نثر الدرر في علامات ظهور الإمام المهدي المنتظر (1)
[B][B]فرش:لقد تحدث عن ظهور الإمام المهدي عليه السلام بعض علماء أهل السنة في بعض القنوات الفضائية أثناء الحرب على قطاع غزة... وتحدث عن ذلك الكاتب الصحفي المصري محمد عيسى داود في
كتابه:"المهدي المنتظر على الأبواب"، وتحدث عنه كذلك الأستاذ الباحث محمد الشويكي في كتابه النفيس:"المهدي المنتظر والخلافة الثانية على منهاج النبوة"...
أضف إلى هذا أن كل الأمة تتحدث عن الفتح القريب وكل الدعاة يتحدثون على أن شمس الإسلام قريبة الشروق؛ فمنهم من يعبر عن ذلك "بالنصر المبين" ومنهم من يسميه"الخير الكبير" ومنهم من يسمي "الفرج
لأمة سيدنا محمد صلى الله عليو وسلم" ومنهم من يسميه "بأن خيرا كبيرا قد أتى" ومنهم من يسميه "باليسر بعد العسر" و"الفرج بعد الشدة" ومنهم... وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم يسمي
هذا الفتح الذي يتحدث عنه الجميع في القنوات الفضائية والإذاعات والصحف والمجلات وفي المواقع الالكترونية "بالمهدي" أو "رجل من عترتي"؛ فلا مشاحة في الألفاظ والاصطلاحات ولكني أختار المصطلح النبوي إن سماه
غيري فتحا وتمكينا ونصرا وخيرا كبيرا فمصطلح "المهدي" جامع لكل تلك الألفاظ والمسميات.
ولعل الأيام القادمة ستجيب عن كل الإشكالات حول قضية الإمام المهدي عليه السلام.. لأنه كما جاء في الأحاديث والآثار أنه يخرج ومعه دليل صدق دعوته وبرهانه ومعه آلاف من الملائكة جبريل على
مقدمته وميكائيل على ساقته... وأثناءه يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويتبين نسب الإمام المهدي وموطن خروجه ... وتسقط الدعاوى الباطلة التي اكتوت بنارها الأمة المسلمة عقودا من الزمان.
وسأذكر هنا بعض العلامات قبل ظهوره:
1- يظهر حين لا يكون للناس خليفة يطبق شرع الله عز وجل:لقد غابت الخلافة الإسلامية عن الأمة بعد 30 سنة من وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأ الملك العاض مع بني أمية إلى نهاية
الدولة العثمانية. وبدأ الحكم الجبري على يد عميل اليهود مصطفى كمال أتاتورك سنة 1924م وهو مستمر إلى يومنا هذا.. وقد اقترب أفول نجمه وانطفاء شمعته وذبول زهرته... واقترب شروق شمس الخلافة الثانية على
منهاج النبوة المتمثلة في الإمام المهدي الحسني عليه السلام:
عن سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:« تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ
يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضًّا فَيَكُونُ مَا
شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا
ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ». رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال الشيخ الألباني حديث صحيح.
ومنذ سقوط الدولة العثمانية التي كانت تمثل شوكة الإسلام في ذلك الوقت تعطلت أحكام الشريعة الإسلامية في السياسة والاقتصاد والحرب والإعلام والمجتمع، إلا في بعض قضايا الطهارة والحيض
والنفاس...
ومنذ ذلك الحين غابت الشريعة الغراء عن الساحة السياسية وحل مكانها الديمقراطية الغافلة عن الله والدار الآخرة، واللائيكية الكافرة بالله والاشتراكية...
والدليل على أن الإمام المهدي عليه وسلم يظهر في هذا الوقت الذي غابت فيه الشريعة عن الحياة والمجتمع: روى الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : صلى الله
عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدواناi (قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
حسب الحديث الشريف أن الإمام المهدي عليه السلام يظهر وقد ملئت الأرض قبله ظلما وجورا... وها نحن نرى ذلك بأم عيوننا، لم يبق شبر في الأرض إلا ووصله الظلم والجور... العراق مئات القرابين
البشرية في اليوم الواحد... أفغانستان,,, باكستان،،، وكل العالم يعاني من الظلم وأخيرا غزة الصمود وهاهو يعانون الحصار من العدو ومن الصديق والجار...
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سمت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه، ويفر منهم
بقلبه، فإذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزاً، قصم كل جبار، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها.
يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم على يديه، ويظهر الإسلام، لا يخلف وعده وهو سريع الحساب" . أخرجه الحافظ أبو نعيم
الأصبهان، في صفة المهدي.
عن قَيْسِ بن جَابِرٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه سولم، قَالَ: "سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ،
وَمِنْ بَعْدِ الأُمَرَاءِ مُلُوكٌ، وَمِنْ بَعْدِ الْمُلُوكِ جَبَابِرَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا".
أليس هذا هو ذلك العصر الذي أخبر به من لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه.
2- يظهر وقد امتلأت الأرض ظلما وجورا:جاء في عقد الدرر في أخبار المنتظر للشيخ العلامة يوسف بن يحي المقدسي الشافعي رحمه الله: وعن عبد الله بن عطاء، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر،
عليهما السلام، فقلت: إذا خرج المهدي بأي سيرة يسير؟ قال: يهدم ما قبله، كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأنف الإسلام جديداً". وهذا يعني أن الأرض قبله قد ملئت ظلما وجورا وعنتا...
وفي الأحاديث السابقة شاهدنا في هذه العلامة.
3- ظهور الاختلاف والفرقة بين المسلمين:لقد انتشر الاختلاف بين المسلمين كانتشار النار في الهشيم:
المذهبية: هؤلاء سنة وأولئك شيعة، هؤلاء مالكية وأولئك حنابلة...
النُّعَرات القبلية: هؤلاء عجم وأولئك عرب...
التناطح السياسي: بين مصر وسوريا، وإيران والبحرين، والمغرب والجزائر، والكويت والعراق...
التفرق بين علماء الأمة، التفرق بين الحركات الإسلامية...
وقد يقول قائل إن الاختلاف قديم منذ عصور الصحابة رضي الله عنهم؟ فأجيبه بقولي: إن الاختلاف الذي كان بينهم أنذاك هو اختلاف في فروع الدين وبعض مسائله لكنهم كانوا مؤتلفين كالجسد الواحد... أما
اليوم فقد دخل الاختلاف والفرقة حتى إلى الأسرة الواحدة في البيت الواحد فضلا عن الأمة الإسلامية...
لقد وصلت الفرقة والانقسام أوجها وقد نطق بهذا أمين جامعة الدول العربية عمرو موسى وطالما أخفى هذه الحقيقة الانقسام الفظيع بين الدول العربية...
وهذه علامة من أكبر العلامات على ظهور الإمام المهدي عليه السلام: عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ":أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ
يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاسِ وَزَلاَزِلَ فَيَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأَرْضِ يَقْسِمُ
الْمَالَ صِحَاحاً". رواه الإمام أحمد في مسنده.
فظهور الإمام المهدي الحسني الفاطمي عليه السلام يُنهي هذا التمزق وهذا الشتات وهذا الانقسام وهذا الشرخ الكبير في جسم الأمة وبين أبنائها.. فهو الخليفة الذي سيؤلف الله به بين أبناء الأمة
الإسلامية بعد الفرقة والشتات والطائفية وحمية الجاهلية -أم الفتن-. سيؤلف الله به بين المسلمين كما ألف الله بجده صلى الله عليه وسلم بين العرب والعجم والأوس والخزرج بعد عداوة الشرك والجاهلية والنُّعَرات
القبلية.
4- ظهوره في عصر الزلازل:جاء في الحديث السابق أن الإمام المهدي u يظهر في عصر الزلازل، والزلازل في الحديث لفظ مشترك، تطلق على اضطراب الأرض وتحركها كما في قوله عز وجل: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ
الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ )الزلزلة:1) .
وتطلق كذلك على الأهوال والشدائد لقوله جل وعلا: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ
وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة:214). وقوله جل شأنه: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ
الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً﴾ (الأحزاب:11). والأرجح أن الحديث النبوي الشريف يقصد هذا النوع من الزلازل لاقترانها بالاختلاف والفرقة والتشتت والتمزق كما جاء في الحديث..
وقد يقول قائل المقصود هو المعنى الأول فنجيبه: فإن ما شاهدناه في هذا العصر ونشاهده من الزلازل التي عمت ربوع المعمورة لخير دليل على هذه العلامة، فالزلازل في اندونيسيا وأمريكا وكل الدول لا
تكاد تخلو سنة من زلزال بحيث لم يكن هذا من قبل.