محاولات إثبات التثليث من القرآن !!
محاولات إثبات التثليث من القرآن !!
فشل النصارى في إيجاد أي دليل كتابي عن الثالوث ، فذهبوا بعيدًا جدًا بالبحث عن أدلته الكتابية حتى في الكتب التي لا يؤمنون بها والتي تعارض التثليث بآيات واضحة لا تحتاج إلى تأويل أو تفسير.
ففي الفصل الثاني من كتاب القمص زكريا بطرس " الله واحد في الثالوث القدوس" كتب تحت عنوان شهادة القرآن لثالوث المسيحية :
}إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه{ ]النساء: 171[
ففي هذه الآية يتضح أن الله له:
* ذات في قوله : }رسول الله {.
*وله (كلمة) : في قوله : }وكلمته{ فالهاء ضمير مفرد غائب يعود على الله.
*وله (روح) : في قوله: } وروح منه{ ونحن المسيحيين لا نقول بأكثر من هذا.[1]
الرد :
إنه عمى البصيرة قبل القبل البصر , فالآية تقول : إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله .... وهو يقول : الله !!! , ولقد اقتطع من الآية فلم يأت إلا بجزء من نصفها, فالآية الكريمة من سورة النساء :
}يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ
وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات
وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً{ آية 172 .
فلم يذكر بداية الآية : } يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ { ، ولم يذكر نهاية الآية:} وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا
لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ { .
والرد المجمل لكل من يحاول منهم الاستشهاد بالقرآن لإثبات صحة عقيدته التي لا يجد لها أدلة هو أن القرآن الكريم ليس له أكثر من كاتب، ولا يؤخذ جزء منه ويترك الباقي، فإن رضيتم بالقرآن الكريم كتابًا تأخذون
منه العقيدة فقد جاء في القرآن الكريم الآتي:
1- الإسلام هو دين الحق ومن يتبع غيره لن يقبل منه :} وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ { [آل عمران : 85] .
2- كفر القائلين بألوهية المسيح: } لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ
مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [المائدة : 17] .
3- كفر القائلين بالثالوث: } لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ { [المائدة : 73] .
تحديث للسؤال برقم 1
4- المسيح أرسله الله تعالى رسولاً مثل من سبقه من الرسل : } مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا
يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { [المائدة : 75] .
5- محمد عليه الصلاة والسلام وهو المنزل عليه القرآن هو رسول الله تعالى: }مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيماً { [الأحزاب : 40] .
فهل من يستشهد بالقرآن الكريم يقبل الإيمان بكل الآيات الواضحة السابقة ؟
لقد قال الله تعالى في أمثال من يستشهد ببعض من القرآن تاركًا الكتاب بالكامل:} أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {[البقرة : 85] .
أما الآية التي يقتطعون منها جزء لينفعهم في إثبات ما لا يملكون عليه دليل فحسب التفسير الميسر:
يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم ، ولا تقولوا على الله إلا الحق ، إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق ، وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم ، وهي قوله :
"كن" فكان ، وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه( روح ) ، فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له.
معنى كلمة الله : لم تكتمل الأسباب التي وضعها الله في الكون للإنجاب وهي وجود الذكر والأنثى فجاء خلق الله تعالى لعيسى عليه السلام مثل خلقه لآدم بالأمر الإلهي بكلمة الله "كن".
أطلق على عيسى عليه السلام كلمة الله ؛ لأنه جاء بالكلمة من الله تعالى ، كما يطلق على البرق والرعد
"قدرة الله" على أنه جاء بقدرة لله ويطلق على الدمار الناتج من الحرب " دمار الحرب" لأنه جاء نتيجة للحرب ويطلق على الموظف الذي تم توظيفه عن طريق توصية أو واسطة من الوزير "واسطة الوزير"
أي الذي جاء بالواسطة أو جاء بالتوصية من الوزير.
وفي تفسير ابن كثير: }وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ { ، ليس الكلمة صارت عيسى ، ولكن بالكلمة صار عيسى ( لفظ كن ) .[2]
معنى روح منه : نفخ الله تعالى في عيسى الروح وهي نسمة الحياة كما قال الله تعالى عن خلق آدم:
} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِين{ [الحجر : 29] .
فالروح تأتي بمعنى الملاك وتأتي بمعنى نسمة الحياة ، فنفخ الله تعالى في آدم نسمة الحياة مثل آدم ، فقال تعالى: } إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن
فَيَكُونُ {[آل عمران : 59].
قال البخاري بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق
والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). [3]
ولقوله في الآية والحديث " وَرُوحٌ مِّنْهُ "كقوله تعالى:} وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ { [الجاثية :13 ] , أي من خلقه ومن عنده ، وليست من للتبعيض.
لقد قال الله تعالى في الحديث عن المؤمنين }..أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ..{ [المجادلة : 22]. فروح منه تعني" من عنده "
كتب الإمام القرافي (... نفخ الله تعالى في عيسى عليه السلام روحاً من أرواحه، أي: جميع أرواح الحيوان أرواحه، وأما تخصيص عيسى عليه السلام بالذكر، فللتنبيه على شرف عيسى عليه السلام، وعلو منزلته، بذكر
الإضافة إليه، كما قال تعالى: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ.. [الكهف : 1]،
وقال تعالى : ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [مريم : 2] ، فمع أن الجميع عبيد الله، تم التخصيص لبيان منزلة الشخص المخصص ).[4]
---------------------------------------------------
[1] الله واحد في الثالوث القدوس- القمص زكريا بطرس- ص 4
[2] ابن كثير ـ تفسير القرآن العظيم .
[3] رواه البخاري ـ كتاب الأنبياء ـ حديث رقم 3435 ، ومسلم ـ كتاب الإيمان.
[4] الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة 82ـ86 - بتصرف.