فتاوى إسلامية م2 - الشيخ ابن باز رحمه الله
هل يجوز القراءة من
الحاسوب في صلاة التراويح؟
السؤال:
هل يجوز قراءة القرآن الكريم عن طريق الحاسوب ( الكمبيوتر )
خلال أداء صلاة التروايح ؟
الجواب:
الحمد لله
القراءة عن طريق الحاسوب في الصلاة لها حكم القراءة من المصحف في الصلاة ،
وهي مسألة مشهورة ، وفيها خلاف بين العلماء ، فأجازها الشافعية الحنابلة ،
وذهب أبو حنيفة إلى بطلان صلاة من قرأ من المصحف .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 33 / 57 ، 58 ) :
"ذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز القراءة من المصحف في الصلاة ،
قال الإمام أحمد : لا بأس أن يصلّي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف ،
قيل له : الفريضة ؟ قال : لم أسمع فيها شيئاً.
وسئل الزّهريّ عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف ، فقال :
كان خيارنا يقرؤون في المصاحف .
وفي شرح " روض الطالب " للشيخ زكريا الأنصاريّ :
إذا قرأ في مصحف ، ولو قلَّب أوراقه أحياناً لم تبطل - أي : الصلاة -
لأن ذلك يسير أو غير متوال لا يشعر بالإعراض ،
والقليل من الفعل الذي يبطل كثيره إذا تعمده بلا حاجة : مكروه .
وذهب أبو حنيفة إلى فساد الصلاة بالقراءة من المصحف مطلقاً ،
قليلاً كان أو كثيراً ، إماماً أو منفرداً ، أمّيّاً لا يمكنه القراءة إلا منه أو لا ،
وذكروا لأبي حنيفة في علة الفساد وجهين :
أحدهما : أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير .
الثاني : أنه تلقنٌ من المصحف ، فصار كما لو تلقَّن من غيره ،
وعلى الثاني لا فرق بين الموضوع والمحمول عنده ، وعلى الأول يفترقان .
واستثني من ذلك ما لو كان حافظاً لما قرأه وقرأ بلا حمل فإنه لا تفسد صلاته ;
لأن هذه القراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقّنه من المصحف
ومجرد النظر بلا حمل غير مفسد .
وذهب الصاحبان - أبو يوسف ومحمد - إلى كراهة القراءة من المصحف
إن قصد التشبّه بأهل الكتاب" .... انتهى باختصار .
والقول بالجواز هو الذي يفتي به علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ،
والشيخ العثيمين ، والشيخ عبد الله الجبرين .
ولا شك أن الأولى هو أن لا يؤم الناس إلا من هو حافظ لكتاب الله تعالى ،
وأن يقرأ عن ظهر قلب .
سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
هل القراءة من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر قلب ؟ نرجو الإفادة ؟ .
فأجاب :
"أما من جهة قراءة القرآن في غير الصلاة : فالقراءة من المصحف أولى ؛
لأنه أقرب إلى الضبط ، وإلى الحفظ ،
إلا إذا كانت قراءته عن ظهر قلب أحفظ لقلبه وأخشع له فليقرأ عن ظهر قلب .
وأما في الصلاة : فالأفضل أن يقرأ عن ظهر قلب ؛ وذلك لأنه إذا قرأ من المصحف
فإنه يحصل له عمل متكرر في حمل المصحف ، وإلقائه ، وفي تقليب الورق ،
وفي النظر إلى حروفه ،
وكذلك يفوته وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر في حال القيام ،
وربما يفوته التجافي في الركوع والسجود إذا جعل المصحف في إبطه ،
ومن ثَمَّ رجحنا قراءة المصلي عن ظهر قلب على قراءته من المصحف" انتهى .
" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 2 / 35 ، السؤال رقم 16 ) .
ومن مفاسد القراءة من المصحف – ومثله الحاسوب أو الجوال – في الصلاة
أنها تقتل همَّة الإمام في حفظ القرآن ، وتقضي على رغبته في حفظه ،
فإذا علم أنه سيفتح مصحفاً في صلاته ، أو سينظر في الحاسوب أو الجوال :
لم يبذل وقته في حفظ كتاب الله تعالى ، ولم يحرص على إتقانه ،
فاحرص أخي على حفظ كتاب الله ، واقرأ منه في صلاتك عن ظهر قلب .
والله أعلم