أول من ذكر قوم لوط هي التوراة على أنهم كانوا موجودين في المنطقة العربية قرب البحر الميت [ علما أن سكان تلك المنطقة كانوا من الأقوام غير عربية اللسان في
ذلك الزمان بل كانوا كنعانيين و آراميين و عبرانيين ]، ولا ندري بالضبط من أين أتت القصة فالتوراة كتبت في القرن السادس قبل الميلاد بحسب الدراسات التاريخية الموثقة ، أثناء السبي البابلي لليهود من قبل
نبوخذ نصر ، و تقول التوراة أنهم كانوا يسكنون قرب البحر الميت و أن جميع قوم لوط شيوخهم و شبانهم بلا استثناء كانوا مثليين بحسب سفر التكوين اصحاح 19 جملة 4 ، و هو كلام لا يمكن قبوله من الناحية العلمية ،
لأن نسبة المثليين في أحسن أحوالها لا تتجاوز 10% من السكان ، و زعمت التوراة أن قوم لوط أرادوا مضاجعة ضيفي لوط و هما ملكان ، فقدم لوط لقومه جميعا ابنتيه ليفعلوا بهما ما يشاؤون [ جملة 9 من نفس الاصحاح ]
، وهو كلام غير منطقي و لا يمكن قبوله أيضا ، ثم تزعم التوراة أن الله خسف بهم الأرض جميعا
، و تؤمن الأديان التي تسمي نفسها سماوية بهذه القصة و تفاصيلها و مصدر جميع الكتب لهذه القصة هو كاتب التوراة الأول .
لا يوجد أي دليل تاريخي على الإطلاق ولا آثاري على وجود قوم لوط ، و المثلية الجنسية من الناحية العلمية موجودة منذ فجر التاريخ و قبل الإنسان في كافة عوالم الطبيعة ، و في تاريخنا العربي مثل اي تاريخ توجد
بعض ملامح لتأريخ بعض ما يخص المثلية ، و الزعم بأن قوم لوط هم أول المثليين في المنطقة العربية أو العالم زعم لا دليل علمي عليه .
و عليه فتعبير لواطة تعبير ساقط علميا ، و ينبغي استبداله بتعبير الممارسة الجنسية المثلية .
........................................................................................
تحديث للسؤال برقم 1
في الآيات 28 - 29 من سورة العنكبوت : [ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر، فما
كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ] ..
هذه الآية مكملة للآية السابقة ، فهي تؤكد على وصف قوم لوط بأنهم يأتون الرجال كصفة خاصة بهم مع قيامهم بمنكرات كثيرة في ناديهم ، ونلاحظ كيف فصل كلمة المنكر عن تعبير إتيان الرجال ، فالمنكر الذي
كانوا يقومون به في ناديهم هو بالتأكيد ليس إتيان الرجال على وجه المثلية ، بل شيء آخر كلعب الميسر و أشياء أخرى و الممارسة المثلية العبثية كانت جزءا مميزا لهم ، و إلا لما كان ذكر ذلك بجملة مستقلة ، و قد
وصف أعمالهم مجملة بالفاحشة في بداية الكلام ، و هي لا تعود بالطبع على موضوع إتيان الرجال بشكل مستقل كما فهمها المفسرون ، بل على كل الجمل التالية لها كما هو واضح .
و أما قوله تعالى عن قوم لوط في سورة الحجر آية 72 : [ لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون] ، فهي جزء من الآيات :
[وَجَآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنّ هَؤُلاَءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ * قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَؤُلاَءِ
بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ]
نلاحظ أن وصف قوم لوط بالعمى في سكرهم ، وصف لحالتهم المنكرة ، حيث قدم لهم بناته للزواج بهم ، و هو لا شك يعلم أنهم سيكتفون بهم بدلا من مهاجمة الملكين في بيته و اغتصابهما عنوة ، مما يعني أنهم لم يكونوا
مثليين خالصين ، بل كان يمكنهم إقامة علاقة حب مع الجنس الآخر ، وهم يرفضون ذلك ، ثم يهاجمون بيت النبي و يمنعونه من استقبال أحد ، و وضعوه في الحجر ، فهل أقل ما يوصف به عملهم الشنيع هو العمى في السكر ؟
إنهم بأفعالهم هذه بلا شك مجرمون يستحقون أشد أنواع العقوبة
الآيات القرآنية التي تناولت قضية قوم لوط لم تكن مقتصرة على الممارسة المثلية بأي شكل ، و أن قوم لوط كانوا مفسدين في الأرض و كان بإمكانهم الاكتفاء بالجنس الآخر إلا أنهم و لأسباب ماجنة فقط أرادوا ترك
الجنس الآخر ليكتفوا بأبناء جنسهم و لو كان ذلك بالاغتصاب لملائكة الله ، و بتكذيب نبيهم و حصاره و منعه عن الناس ، وإتيانهم كل فعل فاحش بحيث جمعوا كل المنكرات فسبقوا غيرهم من الأمم في فعلهم هذا ..و
لاحظنا كيف أن تركيز الفقهاء و المفسرين على الممارسة المثلية كوصف وحيد لقوم لوط هو تركيز بعيد كل البعد عن ظاهر الآيات وحقيقتها ، و فيه إجحاف كبير بحق المعاني القرآنية المنزلة ..
من المؤكد أن النزعة الذكورية في المجتمع الشرقي منذ قديم الزمان هي التي سيطرت على رؤية المفسرين و الفقهاء في تناول هذه القضية و ليست الرؤيا الحيادية الباحثة عن الحقيقة الصرفة ..
لم تذكر الآيات القرآنية موضوع الممارسة المثلية الصرفة النابعة من الغريزة الأصيلة في النفس البشرية ، و كل ما لم يذكره القرآن و يوضح أحكامه فهو من المسكوت عنه ، ويندرج في قوله تعالى : [ يا أيها الذين
آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم و إن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها .]
و قد قال البعض أن الآية في سورة النساء [ و اللاتي يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوافهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ، و اللذان يأتيانها منكم
فآذوهما فإن تابا و أصلحا فأعرضوا عنهما
تحديث للسؤال برقم 2
]
زعم بعض المفسرين بأنها حكم على الممارسة المثلية ، بالنسبة للمرأة تحبس في البيت حتى تموت أو تتزوج ، و الرجال يتعرضون للضغط الاجتماعي فقط حتى ينتهوا عن فعلتهم ..و لكن الآيات غير صريحة أولا ، و قد قال
معظم الفقهاء أنها منسوخة بحكم الزنا الذي جاء بعدها ، و على فرض أنها جاءت فعلا في تجريم الممارسة المثلية فلا شك أنها تقصد الممارسة العلنية التي يجاهر بها أصحابها بدليل طلب أربعة شهود لإثبات الواقعة ،
و ليس ثلاثة شهود أو أقل ،ولا يمكن لأربعة أن يشاهدوا الواقعة إلا إذا كانت في مكان عام ..
و بالإجمال ، لا يوجد أي حكم شرعي في القرآن الكريم ولا في السنة الثابتة الصحيحة يقوم بتجريم الممارسة المثلية ، و الأحاديث النبوية الواردة في ذلك لا تصح جميعها استنادا إلى علم الرواية كما ذكرتها في
موضوع آخر هنا في هذا المنتدى ، و أقوى حديث فيها رواه عكرمة البربري [ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به ] و عكرمة هذا هو مولى لعبد الله بن عباس و قد اتهمه علي بن عبد الله
بن عباس بالكذب في الرواية كما أكد ذلك عبد الله بن عمر الصحابي المشهور و المكثر من رواية الحديث كما جاء في ترجمة عكرمة هذا في كتب الرجال..و السؤال هنا :
لو صح حقيقة مثل هذا الحديث الذي يحكم بالقتل على الممارسين للمثلية فلماذا لم يروه سوى عكرمة هذا ؟
أين باقي الرواة العظماء من الصحابة و أبنائهم و العلماء الآخرون ؟
و من ناحية أخرى ، فالقرآن الكريم ينص على أنه جاء بالدين كاملا غير منقوص ، و قد أعطى لكل أمر مهم في الحياة حكما شرعيا واضحا و صريحا ، فالقاتل يقتل ، و السارق يقطع ، و الزاني يجلد و غير ذلك من
الأحكام في سائر الأحوال ، فهل يعقل أن يترك القرآن حكما فيه حد القتل بلا ذكر ؟ و هل الروح البشرية رخيصة إلى هذا الحد حتى يؤخذ الحكم بقتلها من نص ضعيف ؟
القرآن الكريم تكلم في أحكام اليمين و الزواج و الطلاق و التبني و الجهاد و الرضاعة و غير ذلك مما يتعرض له الناس فلماذا يسكت عن حكم الممارسة المثلية ليأتي الفقهاء و الرواة المتهمون بالكذب بإيراد نصوص
تحكم بالقتل على ممارسي المثلية ؟
لا نشك بعد هذا أن الرواة قد افتروا علينا افتراء عظيما ، إذ لا يوجد أي حكم يفيد معاقبة ممارسي المثلية في القرآن الكريم ، و هم يفترون على الله تعالى كما يفترون علينا ..