديث تنكرونه ولا تعرفونه ، فكذبوا
به ، فإني لا أقول ما ينكر ، و لا يعرف " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/205 ) :
ضعيف .
أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 9/218/1 ) و الدارقطني في " سننه "
( ص 513 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 11/391 ) و الهروي في " ذم الكلام "
( 4/78/2 ) و كذا أحمد كما في " المنتخب " ( 10/199/2 ) لابن قدامة ، و ليس هو
في " المسند " كلهم عن يحيى بن آدم : حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري ( زاد الدارقطني و الخطيب : عن أبيه ) عن أبي هريرة مرفوعا به .
و قال الهروي : لا أعرف علة هذا الحديث ، فإن رواته كلهم ثقات ، و الإسناد متصل
.
قلت : قد عرف علته و كشف عنها الإمام البخاري رحمه الله تعالى ، ثم أبو حاتم
الرازي ، فقال الأول في " التاريخ الكبير " ( 2/1/434 ) :
و قال ابن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما سمعتم عني من حديث تعرفونه فصدقوه " ، و قال يحيى : عن أبي هريرة و هو وهم
ليس فيه أبو هريرة ، يعني أن الصواب في الحديث الإرسال ، فهو علة الحديث .
فإن قيل : كيف هذا و يحيى بن آدم ثقة حافظ محتج به في " الصحيحين " ، و قد وصله
بذكر أبي هريرة فهي زيادة من ثقة فيجب قبولها ؟ ، فأقول : نعم هو ثقة كما ذكرنا
، و لكن هذا مقيد بما إذا لم يخالف من هو أوثق منه و أحفظ ، أو الأكثر منه عددا
، و في صنيع البخاري السابق ما يشعرنا بذلك ، و قد أفصح عنه بعض المحدثين فقال
ابن شاهين في " الثقات " :
قال يحيى بن أبي شيبة : ثقة صدوق ثبت حجة ما لم يخالف من هو فوقه مثل وكيع و قد
خالف هنا ابن طهمان و اسمه إبراهيم كما سبق ، و هو ثقة محتج به في " الصحيحين "
، و لا أقول إنه فوق يحيى ، و لكن معه جماعة من الثقات تابعوه على إرساله ،
و ذلك ما أعل به الحديث الإمام أبو حاتم ، فقال ابنه في " العلل " ( 2/310/3445
) : سمعت أبي و حدثنا عن بسام بن خالد عن شعيب بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن سعيد
المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا بلغكم عني حديث حسن يحسن بي أن أقوله فأنا قلته ، و إذا بلغكم عني حديث
لا يحسن بي أن أقوله فليس مني و لم أقله " .
قال أبي : هذا حديث منكر ، الثقات لا يرفعونه .
يعني لا يجاوزون به المقبري ، و لا يذكرون في إسناده أبا هريرة ، و إنما تأولت
كلامه بهذا لأمرين :
الأول : ليوافق كلام البخاري المتقدم فإنه صريح في ذلك .
و الآخر : أن تفسير كلامه على ظاهره مما لا يعقل قصده من مثله ، لأنه و الحالة
هذه لا طائل من إعلاله بالوقف ، فإن صيغته تنبىء عن أن الحديث مرفوع معنى ، صدر
ممن كلامه تشريع ، و لأن المعنى حينئذ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال هذا
الكلام و صح ذلك عنه ! فهل يعقل أن يقول هذا مسلم فضلا عن هذا الإمام ؟ !
فإن قيل : فقد تابع يحيى بن آدم على وصله شعيب بن إسحاق هذا و هو ثقة محتج به
في " الصحيحين " أيضا ، فلم لا يرجح الوصل على الإرسال ؟
قلت : ذلك لأن الطريق إلى شعيب غير صحيح ، فإن بسام بن خالد الراوي عنه غير
معروف ، فقد أورده الذهبي في " الميزان " ثم العسقلاني في " اللسان " ، و لم
يزيدا في ترجمته على أن ساقا له هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم و كلام أبيه
فيه ! و أما قول الشيخ المحقق العلامة المعلمي اليماني فيما علقه على " الفوائد
المجموعة " للشوكاني ( ص 280 ) في بسام هذا : صوابه : هشام ، فكان يمكن أن يكون
كذلك لولا أن الذهبي و العسقلاني نقلاه كما وقع في المطبوعة من " العلل " إلا
أن يقال : إن نسخة الشيخين المذكورين فيها خطأ ، و هو بعيد جدا .
(3/84)