حدثني صديقي و قرة عيني ،الحاج علي و هو رجل و الرجال قليل ،أوتي علم النساء و خبر كيدهن فقال :حدثني احد الرواة من بلاد الفرات ،أن فتى عجيبا من أحسن الناس
وجها ، قد ظهر في بلاد التركمان و قد علا شأنه بين نسوة هذا الزمان .شغفت به نساء العرب قاطبة إلا من رحم ربك و تذمر منه أزواجهن و إباءهن ،فتمنى الواحد لو قطف رأسه درأ للفتنة .
- قلت: عجبا لك يا رجل و من أين لك بخبر هذا الرجل ؟كنا ننتظر من بلاد التركمان ان تخرج لنا خليفة مسلمين يعيد الخلافة الإسلامية و يعلي شان الدين و يصلح ما فسد في تلك البلاد .
- قال: لقد ملك قلوب نساءنا و ما عادت أعينهن تبصر غيره و كل رجل سواه قرد ذميم و لو كان أخا حميم .لقد طارت عقولهن معه و استقرت خلف أسوار تلك القصور العجيبة على ضفاف خلجان اسطنبول. لم يبق في الدور غير
هياكل عظمية لنساء يلهجن باسمه و يسبحن بحمده في الأعراس و الولائم . اتخذن صوره على صدورهن كالتمائم .
- قلت هلا اخبرتني من هو ،ناشدتك الله حتى احترز منه و امنع عن نسوتى آذاه .
- قال : إنه " مهند و خبره لا يفند ٌ و إياك أن تذكره أمامهن بسوء فورب الكعبة لن تجد من يمنحك حق اللجوء .
- ضربت أخماسا بأسداس و قلت ضاعت الأمة يا صاحبي.افترقنا و عدت لبيتي قبيل صلاة المغرب :فإذا امرأتي ،و البنات عاكفات على مشاهدة التلفاز ،كأن على رؤوسهن الطير.
لم تحرك إحداهن ساكنا ،و لم توضع بين يدي قهوة المساء مع الكسرة الساخنة .صرخت و زمجرت فلم يلتفت الي احد منهم :كأن على ابصارهم غشاوة و هي شاخصة نحو التلفاز تشاهد رجلا طويلا زاده الله حسنا ،و كمالا ،كأنه
البدر ليلة اكتماله . كان الرجل ذي العينان الزرقاوان يفرعني طولا و عرضا .عرفت انه مهند و ان حظي الليلة مسود .ثارت في نفسي الغيرة الشديدة ،و حمية الجاهلية الأولى مع نخوة بني مرة و بنوا أسد و ذبيان .قرع
الشيطان طبول الحرب في أذني اليسرى فأعلنتها حربا كحرب البسوس لا تبقى و لا تذر .صرخت و زمجرت كالرعد و تطاير لعابي ذات اليمين و ذات الشمال و قلت :ويلي.... لقد اقتحم علي هذا الممثل خلوتي و دخل مخدعي و
هاهو الآن بين نسوتي.... يسرح و يمرح ......لا نجوت إن نجا.. توكلت على الله و رفعت التلفاز لاعلى عليين حتى جاوز قمة رأسي و طرحته ارضا ،فاثار دخانا عظيما و صوتا أصم الأذان و أرعب الجيران . و لا اعلم عن
حالي بعدها شيئا حتى أفقت من غيبوبتي فوجدت الوالدة تضع قطرانا في انفي و تبلل جبهتي بماء بارد و سمعت بعضهن يكنسن الزجاج على ضوء شمعة و ما تبقى من الابناء لجأ لركن و صار يرتعد رعبا و هلعا و يلعن هذا
المارق سبب كل بلية .