أخف]
١ الخطيب الجاهلي:
٢ ازدهار الخطابة في الجاهلية
٣ تطور فن الخطابة :
٤ أسباب ازدهار الخطبة في العصر الجاهلي:
الخطيب الجاهلي:
كان يؤلب جموع القبائل على أعدائه, ويدعو إلى الصلح ويمثل قبيلته في مجالس الأحتكام والشورى, وكان إلى جانب ذلك, يشير بالحرب أو ينهى عنها . إنها منزلة عظيمة لا يبلغها إلا الخطباء.
كانت الخطابة في نشأتها الأولى تصحب المقاتلين في المعارك وتساعد على وضع أكاليل الغار على رؤوس الأبطال, كما كانت تلحق الذل والعار بالجبناء المقهورين.
وللمكانة العظيمة التي احتلها الخطيب في الجاهلية, كانت العرب تحتفل بفارس أو شاعر أو خطيب. وإذا ما اجتمعت هذا الصفات في شخص واحد, فإن منزلته تكون عظيمة. وتذكر لنا كتب الأدب أمثال هؤلاء الذين تربعوا على
عرش الفروسية والخطابة والشعر، أمثال: عمرو بن كلثوم , ولبيد بن ربيعة العامري.
والحق أن للخطابة الجاهلية طقوسا وفنونا لابد منها. فكان الخطيب يمسك العصا أو الرمح للتلويح وإرهاب الأعداء. وكان يبدأ خطبته قائلا: أما بعد. (يقال أن قيس بن ساعدة الأيادي هو أول من سن هذه السنة وأول من
مسك العصا). وكان يجب على الخطيب أن يلبس العمامة ويكون حسن الهندام قوي الصوت جهورا. وكانت العادة أن يقف الخطيب على نشز من الأرض مرتفع من الأرض أو يقف على دابة
ومن أشهر خطباء العرب: عمرو بن كلثوم, لبيد بن ربيعة, قس بن ساعدة، أكثم بن صيفي, عمرو بن معد يكرب, كعب بن لؤي وغيرهم.
ازدهار الخطابة في الجاهلية
1) الواقع الفروسي وطبيعة الصحراء التي ألزمت الانسان لكسب قوته بالقتال.
2) تعصب العربي لقبيلته وفخره بنفسه وقومه.
3) قلة شيوع الكتابة أو ندرتها , جعل هذا اللون الأدبي يرقى ويزدهر, فكان لزاما ازدهار التعبير الشفوي.
4) أسواق الجاهلية التي جمّعت العرب, فكانت الأسواق مناسبة لإبراز الإبداعات الخطابية.
تطور فن الخطابة :
يعود الفضل الأول في إرساء الخطابة واستنباط فنونها إلى اليونانيين قبل الميلاد ويعود اهتمام اليونانيين بالخطابة لارتباطها بطبيعة الحياة اليونانية التي غلبت عليها المجادلات الفلسفية والسياسية وشيوع حالة
الحرية الفردية والتعبير عن الرأي ، وقد كان لظهور مجموعة من المتكلمين الذين عُرفوا بالسفسطائيين لتميزهم بالقدرة على الخطابة المؤثرة والإلقاء المحكم الدور الكبير في تطور الخطابة اليونانية مما جعل
الخطابة مهنة يسعى إليها من يريد البلوغ إلى المراتب العليا من طبقات المجتمع . ويُعد مؤلَّف الخطابة لأرسطو أول مؤلَّف جامع ومنظِّر لعلم الخطابة .
وقد بلغت الخطابة شأوها في العهد الروماني حيث برز خطباء مشهورون مثل : شيشرون وافتتحت العديد من المدارس الخاصة بتعليم الخطابة(1)
أما الخطابة في العصر الجاهلي كان لها حظ وافر عند العرب لتمتع اللغة العربية بالفصاحة والبيان التي مثلت الجانب الأهم فيما ورد من خطب ذلك العصر .
من خطباء ذلك العصر : قس بن ساعدة الإيادي ، وخارجة بن سنان خطيب داحس والغبراء ، وخويلد بن عمرو الغطفاني خطيب يوم الفجار ، وأكثم بن صيفي .
وبطلوع فجر الإسلام على الجزيرة العربية نشطت الخطابة واشتدت الحاجة إليها لاحتياج الدين الجديد للتبليغ في نشر وإقناع الناس في دعمه ، كما كان للخطابة الأثر البالغ في جميع مراحل تطور الدعوة من استنفار
الهمم للجهاد والدفاع عن الدين ضد الكائدين والمتربصين به وتبليغ أحكامه وتعاليمه للمسلمين . وأصبحت للخطابة في ظل الإسلام مواسم وأوقات كخطبتي العيدين وخطبة الجمعة والخطابة الحسينية ، التي لها أعظم الأثر
في إحياء النهضة الحسينية والذب عن حمى الدين . و تعد خطب الامام علي ابن ابي طالب الاثر الخالد والتراث الغني في الحضارة الاسلامية و تعد خطبته الاشباح من جلائل خطبه عليه السلام والذي جاء فيها (( و اعلم
ان الراسخين في العلم هم الذين اغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب. الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فمدح الله تعالى اعتلرافهم بالعجز عن ما تناول ما لم يحيطوا به
علما.....)).2
وأخذت الخطابة منذ ذلك الوقت سيرها التكاملي حتى بلغت أعلى ما يمكن أن يصل إليه علم من اهتمام ورعاية وإنتاج في العصر العباسي . حيث لم يكتفِ بما توفر من تجارب عند العرب بل ترجموا ما كان عند غيرهم من آداب
الخطابة وفنونها إلى العربية . ومن الكتب المهمة التي ترجمت في هذا العصر كتاب الخطابة لأرسطو الذي ترجمه إسحاق بن حنين وعلق عليه الفارابي .
وكان لظهور الفرق الكلامية خصوصاً المعتزلة أكبر الأثر في ازدياد رونق الخطابة في هذا العصر لاستغلالهم لها في المحاورات الفكرية والمجادلات الكلامية .
بالرغم من تطور وسائل الاتصال الجماهيري وتنوع أشكالها في العصر الحديث لم تفقد الخطابة رونقها بل ازدادت أهميةً لقدرة وسائل الاتصال الجديدة من أجهزة التلفاز والمذياع المرتبطة بالأقمار الصناعية من تعميم
الخطاب على عدد هائل من سكان المعمورة . والخطابة اليوم خصوصاً الخطابة السياسية والدينية تُعد من أكثر أنواع الخطابة تأثيراً في الجماهير .
أسباب ازدهار الخطبة في العصر الجاهلي:
1- حرية القول.
2- دواعي الخطابة كالحرب والصلح والمغامرات.
3- الفصاحة فكل العرب كانوا فصحاء.
لقد اجتمعت كل هذه الخصائص في خطبة (قس من ساعدة الايادي) والجدير بالذكر أنه أول من قال في خطبته: (أما بعد) وتسمي (فصل الخطاب)، لأنها تفصل المقدمة عن الموضوع