بإعلان محمد مرسي رئيسا لمصر في جمهوريتها الثانية بعد ثورتها المجيدة, و إسقاطها لحكم الطاغية حسني مبارك, يكون المصريون قد قدموا درسا رفيع المستوى في قدرة
الشعوب المستضعفة على كتابة تاريخها و صون كرامتها.
لن أهنأ الإخوان المسلمين على انتصار ممثلهم في معركة الرئاسة بل أهنأ الشعب المصري و خصوصا أهالي شهداء الثروة من الشباب الطاهر الذي قدموا أرواحهم الغالية فداء لقيم الكرامة و الحرية و العدالة
الإجتماعية, فبفضل تضحياتهم تمكن أبناء الوطن من الوقوف في طوابير ليختاروا رئيسهم و هم آمنون مطمئنون على أن أصواتهم لن تتلاعب بها خفافيش الظلام.
و من كان يتوقع أن يكون مصير حسني مبارك الإذلال وسط زنزانة يقضي فيها أيامه الأخيرة مقيدا بحكم السجن المؤبد ؟ ومن كان يعتقد أن محمد مرسي المعتقل السابق هو رئيس مصر المنتخب ؟
أكيد أن تحديات جساما تنتظر حاكم مصر الجديد و من المؤكد أيضا أن فلول النظام السابق لا زالت تؤثر في المشهد السياسي المصري و ما حصول أحمد شفيق على نسبة 47 في المائة من نسبة أصوات الناخبين إلا خير دليل
على ذلك .
ستدخل مصر بعد اليوم عهدا جديدا يفرض على أبناء الكنانة جميعا مسلمين وأقباطا, إخوانا و سلفيين, ليبراليين و يساريين ,قوميين و علمانيين الإصطفاف الكامل وراء الخيار الشعبي و يوجب عليهم المصالحة
الشاملة لبناء مصر الجديدة لأنه من تمام الإيمان بقيم الديمقراطية القبول بنتائج صناديقها التي احتكمنا لها. و لا يعني أبدا الفوز في الرئاسة الإستحواذ على القرار و إستئصال المخالف و فرض الأجندة الخاصة
كاملة.
الربيع العربي بدأ يؤتي ثماره و الشعوب العربية لن تخضع بعده للمستبدين و المفسدين, و نحن أمام خيارين لا ثالث لهما : إما أن ننصت لأصوات الشعوب و نلتحم بها و نبعد عنها جميع مظاهر الفساد و الإستبداد, و
إما أن نصم آذاننا و نزيد في غينا و نعتقد أنه بإمكاننا أن نتحايل على مطالبها المشروعة بمراوغات التفافية لا تسمن و لا تغني من جوع. و هو خيار لا ينصح به أصحاب العقول السليمة و الألباب الفطنة.
وفي الختام أرددها قائلا : هنيئا لمصر و للمصريين.