تحديث للسؤال برقم 1
لعلها ليست مصادفة أن تكون تركيا هي أول دولة إسلامية حديثة تبدأ مشروع إعادة النظر في هذا الكم الهائل من الموروثات الدينية, فالتجربة التركية تكاد تكون هي الوحيدة التي كتب لها
النجاح كحركة إسلامية وسياسية معا في حين فشلت باقي الحركات الأخرى وهذا مؤشر واضح على مدى مقاربة تلك التجربة لواقع الحياة وقربها نوع ما من المنهج الإسلامي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى.
قد تكون هناك أسباب اقتصادية وسياسية أخرى وراء هذا النجاح في تركيا وهذا أمر مؤكد ولكن لا يخفى على أحد بأن هذا النجاح قد كان له دافع مهم وهو مواجهة اليسار العلماني المتشدد الذي تمادى في كبت
الحريات الدينية وهذا ما يعطينا تصورا بأن أي حركة سواء كانت دينية أو فكرية لا يحق لها أن تضيق الخناق على الحريات وبهذا يمكن معرفة سبب فشل كل الحركات الإسلامية العربية في مشاريعها السياسية الرامية إلى
مصادرة الحريات بكل أشكالها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في صورة تفوق بكثير تلك الموجودة لدى أقصى اليسار العلماني.
إن رحابة الأفق الديني وعمق الفهم الإسلامي الذي تتمتع به الحركة الإسلامية التركية قد قادها إلى البدء في مشروع طالما تنادى له نخبة من المفكرين والمصلحين كمحمد عبده وغيرهم ممن وضعوا أيديهم على سبب مهم
من أسباب ضعف الأمة وتخلفها ألا وهو السبب الفكري الذي يستقي أفكاره من الفكر الديني الموروث لتصبح علاقتهما فيما بعد هي علاقة تغذية رجعية يعتاش كل منها على الآخر مما يجعل علاج هذا الوباء أمر صعب
وشاق.
تحديث للسؤال برقم 2
إن كتب الأحاديث الصحاح وكل تلك المرويات التي نسبت للرسول قد دونت بعد قرنين من وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وهو ما يعطي دليل على أمرين وهما أن صحة تلك الروايات هي محل طعن وشك
والأمر الثاني هو أن هذه المرويات ليست من الذكر الذي أنزله الله فلو كانت كذلك لما تهاون الرسول عليه السلام في تدوينها بحجة الخشية من اختلاطها بالقرآن فذلك سبب غير مقبول إذ أن لفظ وصياغة آيات القرآن
الكريم تختلف عن أي كتابة أخرى وهو ما يستطيع أي عربي اللسان أن يفرقها عن غيرها وهذا ما يدركه الجميع ومن ناحية أخرى فإن في هذا مغامرة واستهتار من قبل الرسول عليه السلام في حفظ جزء من الذكر وهذا مما لا
يليق بالرسول عليه الصلاة والسلام من هنا يتبين لنا بأن كل ذلك الموروث الذي يعض عليه المسلمين بالنواجذ ما هو إلا موروث بشري تاريخي قابل للطعن والرفض
إن أهمية هذا المشروع لا حدود لها فالقضية لم تتوقف عند مجموعة من الأحاديث المفتراة على الرسول وفقط بل أنها تعدت ذلك ليصبح هذا الموروث في كثير من الأحيان هو المرجع الأول للمسلمين مناقضين بذلك الترتيب
الذي يتردد دائما من أسبقية القرآن وهذا ما يتجلى بكل وضوح في عدة أمثلة فمثلا عندما تأتي آيات القرآن الكريم بذكر تشريع واضح وصريح وبلغة عربية بينة ومفهومة لا تحتمل التأويل يأتي إلينا علماء الدين بشرح
بعيد ومناقض بكل ما للكلمة من معنى لما أشارت إليه الآيات مستندين بذلك إلى مبدأين وهما وجود رواية من تلك الروايات الكثيرة التي تمتلئ بها كتبهم تخالف وتناقض الآيات الكريمة والمبدأ الثاني الذي كثير ما
يشهرونه في وجه من يجادلهم بأنك ليس ممن يملكون المعرفة الكافية لتفسير القرآن الكريم ضاربين بذلك عرض الحائط بسنة من سنن الله وهي أن يكون لدى كل البشر القدرة على معرفة الذكر الذي أنزله وفهمه بدون وساطة
أحد وهذا ما أكده الله عز وجل في أكثر من موقع من القرآن الكريم عندما أشار إلى أن هذا القرآن هو كلام عربي وليس أعجمي وبأن هذا القرآن يستخدم الحروف والكلمات العربية التي لا تحتاج لأي علم من العلوم حتى
يتم معرفة ما فيها، إن تقديم القرآن الكريم لا يكون إلا بتقديم آياته على أي مروية تحرف ما أنزله الله عز وجل.
تحديث للسؤال برقم 3
إن جدلية القرآن والسنة هي جدلية يرفضها معظم المسلمين لأنهم أراحوا أنفسهم من عبء البحث عن الحقيقة عندما أسدلوا هذه المهمة للعلماء ومنحوهم ثقتهم الكاملة معتقدين بأن ذلك سيعذرهم
يوم القيامة ليضعوا إثم ما شط به العلماء وساروا عليه في رقبة العلماء والمشايخ متناسين حقيقة مهمة أكدتها آيات القرآن الكريم بأن تبرأ التابعين للمتبعين لن يكون مقبولا عند الله عز وجل
ولعلنا في اقتباسنا لموقف وشهادة الرسول علية الصلاة والسلام يوم القيامة خير دليل على كذب وزور ما ينسبونه للرسول من أحاديث ومرويات تحت اسم السنة فالرسول سوف يشهد على المسلمين الضالين بأنهم قد اتخذوا
القرآن مهجورا ولعل من إحدى الطرق التي مهدت لذلك هي في إقامة تلك السنة المنسوبة للرسول.
أخيرا مهما كانت النظرة متفائلة للمشروع التركي فأن النتيجة وإن كانت مرضية على المستوى الرسمي والأكاديمي من حيث ما يجوز الأخذ به وما لا يجوز إلا أنها على المستوى الاجتماعي لن يكون لها ذلك الأثر الكبير
على فكر المسلمين وعلى نظرتهم لقدسية السنة مما يبين لنا حقيقة مهمة وسنة من سنن الله وهي أن الهداية لا تأتي بقوة الحجة ولا بإستنطاق العقل لدى الحائرين اللاهيين الذين لا يعون ولا يعقلون الدلائل
والحجج وإنما هي نعمة يؤتيها الله العزيز لمن يشاء