حذر الشيخ يوسف القرضاوي مجددا من خطر السكوت على الخطط التي قال إن إيران وضعتها بهدف نشر التشيع، مشددا على أن المناداة بإغلاق الملف فرار من المواجهة مع
الواقع والواجب التصدِّي بالحكمة والاعتدال وان غزو المجتمعات السنية أقرَّ به الشيعة أنفسهم وأننا يجب ألا نكون ملكيين أكثر من الملك. ووجه القرضاوي إلى " الأمة الإسلامية " بياناً جديداً عبر رسالة مفتوحة
لأمين مجلس حقوق الإنسان المصري د. أحمد كمال أبو المجد أمين مجلس حقوق الإنسان المصري، محذرا من الخطر الذي ينتظرها في ظل ما اعتبره تمادي الغزو الإيراني الشيعي للمجتمعات الإسلامية السنية . وحرص القرضاوي
على تأكيد حقيقة أنه " لم يكن يوماً من الأيام مهيجاً ولا داعيا إلى فتنة ولا فرقة، بل داعية إلى التقريب بين الفرق الإسلامية ".
وقال إن دعوته إلى التقريب لم تكن مطلقة بل كانت مقيدة وكانت مشروطة بضرورة تجاوز عدة عقبات أبرزها: الموقف من القرآن ومن الصحابة وأمهات المؤمنين، والتوقف عن نشر المذهب الاعتقادي في البلاد الخالصة للمذهب
الآخر، والاعتراف بحقوق الأقلية الدينية والسياسية سواء كانت الأقلية سنية أو شيعية .
ورأى القرضاوي الذي يرد بهذه الرسالة على عدد من المقالات التي كتبت تنادي بوحدة الأمة الإسلامية أنه ما كان يوما داعية فرقة بل توحد ، مؤرخا لدعواته المتكررة لوحدة الأمة وتقاربها ، لكنه رأى الخطر يحدق
فقال: إن الخطر في نشر التشيع أن وراءه دولة لها أهدافها الإستراتيجية، وهي تسعى إلى توظيف الدين والمذهب لتحقيق أهداف التوسُّع ، وأضاف أنه النذير لقومه، والنذير لا يجلس في غرفة مغلقة ويصيح، ردا على من
قال له ما كان يجب أن يحذر بهذه الطريقة.
وبشأن ما قيل عن ضرورة أن يكون موقف القرضاوي بينه وبين علماء الشيعة في إطار محدود، قال الشيخ يوسف: لقد تم ذلك خلال أكثر من 10 سنوات في مؤتمرات التقريب وخلال زيارتي لإيران سنة 1988 مع علماء طهران وقم
ومشهد وأصفهان.. ولكنني وجدت أن المخطط مستمر وأن القوم مصممون على بلوغ غاية رسموا لها الخطط ورصدوا لها الأموال وأعدوا لها الرجال وأنشأوا لها المؤسسات، ولهذا كان لا بد أن أدق ناقوس وأجراس الخطر.
وأضاف القرضاوي لقد أردت أن أنذر قومي وأصرخ في أمتي محذراً من الحريق المدمر الذي ينتظرها إذا لم تصح من سكرتها وتنتبه من غفلتها، وتسد الطريق على المغرورين الطامحين الذين يطلقون الشرر فيتطاير ولا يخافون
خطره. ومضى قائلاً إن الغزو الشيعي للمجتمعات السنية ثابت وأقر به الشيعة أنفسهم، ومن يستريب في قولي، فلينظر إلى مصر والسودان وتونس والجزائر والمغرب وغيرها، فضلاً عن البلاد الإسلامية في أفريقيا وآسيا،
بل يجب أن ينظر إلى أرض الإسراء والمعراج فلسطين.. وهذه جريمة لا تغتفر لضرورة احتياج الفلسطينيين إلى التوحد لا إلى مزيد من الانقسام.
تحديث للسؤال برقم 1
وضرب القرضاوي أمثلة على خطر نشر التشيع في المجتمعات العربية السنية قائلا: الخطر في ذلك نراه بأعيننا، ونلمسه بأيدينا، في بلاد الصراع المذهبي الطائفي الذي راح ضحيَّته عشرات الألوف
ومئات الألوف، كما هو جلي لكلِّ ذي عينين في العراق، ميليشيات الموت، وتحريق المساجد والمصاحف، والقتل على الهُويَّة، قتل كل من اسمه عمر أو عثمان أو عائشة، إلى آخر ما شهدناه من مآس تقشعر لها الأبدان.كما
شهدناه في لبنان، وفي اجتياح حزب الله أخيرا لبيروت، وما صاحبه من جرائم لا تكاد تصدَّق. بل حسبنا ما يجري في اليمن الآن من صراعات دموية بين الحكومة من جهة وبين الحوثيين الذين كانوا زيدية مسالمين
ومتآلفين مع إخوانهم الشافعية، فلما تحوَّلوا إلى اثني عشرية، انقلبوا على أعقابهم، يحاربون أهلهم، ويقاتلون قومهم. وأضاف: الخطر في نشر التشيع أن وراءه دولة لها أهدافها الاستراتيجية، وهي تسعى إلى توظيف
الدين والمذهب لتحقيق أهداف التوسُّع، ومد مناطق النفوذ، حيث تصبح الأقليات التي تأسَّست عبر السنين أذرعا وقواعد إيرانية فاعلة لتوتير العلاقات بين العرب وإيران، وصالحة لخدمة استراتيجية التوسع القومي
لإيران.
وردا على دعوة الدكتور كمال أبو المجد إلى إغلاق هذا الملف بغير إبطاء، قال الشيخ يوسف القرضاوي: إني فتحتُ هذا الملف لأني شعرتُ بالخطر يهدِّد أمتي بمزيد من الانقسام في المجتمع الواحد، ومزيد من الصراع،
فبادرتُ بتنبيه قومي على الخطر، ورجوتُهم أن ينتبهوا للمآلات وللمخاطر التي يمكن أن تحيق بهم. وأضاف: إن الرائد لا يكذب أهله، والأمين لا يخون قومه، ولا يسعى امرؤ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يغمض العين
على ما يجري من حوله من تشييع المجتمع السني، وهو ساكت. وتابع: كأنك تريدني يا دكتور، أن أخون ديني ورسالتي، وأن أضلِّل قومي وأمتي، وأن أنقض الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ليبيّن للناس الحقَّ ولا
يكتموه، وأن أكون شيطانا أخرس، حيث أرى بلاد السنة تنتقص أطرافها أمام الغزو الشيعي، وأقف ساكتا، لأن السكوت من ذهب.
وقال القرضاوي في رسالته: كنتُ أودُّ من الدكتور أبو المجد أن يوجِّه رسالته هذه - أو رسالة مثلها على الأقل - إلى المفتونين بإيران وحزب الله من قومنا، بل من أصدقائه وأصدقائي، الذين يعز عليَّ أن أراهم في
موقف يفتقد الشرعية، والذين لم تحدِّثهم أنفسهم بكلمة نقد يوجِّهونها للذين أسفُّوا في خصومتهم معي، وافترَوا علي بالباطل، فخذلوني حيث تجب النصرة. وأضاف: وقد كان العراق ذا أغلبية سنية كبيرة إلى القرن
الثامن عشر، ثم بدأ الزحف المخطَّط في غفلة من الدولة العثمانية. بل كانت إيران نفسها سنية، كما يشهد بذلك تاريخ علمائها في التفسير والحديث والفقه والأصول واللغة والأدب والتاريخ وغيرها، ثم أصابها ما
أصابها، وغدت اليوم دولة التشيُّع الكبرى في العالم.
وختم الشيخ القرضاوي رسالته لأمين مجلس حقوق الإنسان المصري الدكتور أحمد كمال أبو المجد قائلا: هل يُراد منا أن ننام على آذاننا حتى يُتم الغزو مهمَّته في عقر دارنا، وتتحوَّل مجتمعاتنا عن معتقداتها،
وثوابتها، ونحن في غفلة لاهون، وفي غمرة ساهون؟ وإذا رفعنا أصواتنا محذِّرين ومنذرين كنا مثيري فتنة بين المسلمين؟"، وأضاف: أريد أن أسجل هنا نقطة مهمة، فمن العجيب أن وكالة الأنباء الإيرانية قد صمتت،
ومراجع الشيعة قد توارَوا إلى الخلف، وتركوا أهل السنة يردُّ بعضهم على بعض، وهم يتفرَّجون وهو مشهد مذهل حقًّا: ألا يوجد في المجتمع الشيعي كاتب واحد ينتصر لموقفي، أي لأهل السنة، في إيران أو العراق أو
لبنان أو الخليج! على حين أن نفراً من رجال السنة من هنا وهناك - ولا سيما في مصر بلد الأزهر - مَن ركب جواده، وامتشق سلاحه، دفاعا عن الشيعة المظاليم