لم يكن يتوقع، سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي، أن اقتراحه بتغيير مصطلح "العربي" في "اتحاد المغرب العربي"، بصفة أخرى محايدة، قد يثير ضجة بلغت
أصداءها جميع الأقطار المغاربية فضلا عن الدياسبورا الامازيغية بأوروبا وأمريكا.وقد وضع
سعد الدين العثماني باقتراحه هذا، نظراءه بكل من الجزائر وتونس وليبيا في مأزق قد يعصف بهم إذا لم يتم تدارك الأمور في القادم العاجل.
ردود الفعل المتباينة التي استطعنا رصدها عبر الشبكة العنكبوتية من خلال المواقع الاجتماعية (فيسبوك وتويتر بالأخص) وكذا المواقع والجرائد الالكترونية فضلا عن المدونات التي عجت بالانتقادات
والتصريحات التي صبت جام غضبها على الوزير التونسي الذي عارض المقترح بشدة.
ردود الفعل ركزت على القول بأن شمال افريقيا لم تسمى بــ"لمغرب العربي" إلا بتأثير من البعثيين والقوميين العرب، كما أن "الأمازيغ لا يطلبون منّة ولا صدقة من أحد، فهم فوق أرضهم، وإذا كنا قد استبشرنا خيرا
بذهاب فلول البعثيين من منطقتنا وخاصة نظام العقيد القذافي، فالظاهر أن معركتنا ستستمر طويلا ضد بقايا الايديولوجية العروبية المتعصّبة، والتي تظهر من خلال مواقف وتصريحات المسؤولين بكل من تونس وليبيا
والجزائر"، كما جاء في احد التعليقات بالفيس بوك".
وقد طالب البعض الأمازيغ بكل من ليبيا وتونس بالقيام بثورة ثانية ضد فلول البعث ببلدانهم واعتبروا أن هذه الثورات التي حدثت بكل من تونس وليبيا لم تغير العقليات إذ لم تعمل إلا على تغيير "مقبض المنجل" كما
يقال عندنا، وأبقت على نفس الايديولوجيات المتعصبة والاقصائية.
واعتبر البعض الآخر، ان كلام وزير الخارجية التونسي مجانب للصواب إذ "العذر اكبر من الزلة كما يقال، لأن التذرع بالجغرافيا لإخفاء السند العرقي للمصطلح هو محاولة إخفاء الشمس بالغربال كما نقول عندنا، إذا
كان مصطلح المغرب العربي مصطلحا جغرافيا كما يقول سعادة الوزير التونسي، فهذا يعني أن الرقعة الجغرافية الممتدة من النيل إلى الأطلسي هي عربية وهذا يزيد الطين بلّة ولن يشفع لتحليل الوزير "النهضوي" في شيء،
هناك إذن مسيرة طويلة على إخواننا في تونس والجزائر وليبيا قطعها لإقناع حكامهم العروببين المتدثرين في عباءة الإسلام والجغرافيا لتبرير اللامبرر.." حسب احد المنتقدين.
من جانبه نوّه المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، بموقف سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون استبدال اتحاد "المغرب العربي" بـ"الاتحاد المغاربي"، معتبرا موقف العثماني جاء مطابقا لمضمون
الدستور المغربي المعدّل، ومنسجما مع مطالب القوى الديمقراطية في مختلف البلدان المغاربية.
وفي المقابل، هاجم المرصد وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام، الذي رفض مقترح العثماني مبررا ذلك بقوله إن نعت "العربي" في اتحاد الدول المغاربية ليس عرقيا بل هو نعت جغرافي و لغوي.
واعتبر بيان المرصد أن ما ذهب إليه وزير الخارجية التونسي يُعدّ من الأمور الغريبة التي تدلّ على مدى رسوخ "عقلية الميز لدى بعض المسؤولين"، ومدى "ضعف إلمامهم بثقافة البلدان المغاربية التي يتحدثون
عنها".
موضحا أن النعوت الجغرافية معروفة وهي التي تحيل حسب البيان على الإطار الجغرافي المادي وليس على الإنسان أو أيا من ممتلكاته الرمزية.
كما اعتبر المرصد الأمازيغي أن استعمال رفيق عبد السلام للفظة لغوي يضعه في "ورطة" لأن العربية ليست باللغة الوحيدة في شمال إفريقيا، "بل حلّت بهذه الربوع المغاربية حيث الأمازيغية لغة السكان الأصلية،
وتفاعلت معها عبر العصور".
مشيرا إلى أن رفض وزيري تونس وليبيا لمقترح الوزير المغربي "يتعارض مع روح الثورات المغاربية والانتفاضات الشعبية التي شهدها هذان البلدان"، وأن "تحفظ الوزير الجزائري يتعارض مع ما ينصّ عليه الدستور
الجزائري الذي يقرّ باللغة الأمازيغية لغة وطنية لكل الشعب الجزائري.
وسجل البيان استمرار العديد من المسؤولين المغاربة وكذا نشرات الأخبار في القناتين الأولى والثانية وقناة ميدي1 سات، في استعمال عبارة "المغرب العربي" عوض "الإتحاد المغاربي" التي ينصّ عليها الدستور
المغربي، داعيا مكونات الحركة الأمازيغية والمجتمع المدني والسياسي المغربي إلى التصدّي للنزوعات النكوصية والرجعية سواء وطنيا أو مغاربيا، والرامية إلى "تكريس الميز السابق وترسيخ قيم الاستبداد والإقصاء
من جديد.