خطيئة آدم (الخطيئة الأصلية)
تعتبر خطيئة آدم حجر الزاوية للعقيدة المسيحية ، فمن أجل إزالة إثم هذه الخطيئة التي توارثها أبناء آدم على مدي آلاف السنين (كما يعتقدون) أرسل الله ابنه أو نزل هو فى صورة الإبن ليصلب ويقتل على الصليب
(كما يعتقدون).
فما هي خطيئة آدم كما وردت فى التوراه
يقول سفر التكوين (وأوصى الرب الإله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل أكلا وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها) صح 16:2 ولكن الشيطان تجسد فى شكل حية ودخل الجنة وأوعز إلي حواء فأغرت بدورها آدم
فأكلا من الشجرة المحرمة. إذاً آدم وحواء عصيا الله وكان عقاب الله لهم كما يلي (فقال الرب الإله للحية لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم .. على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك) وعقاب حواء
كان كالآتي (وقال للمرأة كثيرا أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا) سفر التكوين صح3.
وعقاب آدم (ملعونة الأرض بسببك .. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل . بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها) تكوين 3: 17-19 إن العقاب تمثل فى
الطرد من الجنة والمعاناة والشقاء فى الرض حيث مصارعة العوامل الطبيعية من أجل البقاء . وزيادة آلام الحمل والولادة بالنسبة لحواء.
وصاحب عقيدة الخطيئة الأصلية وتوارثها هو القديس بولس وهو كذلك مصمم عقيدة تأليه المسيح ، ويفتخر بذلك الاكتشاف فيقول (إن كنتم قد سمعتم بتدبير نعمة الله المعطاة لى لأجلكم إنه بإعلان عرفني بالسر)
الرسالة إلي أهل أفسس 2:3 ويعترف بولس أن أحد من قبله لم يعلم بما عرفه (الذي فى أجيال أخرى لم يعرف به بنو البشر) الرسالة إلي أهل أفسس 2:3
أن بولس يقول عن توارث الخطيئة التي ارتكبها آدم (كل ابن أنثى يرث خطيئة آدم وأن لاشئ ينجيه من العذاب الأبدي إلا موت ابن الله ليكفر بموته عن خطيئته) الرسالة إلي العبرانيين 26:7
ويقول بولس أ ن الخطيئة التي اقترفها آدم قد أفسدت طبيعة أبنائه أى الطبيعة البشرية وجعلتها شريرة (الذين نحن أيضا جميعا تصرفنا قبلا بينهم فى شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء
الغضب كالباقين أيضا) فى رسالته إلي أهل أفسس.
ويبدو أن بولس هذا ومن آمنوا بنظريته تلك عن توارث الخطيئة لم يقرأوا كتابهم المقدس حيث جاء فى سفر حزقيال (وإن ولد ابنا رأى جميع خطايا أبيه التي فعلها فرآها ولم يفعل مثها .. فإنه لا يموت بإثم أبيه ،
حياة يحيا) 14:18
وكذلك (النفس التي تخطئ هى تموت ، الإبن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الإبن ، بر البار عليه يكون ، شر الشرير عليه يكون) حزقيال 20:18 وجاء أيضا فى سفر التثنية (ولا يقتل الآباء عن الأولاد
ولا يقتل الأولاد عن الآباء كل إنسان بخطيئته يقتل) 16:24
وكما تعارض نصوص العهد القديم مبدأ توارث الخطيئة ، يعارض الفلاسفة العقلانيين والمفكرين مبدأ إفساد الخطية للطبيعة البشرية حيث يقول ايمانويل كانط متسائلا كيف بدأ الشر فى طبيعة البشر؟ إنه لم يبدأ
بسبب الخطية الأصلية.
فلا ريب أن أشد التفسيرات كلها سخفا لذيوع هذا الشر وانتشاره فى جميع أفراد وأجيال نوعنا هو التفسير الذي يصفه ميراثا منحدرا إلينا من أبوينا الأولين. وربما كانت النوازع الشريرة قد تأصلت فى الإنسان تأصلا
قويا لأنها كانت ضرورية للبقاء فى الأحوال البدائية ، وهى لا تصبح رذائل إلا فى المدينة ، فى المجتمع المنظم.
ويقول جوته: إنني لا أشعر إطلاقا بأنني أحمل تلك الخطيئة ولست فى حاجة إلي إله يموت كفارة عنى.
ويقول جون لوك2 أرفض الاعتقاد بأن كل سلالة آدم قد حكم عليها بعذاب أبدي لا نهائي من أجل خطية الرجل الأول (آدم) الذي لم يسمع عنه قط ملايين من الناس.
ويتفق البارون دي هولباخ مع المسيحية فى أن الإنسان نزاع إلي الإثم بطبيعته ولكنه يرفض فكرة أن هذه الطبيعة الشريرة موروثة عن خطيئة آبائنا الأولين باعتبارها فكرة سخيفة.
أما بيير بايل فيقول (أما فيما يتعلق بخطيئة ادم وما ترتب عليها فيجب أن يخضع الكتاب المقدس لمحاكمة الفلاسفة)
ويقول بول هازار: إن كونفوشيوس كان يعتبر أن الطبيعة البشرية قد جاءت من السماء فى غاية الطهارة والكمال وأن الفساد قد تطرق إليها فيما بعد لذلك فإن كونفوشيوس يعتبر الشبيه الصيني للقديس بولس
تحديث للسؤال برقم 1
........يتبع
ونعود إلي آدم وحواء ، لقد أخطأا وعوقبا كما أخبرنا سفر التكوين ، ألا يكفي هذا العقاب لمغفرة الخطيئة خاصة أنهما عندما عصيا ربهما لم يكن فى وسعهما بعد التفريق بين الخير والشر كما يقول الكتاب
المقدس.
فكيف يعاقب الله من لا يدرك الخير والشر.
إن القديس بولس يصر على أن الخطيئة لم تغفر ولا يمحوها إلا موت ابن الله ، ولا ننسى أن ابن الله هو كذلك الله نفسه ولكن فى صورة الإبن! فيقول فولتير تعليقا على ذلك إن الله يقدم نفسه قربانا لنفسه لإرضاء
نفسه اى أن التضحية من الله إلى الله على الصليب.
ويتسائل ديدرو و هل ثمة شئ أشد حمقا وسخفا من أن إلها يموت على الصليب ليهدئ من غضب الله على رجل وامرأة (آدم وحواء) ماتا منذ آلاف السنين.
ويضيف جان مسلييه أى رجل عاقل يصدق أن الله لكي يسترضي البشر ويستميلهم يمكن أن يضحي بابنه البرئ الذي لم يرتكب إثماً.
ويقول سيجموند فرويد: إن تضحية المخلص بنفسه كإنسان برئ تشويها متعمدا واضحا يصعب التوفيق بينه وبين التفكير المنطقى فكيف كان من الممكن أن يأخذ إنسان برئ على نفسه ذنب القاتل بأن يسلم نفسه للقتل ، ويضيف
فرويد بأن للتراث الأسطورى الشرقي والأفريقي أثره على تشكيل وهم الخلاص هذا.
إن المنطق والعرف يقران بأن المخطئ هو الذي يقدم قربانا إلى الله تكفيرا عن خطئه ولكن العقيدة المسيحية تقول أن الله هو الذي قدم نفسه قربانا إلي نفسه وما على أولاد آدم إلا الإيمان فقط بذلك لكي تعود
طبيعتهم الشريرة إلي الخيرة ويسقط عنهم العذاب الأبدي.
ويقول فولتير أن الله بعث بابنه ليخلص البشر ولكن الأرض والإنسان بقيا على ما هما عليه على الرغم من تضحيته.
بالفعل لقد آمن ملايين المسيحيين بتلك التضحية ومازال الشر فى تصاعد وكانت حصيلة حربين عالميتين ملايين من القتلي والجرحى: ناهيك عن المذابح بين الكاثوليك والبروتستانت ويقول هوج دي جروت: كنت أرى فى العالم
المسيحي أفراطا فى الحروب لو اقترفته الشعوب البربرية لكان مثارا لخجلها.
إن الواقع المحسوس والمنظور يثبت إن الطبيعة البشرية لم تتغير إلي الأحسن إن لم تكن إلي الأسوأ فالجريمة منظمة والشذوذ الجنسي أصبح مباح فى أوروبا وأمريكا والذين يمارسونه أضعاف أهل لوط.
والزنا تنظمه قوانين صحية ومنظمات رسمية غير الذي يمارس تحت شعار الصداقة. فأين الدم الذي سفك؟ وما كانت نتيجة الإيمان به؟
إن العهد القديم يروى لنا أن الله رفض أن يذبح إبراهيم عليه السلام ابنه قربانا له (ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا)
تكوين 10:23 فكيف يقبل الله ويسمح بقتل ابنه هو كذبيحة عن خطية آدم.
إذاً مبدأ توارث خطيئة آدم يرفضه الكتاب المقدس والعرف والعقل والقول بأن تلك الخطيئة قد أفسدت الطبيعة البشرية مردود عليه بالواقع الملموس ، فلا تغير قد طرأ على وجود الشر فى الشعوب المسيحية نتيجة
اعتقادها بالصلب والفداء.