المقدمة :
إن الإنسان في ضوء ما تقدّم مطالب، باضطرار، بأن يواكب في سعيه متطلبات الحياة من حوله، وأن يكون قادراً على التكيّف معها، ومن هنا كان المنظور القيمي للتعليم ينبع "من خلال استبطان المتعلم لما يتعرض له من
خبرة وما يتفاعل معه من مواقف" وما يكتسبه من معارف، ومن هنا أيضاً استحق الإنسان وصفه بالإنسان العارف لما للمعرفة من دور في تشكيله، وتنميط سلوكه.
ولذلك؛ فإن المعرفة بالنسبة للإنسان سر وجود، وعامل رئيس في تشكيل ذاته، ورسم معالم واقعه، والتنبؤ بمستقبله، ولما كانت الحياة في تطور مستمر، فقد بات لزاماً على الأمم "إحلال التعلم مدى الحياة مكانة القلب
في المجتمع"، ذلك أن الإنسان إنما يتعلّم ليكون.
الموضوع :
عناصر العرض المقترحة
1-الفرق بين العلم والمعرفة
الفرق بعيد ... جِدُّ بعيد ... : بين أن نفهم الحقائق ، وأن ندرك الحقائق ... إن الأولى : العلم ... والثانية هي : المعرفة
في الأولى : نحن نتعامل مع ألفاظ ومعان مجردة ... أو مع تجارب ونتائج جزئية ...
وفي الثانية : نحن نتعامل مع استجابات حية ، ومدركات كلية …
في الأولى : ترد إلينا المعلومات من خارج ذواتنا ، ثم تبقى في عقولنا متحيزة متميزة …
وفي الثانية : تنبثق الحقائق من أعماقنا . يجري فيها الدم الذي يجري في عروقنا و أوشاجنا ، ويتسق إشعاعها مع نبضنا الذاتي.
2-ما هي المعرفة؟
للمعرفة أبعاد وتعريفات متفاوتة، ولكنها تكاد تُجمع على أنها "مُعطى خارجي من المعلومات عن الأشياء أو قوانينها أو أسمائها وصفاتها اللغوية، وهي:
1. المعرفة الحسية، وهي معارف بسيطة تتعلق بظواهر الأشياء الخارجية.
2. المعرفة العقلية، وهي معارف عميقة متعلقة بقوانين الأشياء وخواصّها.
3. المعرفة الكلامية، وهي معارف بيانية متعلقة بأسماء الأشياء وأسماء الأفعال (المصادر) التي تقع من الأشياء وعليها".
وتختلف مصادر المعرفة وتتنوّع، لاسيما إذا خرجنا بها من إطار الفطرة، فمع تقدّم الزمن صارت المعرفة "صناعة" توجهها المذاهب والمدارس الفكرية والفلسفية، وقد حدد سوروكين (sorrokin) مصادر المعرفة بأربعة
أنواع، استناداً إلى المدارس التالية، وهي:
أ. التجريبية، وهي ترى أن منبع المعرفة هو الإدراك الحسيّ، وأن مبادئ العقل والمنطق ليست سوى مجرد ترابط بين التجارب المتكررة.
ب. الدينية المثالية، وهي ترى أن أصل الحقيقة الوحي، ومن ثم يصبح دور العقل ثانوياً.
ج. العقلانية الذهنية، وهي ترى أن أصل الحقيقة متمثل في العقل والفكر ومقولاته، وأنه يقبل بصورة ثانوية المعرفة عن طريق الحواس وعن طريق الوحي.
د. الصوفية، وهي لا تعترف إلا بالحقيقة التي تأتي عن طريق الإيمان.
وتعرُّف الشيء يعني التحقق منه، أهو ما سبق للإنسان أن اتصل به وعرفه؟ أم هو شيء آخر مختلف، ولو كان الاختلاف طفيفاً؟ وبالتأمل في قول الشاعر العربي قديماً:
قالوا تعرّفها المنازل من مِنىً قلتُ: ما كل من وافى منى أنا عارف
فقوله: تعرّفها يعني انظر إليها أهي الآن كما عهدتها من قبل؟ أم أنها تغيرت؟ وهذا يعني أن المعرفة أصلاً تعني الإلمام بالشيء مما هو قابل للاستعادة من بعد؛ ليكون سلاحاً يستعين به الإنسان على ما يستجدّ في
حياته. ولعل هذا هو ما أراده إدموند هوسرل عندما نظر إلى كل "المدركات المعرفية باعتبارها انعكاساً للعامل الذاتي في المعرفة"
3-بين المعرفة والسلوك
انطلاقاً مما تقدم، نستطيع أن نقول إن سلوك الإنسان لا يعدو أن يكون انعكاساً أميناً لما تفاعل معه عبر ماضيه من المعارف المكتسبة، مع أنه قد يتأثر بقوة الجذب التي تمثلها الغاية التي يسعى الإنسان من
أجلها، أي أن سلوكه يكون محصلة القوتين: قوة دفع الماضي وسلطانه، وقوة جذب المستقبل الذي يداعب مخيلته، وقد فرّق أرسطو بين "العلل السببية والعلل الغائية، فقال إن الأولى تحرك بالدفع، والثانية تحرّك
بالجذب". غير أن الماضي أبلغ أثراً؛ لأن صورة المستقبل إنما تتولد في الدماغ انطلاقاً من ذلك الماضي، فعلاً أو رد فعل. والمطالع في شيم الناس وأخلاقها يدرك إلى أي حد تتلون بأطياف المعارف التي ينطوي عليها
الإنسان. فيغدو منهجه الفكريّ ونمط حياته صدىًً لتلك المعارف في أغلب الأحيان
[و تبقى المناقشة مفتوحة حسب ما يثيره المتعلمون من قضايا حول هذا الموضوع]
الخاتمة :
-بيان ضرورة التكامل بين العلم و المعرفة
- تصحيح السلوك انظلاقا من العلم الصحيحو السلوك القويم