انذار روسي تزامن مع وصول مدمّرات روسية قبالة السواحل السورية أوقفت الحرب
تبدلت شروط اللعبة في سوريا كلياً، ومن الخطأ المميت للبعض أن ينظر الى الملف السوري من خلال ما يجري في الداخل من تظاهرات واحتجاجات واشتباكات دون النظر الى اللوحة العالمية وما يجري فيها من صراعات.
كل المؤشرات منذ اسبوعين كانت توحي بأن الحرب حتمية في سوريا، وتم اخراج المدافع والصواريخ التركية والخليجية من مستودعاتها وتم «تزييتها وتنظيفها» استعداداً للحرب، بالتالي ذهبت الجامعة العربية وقطر الى
رفض فكرة أي نقاش مع سوريا وبأن المطلوب فقط استسلام سوريا، على أن يتبع الحرب على سوريا اذا نجحت قيام الطائرات الاسرائيلية بقصف ايران تمهيداً لتدخل طيران الناتو، وبالتالي قلب الصورة جذرياً في المنطقة
وضرب قوى الممانعة. وابلغ الكبار في العالم بهذا السيناريو وتحفظ البعض ورفض البعض الآخر ووافق الكثيرون.
ولكن الحسابات الاوروبية والاميركية والاسرائيلية والخليجية والتركية اصطدمت بالموقف الروسي المتشدد الذي لم يكن في حسابات هذه الدول، وظهر بوتين 2011 متطرفاً عن اندربوف الرئيس الروسي السابق الذي خاض
المواجهة مع الحلف الاطلسي في لبنان وقلب الطاولة على الجميع عبر ارساله الصواريخ والخبراء لدعم القوى الوطنية في لبنان، وابلغ بوتين الرئيس الاميركي اوباما بالانذار الروسي الرافض لأي حرب على سوريا مهما
كانت الاعتبارات، وارفق رفضه بارسال مدمرات روسية الى شواطىء المتوسط قبالة السواحل السورية الاسبوع الماضي، رافضاً كل الاغراءات الاميركية بادخال روسيا الى منظمة التجارة العالمية مؤكداً للرئيس الاميركي
بأن الحرب على سوريا ممنوعة وان أمن سوريا من أمن روسيا، كما أبلغت القيادة الروسية القيادة التركية بهذا القرار الحاسم وبارسال المدمرات الروسية الى شواطىء المتوسط وفهمت تركيا الرسالة جيداً.
تقول المصادر المتابعة «ان ايران ابلغت تركيا ايضاً بأن اي اعتداء على سوريا سيفجر المنطقة برمتها، وتقول معلومات ان اجراءات سورية اتخذت على الارض وتحديدا على المنطقة التي تم فيها التهديد باقامة منطقة
عازلة من قبل تركيا حيث اتخذت سوريا اجراءات عسكرية في هذه المنطقة ومنعت الدخول والخروج منها الا باذن عسكري وتضيف المعلومات ان ضباطا سوريين كبار تفقدوا المنطقة برفقة جنرالات من دول صديقة لسوريا ففهمت
تركيا الرسالة جيداً، وتراجع اردوغان عن خطواته باقامة منطقة عازلة بعد ان هدد بذلك صباح الخميس ليعود في المساء وليعلن ان الحرب على سوريا مستبعدة، رغم الحماس الذي ابدته قيادات في حزب العدالة والتنمية
للحرب، حيث نقلت صحيفة صباح التركية كلاماً لمسؤولين في هذا الحزب دعوا فيها لاحتلال ولايات لبنان وسوريا والعراق التركية والعودة الى حكم الامبراطورية العثمانية، وهذا الكلام ترك ردود فعل لدى المعارضة
التركية التي انتقدت هذا الكلام.
وتضيف المصادر، ان التبدلات في المواقف الدولية والانذار الروسي سمحا بشروط لعبة جديدة ودفع سوريا الى رفض المبادرة العربية التي تتضمن شروطا تعجيزية، كما ان الجامعة العربية استبدلت خطتها بتأمين الغطاء
العربي لتدخل عسكري في سوريا باستراتيجية جديدة تقوم على الحصار الاقتصادي ودعم المسلحين بالمال والسلاح والتخطيط والتدريب للقيام بعمليات عسكرية في الداخل السوري لارباك النظام، وان هذا الاجراء باعتقاد
الدول العربية وتركيا يزيد من الشرخ والانقسامات ويؤدي الى اسقاط النظام.
وهذا هو السيناريو المسموح به حتى الآن، فيما التصاريح والتهديدات ليست الا بالونات سياسية فقط، علماً ان التصريحات التركية والقطرية والعربية لا قيمة لها لان الحرب بالاساس هي بين قاسم سليماني قائد القوات
الايرانية وبترليوس قائد القوات الاميركية، وهذا هو العنوان الاساسي للمعركة، فيما الاخرون كومبارس فقط لا يقدمون ولا يؤخرون كونهم ادوات فقط.
وفي ظل هذا الواقع فان النظام السوري هو الاقوى وبالتالي ليس هناك من حرب أهلية مطلقا بل عمليات عسكرية من قبل المسلحين لضرب الهيبة السورية، وهذا ما حصل خلال العملية التي حدثت بدمشق امس الاول باتجاه مقر
حزب البعث، حيث قام «فان» للمسلحين باطلاق قذيفة صاروخية باتجاه مقر حزب البعث من مسافة بعيدة وانفجرت في الجو، وتم اعتقال الذين نفذوا الاعتداء من قبل قوات امن الدولة وبالتالي فان هذه العملية لا قيمة لها
في العمل العسكري وهدفها الارباك فقط وكسر الهيبة الامنية في دمشق، وخلق الذعر لدى المواطن ويبقى قرار الجامعة العربية الخميس عبر فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية ودعم المعارضة السورية بالمال
والسلاح.
وهذا هو السيناريو حتى الان الا اذا حصلت تبدلات في المواقف خلال اليومين القادمين.
المصدر : الديار اللبنانية