فدل ذلك على خطورة الأمر وأهميته ، حيث لم يشغله نـزع الروح عن النهي عن اتخاذ القبور مساجد ، وهذه جملة من الأدلة الواردة في هذا الباب :
1. حديث جندب بن عبد الله البجلي رضى الله عنه أنه قال : سمعت النبـي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس[2] يقول : ... ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبـيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا
تــتخذوا القبور مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك .[3]
2. حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه : لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبـيائهم مساجد .
قالت : لولا ذلك أُبرز قبـره غير أنه خُشي أن يتخذ مسجدا .[4]
3. حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما قالا : لما نُزِل[5] برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ طفق[6] يطرح خميصة[7] له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه ، فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبـيائهم مساجد . يحذر ما صنعوا .[8]
وفي لفظ : لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبـيائهم مساجد .[9]
وهذا الحديث كالذي قبله ، يحذر فيه النبـي صلى الله عليه وسلم بطريق اللعن من اتخاذ القبور مساجد كما فعل أهل الكتاب ، تحذيرا لأمته أن يفعلوا مثلهم .
قال ابن حجر رحمه الله : وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه مرتحل من ذلك المرض ، فخاف أن يُعظم قبره كما فَعل من مضى ، فلعن اليهود والنصارى ، إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم .