ربما يبدو السؤال سهلاً ويتسارع الجميع في الإجابة عليه، ولكن للحق هو من الصعوبة بمكان .. فالدراسات التي دارت حول هذا الشأن كثيرة ومتعددة ويصعب حصرها في رد
بسيط على سؤالك.
ولكن إذا أردنا تلخيص الأمر بشكل وافي، سنلتزم مبدأ لطيف للغاية .. هو أنه كلما كبُر عمر الإنسان كلما قل عدد ساعات نومه ..
الطفل الرضيع: نائم معظم الوقت .. وهذا مفيد جداً للرضيع أن يقضي معظم وقته في النوم، والقليل من وقته في اللعب والطعام .. وذلك حتى العام الثاني.
الطفل من العام الثاني حتى السادسة (2 - 6): من المفضل أن ينام 12 ساعة .. أكثر قليلاً أو أقل قليلاً .. في هذه السن يبدأ الصغير بالتعرف على الحركة والنشاط، لذا فمن المفضل أن يجدد هذا النشاط في النوم
لعدد كاف من الساعات.
الطفل من (6 - 11) عام: هي سنوات الالتزام الدراسي الأول، ويجب على الطفل فيها تعلم الالتزام، والانضباط، ويبدأ جسده يتشكل استعداداً لمرحلة المراهقة، هذا غير النشاط الكبير الذي يبذله بدون وعي للشعور
بالتعب، لذلك يُفضل أن ينام في هذه الفترة لمدة تقارب الساعات العشر (10 ساعات)
من (12 - 30): فترة المراهقة والفتوة والشباب .. هي الفترة الطبيعية في حياة أي إنسان منا ويكون جسده فيها مستقراً بقوته وقدراته التي وهبها الله له، فيكون نشاطه غالباً متزناً، وإدراكه بالتعب واعي،
وأحتياجه للنوم معقول .. وهذه هي الفترة الأغلب من عمر الإنسان الذي يجب أن ينام فيها 8 ساعات لا أكثر ولا أقل .. فالنقص يؤدي إلى التعب، والزيادة تؤدي إلى الكسل.
من (30 - 50): هذه الفترة هي فترة التغيرات البيولوجية في جسم الإنسان منا، فيتوقف معدل حرقه للغذاء، ويبدأ وزنه في الزيادة، ويبدأ في التعرض للأمراض العصرية المرتبطة بالنظام الغذائي، ويبدأ جهده في
الانخفاض أو الانتظام، وبالتالي تقل عدد ساعات نومه .. فمن الممكن أن يكتفي في هذه المرحلة بـ 6 ساعات في اليوم وتكون كافية للغاية .. وأنا على سبيل المثال (وأنا في سن الثلاثين الآن) استطيع مواصلة يومي
بصورة طبيعية إذا نمت 5 ساعات فقط، وسيتم مناقشة نقطة تحديد عدد الساعات في الفقرات القادمة.
أكثر من 50 سنة: يبدأ الجسد في الضعف والشيخوخة تزحف على الإنسان، ويقل جهده كثيراً، ويصبح النوم عزيزاً وكلما تقدم في العمر يعز النوم أكثر .. أنصح كل من يدخل في هذه المرحلة بالمواظبة على ممارسة الرياضة
إنقاذاً لأنفسهم من هلاك مبكر بسبب قلة النشاط التي ترتبط مع السن (الخروج على المعاش، ثقل الحركة، الأمراض المزمنة، .. الخ) .. في هذه المرحلة نوم 4 ساعات يكون كافياً للغاية لمن في هذا السن، ويستطيع بعد
هذا العدد القليل مواصلة نشاطه اليومي بدون أي إحساس بالحاجة إلى النوم، اللهم إلا التعب الطبيعي الذي يأتي إليه بحكم السن.
وهناك دراسات مستفيضة في أن الإنسان يستطيع إخضاع الجسم للعدد الذي يريده من ساعات النوم، بدون الخضوع للقياسات التي أوردتها في الفقرات السابقة .. فهناك من الناس (رجال الأعمال المشهورين بالتحديد) قد
وظفوا أعضاء جسمهم حتى لا يتجاوز عدد ساعات نومهم 6 ساعات مهما كان الضغط الواقع عليهم، أو المجهود الذي بذلوه .. وهناك بعض العصاميين الذين يصرون على النوم فترة لا تزيد عن 4 ساعات، وتجد جسدهم محملاً
بالنشاط والمواظبة على العمل بدون الإحساس بالإرهاق أو التعب .. وعلى الرغم من أبحاث العلماء في حاجة الجسم إلى النوم، فإن هذا الجسد - سبحان الله - يتكيف على ما تعوده عليه من عادات ليصبح طوع أمرك
..
وحتى لا نبتعد عن الحقيقة .. أنا لي تجربة شخصية في هذا الشأن .. أثناء قضاء الخدمة العسكرية، كنت يومياً أنام في العاشرة مساءاً واستيقظ الرابعة صباحاً وذلك كل يوم .. وطوال 18 ساعة هي يومي في الحياة
العسكرية لا ترى عيني النوم، أو حتى الغفوة لبضع دقائق على الرغم من اليوم المجهد الذي أقضيه .. وهذا يثبت حقيقة أن الجسد يقبل ما تطوعه عليه .. والله أعلم.