عقوبة الكذب في مملكة النمل
ذكر العلامة ابن القيِّم-رحمه الله– في كتاب ( مفتاح دار السعادة هذه الأعجوبة
وخلاصتها كالآتي :
جلس ابن القيم تحت ظل شجرة ، فرأى أمراً عجباً … رأي نملة تسير بجوار مكان جلوسه … حتى دنت من جناح جرادة … فأرادت حمله معها مراراً … فلم تستطع لثقله عليها … فاتجهت إلى معسكرها ( قرية النمل تحت الشجرة )
، فما لبثت هنيهة حتى جاء فوج كبير وجم غفير من النمل معها لمكان الجناح ( يبدوا والله أعلم أنها استنفرتهم لمساعدتها ) .
فلما دنا الفوج من المكان ، رفع ابن القيم جناح الجرادة … فبحثوا فلم يجدوا شيئاً … فعادوا إلى مكانهم وقريتهم بعد أن أضناهم التعب … وبقيت نملة واحدة ، ظلت تبحث بهمَّة عالية … ( يبدوا أنها النملة الأولى
التي أبصرت الجناح أولاً ) … فأرجع ابن القيم الجناح ، فلما رأته طربت له ، وحاولت سحبه فلم تستطع .
فاتجهت مسرعة إلى رفيقاتها … ولكنها أبطأت في الخروج من القرية ( الظاهر أنها حاولت إقناعهم بصدق حديثها ، حيث قلت مصداقيتها لما جرى في المرة الأولى ) … ثم خرج معها فوج أقل من المرة الأولى … حتى دنوا من
مكان الجناح ، فرفعه ابن القيم قبل وصولهم ، فلم يجدوا شيئاً … فلما أضناهم البحث ، رجعوا إلى قريتهم خائبين ، وبقيت نملة واحدة تبحث كالمصروعة ( لعلها نفس النملة بطلة الحدث ) وحينها أرجع الشيخ الجناح إلى
مكانه ، فلما رأته طربت له ثانية .
وانطلقت مسرعة إلى القرية ، وأطالت جداً أكثر من الثانية ، ثم لم يخرج معها إلا سبعة فقط من ( ربعها النشامى ) …
… الله يستر …
فلما دنوا من مكان الجناح رفعه ابن القيم قبل وصولهم إليه … فلم يجدوا شيئاً .. فاشتاطوا غضباً ( على ما يبدوا ) ، حتى إنهم أحاطوا بها كالمعصم ، وجعلوها في وسطهم .
ثم ماذا ؟
لقد انقضوا عليها ، فقطَّعوا رفيقتهم النملة قطعة قطعة ، فبقروا بطنها ، وفصلوا رأسها عن جسدها ، وكسروا أطرافها ( ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
وبعد أن أنهوا جريمتهم النكراء في وضح النهار ، وفي عالم يموج بالظلم .. حتى في أوساط الحشرات ألقى إليهم ابن القيم بالجناح فلمَّا أبصروه … ندموا كثيراً وأحاطوا برفيقتهم المسكينة ( ضحية الاستعجال وعدم
التثبت ) وقد انتابهم حزن كبير .
ولكن … بعد فوات الوقت !!!!
قال ابن القيِّم : فهالني ما رأيت .. وأحزنني ذلك كثيراً .. فانطلقت إلى شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فأخبرته الخبر فقال :
( أما أنت فغفر الله لك ، ولا تعد لمثلها ، وأما ما حدثتني به ، فسبحان من علَّم النمل قبح الكذب ، وعقوبة الكذَّاب
منقول