حرصت الولايات المتحدة على انتقاء سيد قطب للسفر إليه في بعثة تدريبية عام 1948، ولم يكن سيد قطب حتي هذا التاريخ له أدنى علاقة بالكتابة الدينية، بل كان
مهتما بالنواحي الأدبية والفنية، بل كان يتباهى بأنه ملحد، حتى أنه دعا في مقال له بالأهرام في 27 مايو 1934 الى انشاء مستعمرة للعراة في مصر!! وقد شكل سفر سيد قطب الى أمريكا مفاجأة للكثيرين، حيث تم
اختياره في بعثة لم يُعلن عنها، كما كان قد تجاوز السن المشترطة لسفر المبعوثين، كذلك كانت هذه البعثة فريدة من نوعها، ذلك أنه لم يكن مقرراً لها دراسة محددة أو جامعة بعينها، بل كانت بعثة حرة لمدة سنتين
قام خلالهما بزيارة عدد من الجامعات والمعاهد الدينية والكنائس ودور الصحافة والنشر والمراكز البحثية، بل وحضر حفلات ليلية صاخبة وصفها بدقة في كتاباته الا أن هذه البعثة شكلت نقطة تحول خطيرة في حياة سيد
قطب، حيث عاد بعدها الى مصر ليتحول في كتاباته من الأدب والفن الى الكتابة في الدين، بل والجانب شديد التطرف في الدين، وهو ما انعكس في كتابيه اللذين صدرا بعد عودته لمصر، وهما «معالم في الطريق» و«في ظلال
القرآن» وقد اعترف سيد قطب بعد ذلك في السجن «أن زيارته لأمريكا كانت وليدة تخطيط أمريكي، ولم يكن يدري أنها جزء من رهان أمريكي» كما اعترف أيضاً بأنه «وقع تحت إغراء الأوساط الامريكية بكل الوسائل، وإن لم
يسقط في شباكها»