يبدأ الصباح في هذا الجحيم، فرع فلسطين، عند موعد الخروج للحمامات، يفتح السّجان الباب دون أن يطرقه أولاً ويبدأ بالصراخ بشكل هستيري ليوقظ السجينات: "يلا
أنت وياها عالحمام، يلا قسموا حالكون دفعتين، بسرعة وليه أنت وياها".
عندها يجب على السجينات أن تكن واقفات خلال ثوان وإلّا حرمن من الذهاب للحمام، نبدأ بإيقاظ بعضنا بسرعة وتقف الدفعة الأولى خلف الباب وتنتظر أن يقودها السجان للحمام وغالباً ما يبقى السجان في حالة صراخ
مستمرة.
تبدأ السجينات بترتيب ما تريد فعله بالحمام، فمنا من تريد غسيل ثيابها وأخرى تريد أن تستحم وأخرى صنعت فوطاً نسائية من قطع قماش غالبا ما تكون قد التقطتها من سلة القمامة، من بقايا ثياب أحد المعتقلين التي
تمزقت من الضرب.
وتجمع أخرى (الجلي)، والذي هو عبارة عن علب بلاستيكية تستخدمها السجينات للأكل، تلك العلب التي تستخدم كصحون ويصنع منها ملاعق وسكاكين وكل شيء، كمحاولة منا أن نشعر بأننا بشر ولا نأكل بأستخدام أيدينا من
ذلك الوعاء البلاستيكي القذز الذي يوضع به اللأكل.
نساق الى الحمام ويقفل باب الحمام علينا ونمنح فقط من ٥ الى ١٠ دقائق لنستحم أو نجلي أونقوم بكل ما نريد أن نقوم به، هذا المشوار الى الحمام بمثابة فسحة التنفس الوحيدة التي نحظى بها، فبهذه المساحة التي لا
تتجاوز الثلاث أمتار كان هناك "طاقة" نتنفس منها الأمل، تلك النافذة التي تتصدر الحمام المطلة على ساحة الفرع، وعلى البعض من شوارع دمشق.
هذا الشباك هو الإطلالة الوحيدة التي كنّا من خلالها نرى ضوء الشمس، تطل منه شجرة عالية، غالباً ما تحوي أغصانها على عصافير تزقزق، وتجعل الكثيرات منا تبكي نتيجة ما توقظه فينا من حنين الى كل ما هو خارج
هذا المكان، وكأنّ هذه العصافير بزقزقتها تغسل فينا الذاكرة للحظات، وتمحي أصوات السجانين وأصوات التعذيب التي كنا نتشربها ليلاً نهاراً.
كانت جدران الحمام ملطخة بآثار دماء وقيء من تم تعذيبهم، وكأنها شاهدٌ حي على وحشية التعذيب، يمشي عليها القمل والصراصير بشكل واضح ومقرف، ويتضمن على مغسلتين إحداهما مكسورة، ودوش وحنفية وأربع تواليتات،
جميعها متسخة عدا واحدٍ منها مقفل ومخصص للسجّانين، يبقى لنا ثلاثة نحن اللواتي نكون غالباً خمسة عشر سجينة ومعنا أقل من عشر دقائق.
نبدأ بالتوزع كلّ منا تفعل ما تحتاجه حسب أولوية الأشياء لديها، يكون المظهر غالبا أشبه بخلية نحل، منا من تغسل وجهها أو تنظف اسنانها وأخرى تغسل ثيابها، وغالبا ما تقوم عدة نساء بنزع ثيابهن والدخول تحت
الدوش البارد، يستحممن خلال دقيقتين، هنا الأسرع هي من تحظى بدور لتستحم.
خلال هذه الدقائق، يجب أن نكون قد أنجزنا كل ما نريد، عليك أن تتمتعي بالكثير من الأنانية لتستطيعي أن تحظي بقليل من الخصوصية، لتبدّلي ثيابك إن كنت محظوظة بما تركته سجينات أخلي سبيلهن، وتصنعي الفوط
النسائية وتستحمي وتنظفي ثيابك وشعرك وجسدك.
وفي الحمام، تكون أيضاً المساحة الوحيدة التي نستطيع خلالها التكلم عن أي موضوع دون الشعور بالرقابة، طالما أننا لا نستطيع أن نحظى بهذه الخصوصية لفعل أي تفصيل بالمهجع الذي يحتوي على كاميرات تعمل ليلا
نهارا مع الإضاءة التي تبقى أيضا طوال اليوم.
تقف من تنتهي منا بجانب باب الحمام لتترك مكانها لأخرى، وكثيراً ما تسقط إحدانا مغمى عليها بسبب الضغط الذي يحدثه مكان مغلق ومكتظ، ثم يفتح باب الحمام فجأة، وغالباً ما تتعرض النساء اللواتي شعرن بالدوخة
لوابل من الصراخ والشتائم والسخرية من السجان.
نعود للمهجع بينما تكون الدفعة الثانية على استعداد ومنتظرة أمام الباب، تعود كل منا وكأنها كانت بـ"سيران" يضم نشاطات مختلفة تكسر الملل والروتين القاتل رغم كل الذل والإهانة الذي نتعرض له بهذا المشوار،
ونأخذ أماكننا مرة أخرى وننتظر باقي التفاصيل المعتادة في يومنا.
يفتح باب المهجع ثانية خلال أقل من نصف ساعة، ويعلو صراخ السجان مرة أخرى، ليرمي لنا الفطور الذي يكون بمعظم الصباحات عبارة عن بطاطا شبه مسلوقة: "قومي وليه أنتي وياها شيلي الأكل لتتسممو أنتي وياها"
.
وهكذا، تبدأ الساعات الأولى من اليوم بهذه التفاصيل وبشكل يومي تتكرر تماماً، وكأننا نمتلك مع الوقت ساعة بيولوجية يكون المنبه الخاص بها هو صراخ السجان معلناً بداية يوم جديد في الجحيم.
تحديث للسؤال برقم 1
اللهم اللعن كل من يقف ويساند ويدعم بشار الاسد على الارض وفي السماء
اللهم ابتيله هو واولاده واهله بالامراض اللهم احشره يوم القيامه مع بشار في نار جهنم
اللهم اللعن كل من يقف ويساند ويدعم بشار الاسد على الارض وفي السماء
اللهم ابتيله هو واولاده واهله بالامراض اللهم احشره يوم القيامه مع بشار في نار جهنم
اللهم اللعن كل من يقف ويساند ويدعم بشار الاسد على الارض وفي السماء
اللهم ابتيله هو واولاده واهله بالامراض اللهم احشره يوم القيامه مع بشار في نار جهنم
