في نحو عام 1571 أنشأ براهي مرصداً في "يوراني بورج" فوق جزيرة "فين Hveen" قرب ساحل الدنمارك بعد أن قام بجولة في أوربا اشترى فيها الكثير من الآلات الفلكية. وجرى في هذا
المرصد رصد أهم حادثة فلكية في حياته، فقد شعَّ فجأة نجم جديد في كوكبة ذات الكرسي وكان تألقه أشد من تألق كوكب الزهرة، وظلّ مرئياً طَوال ستة عشر شهراً. وقد أثار ظهور هذا النجم اهتمام براهي الذي رصد
بعناية تغيرات تألقه، وأجرى عدة قياسات لموقع النجم في محاولة منه لتحديد انزياحه، واستخلص أنه أحد نجوم كرة النجوم الثابتة. وفي تلك الأيام كان معظم الفلكيين يؤمنون بوجهة نظر أرسطو الذي كان يرى بأن
النجوم كاملة ولامتغيرة (التي لايتغير تألقها). لكن ظهور نجم جديد في تلك المنطقة وضع هذه النظرة موضع الشك.
وإذ فقد براهي إيمانه بالنظريات القديمة للنظام الكوني، فإنه قرر، مثل كوبرنيك، أن يصمم نظاماً خاصاً به. ولما لم يكن بوسعه الإيمان بحركة الأرض، تبنّى نظاماً تدور فيه كل الكواكب السيارة حول الشمس التي
افترض دورانها حول الأرض.
وبعد موت الامبراطور فردريك الثاني الذي كان يحب العلم ويولي مرصد براهي رعاية خاصة، دبّ خلاف بين براهي والسلطات الجديدة في الدنمارك، وأُكره على مغادرة البلاد. وهذا ماجعله يقبل دعوة من الإمبراطور رودلف
الثاني (1552- 1612م) في براغ ليصبح رياضي بلاطه. وقد حاول براهي هناك مواصلة أرصاده بالاستعانة بما استطاع جلبه من الآلات الفلكية من مرصده بالدنمارك، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً إذ وافته المنية بعد قرابة
عام من وصوله مخلفاً معطياته الرصدية الثمينة ليوهان كبلر تلميذه ومساعده في سنواته الأخيرة. وبالاستعانة بهذه المعطيات مهد كبلر السبيل للأعمال الخالدة التي أنجزها فيما بعد إسحق نيوتن.
كانت الأرصاد التي أنجزها براهي أدق الأرصاد الممكنة قبل استخدام المقاريب الفلكية، وقد أسهمت هذه الأرصاد في قبول النظام الكوبرنيكي للكون، وغدت الأساس الذي استندت إليه صيغة علم الفلك في القرن السابع
عشر.