اهمية علم النفس التربوي في تكوين الاستاذ
حتى وإن دار الجدل حول مهنة التدريس هل يمكن اعتبارها فن وموهبة تصقل من خلال
الخبرة أم هل يمكن اعتبارها مهارات يكتسبها المعلم من خلال الممارسة؟ بمعنى آخر هل يكفينا أن
نكون حاملين لشهادة حتى نستطيع التدريس أم يجب أن تكون لدينا استعدادات أولية قبل الولوج
في المهنة؟ فان معرفة الفرد لمفاهيم علم النفس التربوي ونظرياته ومبادئه المختلفة قبل ممارسة المهنة
ضرورة لتحضير المعلم والأستاذ لهذه المهمة وتبصيرهم بالمهنة إن اعتبرنا التدريس مهنة من المهن.
هذا العلم يعتبر من المواد الأساسية واللازمة لتدريب المعلمين وكل من يشتغل في ميدان
التربية والتعليم لتأهيلهم لأنه يزودهم بالأسس والمبادئ النفسية التي تتناول طبيعة المتعلم من جهة
والتعلم المدرسي من جهة أخرى وحتى المعلم ذاته. هذا يأتي من منطلق الإيمان الجازم بأن علم
النفس التربوي يمكن اعتباره ضرورة ملحة وثقافة تربوية تفيد فائدة كبيرة في النهوض بالتعليم
واتمع بصورة عامة إذ يعين على اكتشاف الفرد لنفسه والتعرف على القدرات والميولات
والكفاءات والدوافع والحاجات والأغراض سواء عند المعلم والمتعلم ويميز بين السوي والشاذ مثلا
من أجل تحسين عملية التعليم والتدريس، وتبيان كيف يتعلم الفرد وتحديد مساره وسلوكه بل
وحياة اتمع برمته.
إن غياب علم النفس التربوي من ساحة تكوين المعلم سيؤدي ذا الأخير إلى اللجوء أثناء
أدائه لمهامه إلى الاستعانة بالطرق التقليدية التي تعلم ا وسوف لن يعامل التلميذ الذي هو أمامه إلا
مثل التلميذ الذي هو "بداخله"، أي سيتبع الطريقة التي عومل ا أثناء تعلمه، واستمرار الطريقة لا
يعني بالضرورة صحتها. أو أن يلجأ إلى المحاولة والخطأ في آداء مهنته وهو عمل عشوائي. وما نود
الإشارة إليه هو أن هذا العلم ليس طريقة سحرية تأتينا بكل الحلول للمشكلات التربوية التي
تصادفنا. فعلم النفس التربوي حتى وإن جاءنا بمعلومات حول المبادئ العامة للنمو وأعطانا طرق
التدريس الناجعة واقترح علينا الحلول لذوي القدرات الخاصة، فإن على صاحب المهنة فهم
واجباته المهنية ومتطلباا وأن يعمل على تطوير ذاته وتزويدها بكل الوسائل التي تمكنه من
التوافق المهني. ورغم كل شيء فأهميته يمكن تلخيصها في بعض النقاط منها:
- استبعاد المفاهيم الخاطئة حول التعلم والتعليم والنمو والذكاء... أي تزويد المعلم بالأخبار
والمعلومات والمعارف والأسس التربوية حول سلوك المتعلم وخصائصه في الأوضاع التعليمية
المختلفة.
- إكساب المعلم المبادئ والمفاهيم والنظريات النفسية المختلفة في مجالات التعلم والنمو والدافعية
مثلا لفهم عمليات التعلم والتعليم والتقييم والاستعانة ا في آداء مهامه المختلفة وإبعاد العشوائية في
العمل.
- مساعدة المعلم على التعرف على مدخلات ومخرجات التعلم أي معرفة القواعد العامة
للتعليم: الخصائص العامة للمتعلم (القدرات العامة للمتعلمين قبل بداية التعلم) والكفاءات الواجب
إكساا للمتعلم مثلا في اية التعلم وحل المشكلات.
- مساعدة المعلم وتدريبه على التفسير العلمي لمختلف أنماط السلوك الصادرة عن المتعلم
(مختلف السلوكات داخل الصف الدراسي وحتى خارجه)، وبالتالي الفهم الحسن للعملية التربوية
والتعليمية.
- التنبؤ بالسلوك وتحديد مساره وضبطه وذلك بإلمام المعلم بالعوامل المرتبطة بالنجاح أو الفشل
(كطرق التعليم ووسائله، الدافعية والجو الانفعالي المصاحب للتعلم، الظروف البيئية والاجتماعية
والوراثية).
هي كفاءات يطورها المعلم من خلال اطلاعه على المبادئ العامة لعلم النفس التربوي ومن
خلال الممارسة الميدانية التي سوف لا محالة تزيد من مهارات التدريس التي على كل معلم
تطويرها.