وَكَان صلى الله عليه و سلم يُعَجِّلُ الفِطرَ، وَيحضُّ عَليهِ، وَيَتسَحَّرُ، وَي َحُثُّ عَلى السُّحورِ ، وَ يُؤخِّرُه ، وَ يُرغِّبُ فِي تَأْخِيرِهِ
.
وَ كَانَ يَحضُّ عَلى الفِطْرِ بِالتَّمْرِ، فَإِنْ لَم يَجِدْ فَعلَى الـمَاءِ، هَذا مِنْ كَمالِ شَفَقَتِه عَلى أُمَّتِه ، وَ نُصحِهِمْ ، فَإِنَّ إِعطَاء الطَّبِيعةِ الشَّيءَ الحُلْوَ مَع خُلوِّ
الـمعِدَةِ أَدْعَى إِلى قَبُولِه، وَانْتِفاعِ القُوَى بِهِ، وَلَاسِيَّما القُوَّةُ البَاصِرةُ، فَإنَّها تَقْوَى بِهِ .
وَحَلَاوةُ المدِينةِ التَّمْرُ، وَ مُرَبَّاهُمْ عَلَيْهِ ، وَهُوَ عِندهُمْ قُوتٌ وأُدْمٌ، و رُطَبُه فَاكهَةٌ .
وَأَمَّا الماءُ: فَإِنَّ الكَبِدَ يَحْصُل لَها بِالصَّومِ نَوْعُ يَبَسٍ، فَإِذا رُطِّبتْ بِالماءِ، كَمُل انْتِفاعُهَا بِالغِذاءِ بَعْدَه، وَلهذَا كَان الْأَوْلَى بِالظَّمْآن الجَائِعِ أَنْ يَبْدَأ
قَبْلَ الْأَكْلِ بِشُرْبِ قَلِيلٍ مِن الماءِ، ثُمَّ يأكُلُ بَعدَهُ.
هَذا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالماءِ مِنَ الخَاصِّيَّة الَّتِي لَـها تأثيرٌ فِي صَلَاحِ القَلْبِ, لَا يعلَمُهَا إِلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.
مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي فِطْرِه
- وَكَانَ صلى الله عليه و سلم يُفْطِرُ قَبْل أَنْ يُصَلِّي .
- وَكَان فِطْرُه عَلى رُطَباتٍ – إِنْ وَجَدَهَا – فَإِنْ لَم يَجِدْهَا فَعَلى تَمْرَاتٍ, فَإنْ لـمْ يَجِدْ، فَعَلى حَسَواتٍ مِنْ مَاءٍ.
- وَرُوِي عَنْه أَنَّه كَانَ يقُولُ إِذَا أَفْطَر: "ذَهَبَ الظَّمَأُ, وَابتَلَّتِ العُروقُ، وَثَبَتَ الْأجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى" [رَوَاه أَبُودَاوُدَ].
وَيُذْكَرُ عَنْه صلى الله عليه و سلم: "إِنَّ لِلصَّائِم عِنْدَ فِطْرِه دَعْوةً مَا تُرَدُّ" [رَواه ابْنُ مَاجَه].
وَصَحَّ عَنْه أَنَّه قَالَ : "إِذَا أَقْبَل اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ مِنْ هَاهُنَا, فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ قَدْ أَفْطَر حُكْمًا، وَإِنْ لَـمْ يَنْوِهِ، وَبِأَنَّه قَدْ دَخَلَ وَقتُ فِطْرِه، كَأَصْبحَ وَأَمْسَى .